أموال ضخمة تُنفق على تطوير مناهج الرياضيات والعلوم في مدارس التعليم العام، لكن النتيجة حتى الآن غير مرضية والمخرجات «دون المستوى» المطلوب.
هذا الاستنتاج لم يتوصل إليه شخصٌ يراقب العملية التعليمية من بعيد، وإنما جاء من شخص يقف في قلب تلك العملية، ويتسنم منصب المدير التنفيذي للتطوير المهني بشركة تطوير المهندس عبداللطيف الحركان، وبالتالي فهو يعرف أبعاد الكلام الذي نقلته عنه جريدة «الوطن» ولابد أن يؤخذ كلامه على محمل الجد.
هنا لا بد أن نتذكر أن إنفاق المال وحده مهما كان ضخماً لا يعني بالضرورة أن النشاط الذي يُنفق عليه المال يتطور.
ربما يذهب جزءٌ كبير مما يُنفق على جوانب ثانوية غير مهمة، ومن ثم لا يمكن أن نتوقع أن إنفاق المال سيحقق بشكل تلقائي التطور المطلوب.
حقيقة الأمر أن الرياضيات والعلوم مظلومة في مناهجنا، وهذا ليس مستغرباً في مجتمع كان ينظر بريبة كبيرة إلى العلوم والرياضيات. وقد روى الأستاذ حمد الجاسر رحمه الله في ذكرياته عن التعليم كيف أن إدخال العلوم والرياضيات إلى المناهج التي تُدرس للطلاب واجه في البداية رفضاً كبيراً ومقاومة شرسة. ونحن، بالطبع، تجاوزنا تلك المرحلة فلا يوجد اليوم إنسانٌ عاقل يشك في أهمية الرياضيات والعلوم، لكن ما نواجهه هو خلط في الأولويات. ففي حين وضعت كل الأمم المتقدمة مادتي الرياضيات والعلوم على رأس أولوياتها التعليمية لا نفعل نحن مثل ذلك. ومن غير النادر أن تجد أناساً عندنا ينظرون إلى الرياضيات على أنها مجرد عمليات حسابية أقرب إلى الرياضة الفكرية ولا يعرفون أن معظم ما نتمتع به من منتجات أساسية في حياتنا هي من ثمار الرياضيات.
لقد حان الوقت كي ينهض مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم بمهمة التركيز على الرياضيات والعلوم باعتبارها الركن الركين الذي تقوم عليه نهضة الأمة، وأن يسارع إلى اختصار المدة الزمنية لرفع مستوى تدريس الرياضيات والعلوم، وهذا لا يقاس بحجم الأموال التي تُنفق وإنما بعمق الأفكار التطويرية التي يتم تطبيقها.
ربما أن الفترة السابقة التي مرت على إنشاء المشروع كانت مرحلة تأسيسية، وأظن أننا الآن قد تخطيناها وأصبح من الضروري أن نرى نتائج على الأرض، فالعالم يتطور من حولنا، وبوصلة التطور وقاطرته هي الرياضيات والعلوم. تلك حقيقة يجب أن نعيها جيداً وأن نذلل كل العقبات التي تعرقل مسيرة تطور التعليم وخاصة ما يتعلق بالرياضيات والعلوم والتقنيات الحديثة.