فيلادلفيا - عبدالمحسن المطيري:
هل كان فيلم المخرج البريطاني بول غرانجراس «captain phillips» يهدف لتحسين صورة الجيش الأمريكي من خلال السينما؟ أم كان توثيقاً موضوعياً عادلاً لأحد أكثر القصص إثارة للجدل في تاريخ النقل البحري الأمريكي الحديث.
يبدأ الفيلم من بتصوير طاقم السفينة «الباما» التي يقلها الكابتن فيلبس وطاقمه المكون من أكثر من عشرين رجلاً في مهمة نقل بضائع تصل قيمتها لأكثر من 20 مليون دولار عن طريق اختراقهم لبحر العرب واقترابهم من شواطئ الصومال المليئة بقراصنة البحر.
في فيلم «captain phillips» نجد نقلاً حذراً للأحداث كما فصلها الكابتن الحقيقي الذي تعرض للاحتجاز ريشارد فيلبيس والذي ذكر في أحد مقابلاته أن الفيلم نقل الأحداث بشكل موضوعي، ولكن لم يوفق في بعض التفاصيل، حيث أكد أنه لم يكن بطلاً في الحدث، عكس ماجري للكابتن فيلبيس في الفيلم والذي قام بدور بطولته الممثل الشهير توم هانكس.
براكد عبدي الممثل الصومال المغمور والذي كان سائق تاكسي في ولاية مانيسودا في الولايات المتحدة، يقدم هو الآخر دوراً هاما لقائد العصابة الصومالية التي استهدفت السفينة «آليباما».. من المعقد جداً أن نفصل الإجابة للسؤال المحوري للفيلم، وهو هل كان الفيلم مجرد مسوق للآلة العسكرية الهائلة للجيش الأمريكي؟ .. أم كانت مهمة المخرج والكاتب هي فقط سرد على نحو معتدل للحدث التاريخي الذي كانت بعض أحداثه غير معلنة بسبب حساسية التدخل العسكري الاستخباراتي أثناء الأزمة.
من المعروف طوال تاريخ هوليود أن هناك أفلاماً واضحة الشكل والفكرة تخدم السياسة الأمريكية الخارجية ومهمتها الأولى هي تلميع صورة الجيش الأمريكي مثل «انقاذ الندي راين» و«باسم آباؤنا»، ومن الجانب الآخر نجد هناك أفلاماً من اليسار تقدم نقداً حاداً و واضحاً لسياسة الولايات الأمريكية الخارجية مثل أفلام اليفيرستون الحربية ومايكل مور الوثائقية وأفلام أخرى مثل «Zero Dark Thirty» للمخرجة كاثرين بيفلوا وغيرها.
إن معرفة سيرة المخرج مهمة للوصول لاستنتاج منطقي وعقلاني لمثل نوعية هذه الأفلام غير الواضحة الأهداف، سيرة المخرج بول غرانغراس كانت إلى حد كبير حادة و واعية لحد كبير خصوصا السياسية أو الاستخباراتية منها مثل «يونايتد 93» و«سلسلة بورن»، فمن خلال هذه الأفلام والتي تعتبر الأهم في مسيرته نعرف جيداً أن هذا المخرج لا يهدف أبداً لتلميع صورة الولايات المتحدة، بل يقدم حدثاً روائياً بشكل موضوعي غير منحاز.
هذا الفيلم بكل تأكيد أحد أبرز أفلام العام المثيرة للأعصاب وللجدل معاً، يبرز مونتاج الفيلم بلمسات الرائع كرسيتوفر روس كأحد أفضل الأفلام من ناحية التحرير خلال العام، وفق المخرج كثيراً في تصعيد الأحداث للوصول إلى الذروة التي كانت مفصلية في شد المشاهد وجعله منتبهاً طوال مدة الفيلم، أحد الأفلام القوية هذا العام من ناحية الأداءات التمثيلية، توم هانكس بعد تخبطات عادة من عام 2000 يعود بقوة هذا العام من خلال هذا الفيلم وفيلمه الآخر بشخصية المنتج الشهير والت دزني، ولا ننسى الممثل الصاعد (الصومالي) براكاد عبدي والذي نال ترشيحاً أوسكارياً مستحقاً عن دوره الثانوي العتيد في الفيلم.