استبعد خبير نفطي ما تنبأ به تقرير نُشر مؤخرا عن تصدر الولايات المتحدة قائمة منتجي النفط بحلول 2015 معتبرا هذا الحديث تضليل صريح. وقال الدكتور أنس الحجي: إن ما يقال عن استقلال الطاقة في الولايات المتحدة نتيجة ثورة النفط والغاز هو ضرب من ضروب الخيال، ولكن يمكن القول بأن أمريكا الشمالية، والتي تضم كندا والولايات المتحدة والمكسيك، قد تصبح مصدّر صافي للطاقة. فهنا الحديث عن أمريكا الشمالية ككل، وعن كل مصادر الطاقة، وليس النفط فقط. أما الأمر الثاني أن ما تقوله إدارة معلومات الطاقة وغيرها من أن الولايات المتحدة ستصبح أكبر منتج للنفط بحلول 2015م مضلل لأن الحديث عن «مجموع السوائل النفطية» وليس النفط الخام والسوائل النفطية هنا تتضمن كل المنتجات النفطية، بما في ذلك الإضافات التي تنتجها المصافي، والسوائل الغازية المنتجة من المصافي ومعامل الغاز، وسائل الإيثانول المستخرج من الذرة. لذلك يمكن القول بأن الولايات المتحدة قد تصبح أكبر منتج للسوائل النفطية، ولكنها بالتأكيد ليست أكبر منتج للنفط الخام، حيث ستظل السعودية وروسيا تنتج كميات أكبر. وقال الحجي: علينا أن نفرق بين «تكلفة الاستعمال» و»التكلفة الحدية» من جهة «وبين «تكاليف الاستخراج» و»تكاليف استخراج النفط كمصدر ناضب من جهة أخرى»، وهناك ارتباط بين كل هذه الأمور. وفيما يتعلق بتكلفة الاستعمال مقابل التكلفة الحدية قال: إن هناك خلافا كبيرا حول مفهوم هذه التكاليف بين كبار المتخصصين في هذا المجال. ولكن يبدو أن وجود اتفاق بين أكثرهم أنه يجب التفريق بين الشركات الوطنية التي تملكها الدول النفطية من جهة، وبين الشركات العالمية وغيرها المملوكة ملكية خاصة. ففي حالة الشركات الوطنية يتم تطبيق مفهوم «تكلفة الاستعمال»، وليس مفهوم «التكلفة الحدية». و تتضمن «تكلفة الاستعمال» في مفهومها الأوسع تكاليف مشاريع التنمية بكافة أشكالها في الدول النفطية. بناء على هذا المفهوم فإن أسعار النفط التي تريدها حكومات هذه الدول تتجاوز 90 دولارا للبرميل، وتتجاوز التكاليف الحدية لأي نفط منتج في أي مكان، حتى في ألبرتا. هذا يعني أن متطلبات أوبك المالية من إيرادات النفط تتطلب سعرا أعلى من تكاليف إنتاجه في ألبرتا الكندية. وبعبارة أخرى، إذا انخفضت أسعار النفط إلى 60 دولارا للبرميل مثلا، فإن أكثر الدول تضررا الآن هي دول أوبك، وستتوقف الكثير من المشاريع التنموية، وسيعاني بضها من مشاكل مالية واقتصادية وسياسية، ولكن أثر ذلك على أمريكا الشمالية سيكون محدودا، وقد يخفض الإنتاج خلال عامين بحدود 20-30%. وتطرق كبير الاقتصاديين في شركة إن جي بي الأمريكية إلى تكاليف الاستخراج مقابل استخراج النفط كمصدر ناضب حيث أوضح أن تكاليف الاستخراج هي تكاليف نقل النفط من باطن الأرض إلى سطح الأرض، واخفضها في دول الخليج. ولكن ما سعر النفط نفسه؟ تكاليف نقل النفط شيء، وسعر النفط، شيء آخر. التقرير ركز على المفهوم الأول، وهو مفهوم غريب بحت. ولكن في الواقع يجب التركيز على تكاليف نقل النفط من باطن الأرض إلى خارجه، ثم التركيز على سعر النفط كسلعة ناضبة. سعر النفط كسلعة ناضبة مرتبط بمفهوم «تكلفة الاستعمال».