ظل الحديث عن التحرُّش الجنسي حبيس الألسن والأنفس لاعتبارات يعلمها القارئ البسيط؛ وذلك كون حدوثه لم يصل للعلن والظاهرة، وظل مختفياً؛ فتتم معالجته بطرق لا توحي بوقوعه، بل صار السكوت عنه أمراً حتمياً لا يقبل النقاش ستراً على الجاني والضحية. ولعل أحدث وقائع التحرش، التي تناقلتها وسائل الإعلام المتعددة، وتحولت إلى قضية رأي عام، وتناولها المعنيون بالشأن الاجتماعي والنفسي بعد أن طرحها المغردون والمشاركون في مواقع التواصل الاجتماعي، وأظهروا بها مدى رفضهم وغضبهم تجاهها، هي ما بدر من ذلك المتحرش بطفلة المدرسة بالقرب من أحد المصاعد بإحدى الشقق بالمنطقة الشرقية. ولم تكن تلك الواقعة الأولى؛ فقد سبقها تحرش خمسة شباب بفتيات في أحد المولات بمدينة الظهران، بالرغم من إعلان بعض وسائل الإعلام إيقاع عقوبات تعزيرية بحق أولئك المتحرشين. وتأتي المطالبة بوضع آلية وعقوبات رادعة للمتحرش لتسهم في تقويض هذا الخلق المشين الذي يتصادم مع الشرع والعرف والخلق النبيل، وتلفظه الفطر السليمة، مع ضرورة نشر ثقافة الحماية والوقاية من التحرش اللفظي والجسدي داخل المؤسسات التربوية والتعليمية لحماية الطلاب والطالبات من صور التحرش داخل المدرسة وخارجها. فهل تبادر وزارة التربية والتعليم، ممثلة في وكالة المقررات والمناهج، بوضع مفردات تثقيفية عن الحماية للجنسين على حد سواء، والتنسيق مع مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني لعقد دورات تدريبية وتثقيفية للمعلمين والمعلمات حول حماية أبنائهم من التحرش؟ والله من وراء القصد.