لا يزال مسلسل الأخطاء الطبية يتكرر باستمرار وسيتكرر مستقبلاً ما لم يكن هناك آلية تحد من وقوعها، وكثير من المرضى ومراجعي المستشفيات والمراكز الطبية يشتكون من إهمال وتقصير نتيجة عدم كفاءة بعض الكوادر الطبية من أطباء وممرضين، إضافة إلى قلة الخبرة وضعف المستوى الذي يؤهلهم لممارسة الطب والتمريض، كونها مهنة حساسة وحيوية قد ينتج عنها وفاة أو إعاقة دائمة، لذلك لا بد من وضع حد يوقف هذا النزيف البشري ومحاسبة المقصر تحت مظلة النظام والقانون حتى لو استدعى الأمر إنشاء محاكم خاصة للفصل في القضايا الطبية تكون أحكامها نافذة ومطبقة على كل من يثبت تقصيره وإهماله بشكل متعمد. وتكون مستقلة عن وزارة الصحة.
وتصنف الأخطاء الطبية إلى نوعين، وهما خطأ طبي مهني - وخطأ طبي غير مهني، وأما الخطأ الطبي المهني فهو الخطأ الذي يتعلق بالمهنة الطبية من حيث الأصول والممارسة، سواء كانت يسيرة أو معقدة؛ بمعنى آخر: خروج الطبيب أو الممرض في سلوكه المهني عن قواعد وأصول الطب المتعارف عليها في الأوساط الطبية أثناء إجراء العملية، وربما يكون جهلاً أو إهمالاً وعدم معرفة مثل: سوء التشخيص الذي يرجع إلى عدم قدرة الطبيب عملياً على تشخيص الحالة بالمقارنة مع من هم في مستواه من الأطباء وعدم استعماله لوسائل التشخيص المطلوبة والمعروفة. وأما الخطأ الطبي غير المهني فهو ذلك الخطأ الذي ليس له علاقة بأصول وقواعد مهنة الطب نتيجة سلوك إنساني بسبب عدم الالتزام بالقواعد العامة التي يتوجب على جميع الناس الالتزام بها وهذا الخطأ بسبب سلوك فردي يمارسه الطبيب كأي إنسان آخر ولا علاقة له بمهنة الطب.
وقد يكون لضعف الرقابة وقلة الجولات التفتيشية المفاجئة للمراكز الطبية والمستشفيات وتفعيل أساليب وزارة الصحة في المتابعة الدقيقة على المستشفيات والتأكد من شهادة الأطباء التي تؤهلهم للعمل كأطباء فعلاً وبكل دقة ومحاسبة المقصّر وإعادة النظر في بعض الغرامات المالية المفروضة على المراكز الطبية والمستشفيات لتكون رادعة، كما أن وزارة الصحة يجب ألا تنتظر حتى يتقدم المريض بشكوى ضد طبيب أو مستشفى تضرر منه، بل لا بد من متابعة سابقة ولاحقة لجميع الإجراءات الطبية لضمان عدم وقوع أي خطأ طبي مستقبلاً، والأمل كبير في وزارة الصحة بإعادة النظر بالكامل في التعامل مع الأخطاء الطبية التي ذهب ضحيتها أناس أبرياء وحان الوقت لوضع حد نهائي وحل جذري لهذه المشكلة الخطيرة والمزمنة.