تنهض إدارة الشؤون العلمية في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، بمهمات جليلة، يأتي في مقدمتها الإشراف المباشر على الإنتاج العلمي الذي يُعَدُّ هدفاً رئيساً من أهداف المجمع. ويتبع هذه الإدارةَ مركزان متخصصان، الأول: مركز الدراسات القرآنية، والثاني: مركز الترجمات، كما تشرف الإدارة على المجلة العلمية التي يصدرها المجمع.
ويضم مركز الدراسات القرآنية ثُلَّةً من أساتذة الجامعات، والباحثين المتخصصين بالقرآن الكريم وعلومه، وقد صدر عن المركز «التفسير الميسر» في طبعته الثانية المزيدة والمنقحة وقد روعي في التفسير منهج السلف في أصول التفسير وموارده، كما روعي فيه سهولة العبارة ووضوحها في التعديلات الطارئة، كما صدر عن المركز « فهرست مصنفات التفسير» في ثلاثة مجلدات وقد رُصدِت فيه حركة التأليف في تفسير كتاب الله، من أول نشأتها إلى العصر الحاضر ضمن منهج محدد. وقد رُصِد في هذا الفهرس (6124) كتاباً، كما حقق المركز كتاباً ذا شأن كبير في حقل علوم القرآن الكريم وهو كتاب الحافظ السيوطي: «الإتقان في علوم القرآن» وذكر فيه ثمانين نوعاً. وهذه الطبعة هي أول طبعة علمية للكتاب، وقد جُمِعت مخطوطاته المتوزعة في مكتبات العالم، ومنها نسخة المكتبة الآصفية بالهند، التي قرأها على المؤلف تلميذه الناسخ، وقام الباحثون بتحقيقه وفق الأصول العلمية لفن التحقيق، وتمَّ تخريج نقولاته على غزارتها، وتوثيق الآثار على كثرتها، والتعقيب على مواطن الوهم، وضَبْطُ النص، وشرحُه، وقُدّم للكتاب بمقدمة وافية تجاوزت مئة صفحة، وقد صدر الكتاب في سبعة مجلدات. وتوجه الباحثون في المركز إلى تحقيق أكبر موسوعة في القراءات القرآنية، وهي موسوعة: « لطائف الإشارات لفنون القراءات» للإمام القسطلاني «، وقد جَمَعَ المؤلف القراءات العشر المتواترة، وزاد عليها القراءات الأربع الشاذة، وقام بعرضها وتوثيقها وتوجيهها وتحرير مسائلها المختلف فيها، والترجيح بينها، وسوف تصدر هذه الموسوعة في أحد عشر مجلداً ـ إن شاء الله ـ، وفرغ المركز من تحقيقها، وتمَّ صَفُّها في المركز، وتجري الآن مراجعتها واستكمال توثيقاتها. ومن المتوقع أن يبدأ المجمع في طباعة الكتاب في السنة القادمة ـ إن شاء الله ـ. ومن المصنفات التي قام المركز بإعدادها وجاري طباعتها حالياً،: « فهرس مخطوطات الدراسات القرآنية في مكتبات المدينة المنورة» وجرى في هذا الكتاب توصيف (2.384) مخطوطاً في القرآن وعلومه، شمل خمس مكتبات وهي: مكتبة الملك عبدالعزيز من خلال (16) مكتبة وقفية ملحقة بها، وضمَّت (1.965) مخطوطاً، ومكتبة الحرم النبوي وَضَمَّتْ (175) مخطوطاً، ومكتبة الجامعة الإسلامية، وَضمَّتْ (91) مخطوطاً، ومكتبة السيد حبيب محمود وَضمَّتْ (30) مخطوطاً، ومكتبة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف وَضمَّتْ (123) مخطوطاً،كما صدر عن المركز بالتعاون مع اللجنة العلمية لمراجعة المصحف الشريف كتاب «التجويد الميسر» في مجلد واحد. ومن المصنفات التي تحت الطباعة فهارس «إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة» وتقع هذه الفهارس في خمسة مجلدات، وسبق للمجمع أن طبع الكتاب في (20) مجلداً، وكتاب «المنتخب من أحاديث الآداب والأخلاق». ويعكف المركز الآن على إعداد معجم «كُتَّاب المصحف»، ومعجم موضوعات القرآن الكريم، وغريب القرآن، والمنتخب من أحاديث الأحكام، إلى جانب كتب هي: «التبيان في معرفة تنزيل القرآن» للعطار، و»حسن المدد في معرفة فن العدد» للجعبري، و»وقوف القرآن وأثرها في التفسير»، و»المنتهى في القراءات» للخزاعي، و»النشر في القراءات العشر» لابن الجزري، و»تقريب النشر» لابن الجزري، و»شرح طيبة النشر» لابن الناظم، و»سراج القارئ المبتدي» لابن القاصح. وقد أشرف المركز على تنظيم الندوات العلمية التي عقدها المجمع ومراجعة بحوثها، ندوة: (عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن الكريم وعلومه) عام1421هـ، وندوة: (ترجمة معاني القرآن الكريم، تقويم للماضي وتخطيط للمستقبل) عام1423هـ، وندوة: (عناية المملكة العربية السعودية بالسنة والسيرة النبوية) عام1425هـ، وندوة: (القرآن الكريم في الدراسات الاستشراقية) عام1427هـ،وندوة: (القرآن الكريم والتقنيات المعاصرة، تقنية المعلومات) عام 1430هـ.
أما المركز الثاني « التي تشرف عليه إدارة الشؤون العلمية « فهو مركز الترجمات الذي يُعنى بترجمات معاني القرآن الكريم إلى مختلف اللغات، ودراسة المشاكل المرتبطة بهذه الترجمات وتقديم الحلول المناسبة لها، وإجراء البحوث والدراسات المتعلقة بالترجمات الحالية، وقد صدر عن المجمع ترجمات معاني القرآن الكريم إلى خمسين لغة. وتمتاز هذه الترجمات بكونها على مذهب السلف الصالح، وقد رُوجعت مراجعة علمية دقيقة من قِبل الناطقين بكل لغة، مِمَّن لهم معرفة بالعربية والعلوم الشرعية من ذوي العقيدة السليمة. كما أن ترجمات معاني القرآن الكريم لهذه اللغات ترجماتٌ كاملة لمعاني القرآن الكريم ما عدا تسعاً منها تَخُصُّ الترجمةُ بعضَ أجزاء القرآن الكريم وجميعُ الترجمات موافقة لقراءة حفص ما عدا الترجمات الإسبانية والأمازيغية والفلانية، فتوافق رواية ورش، وللترجمة الإسبانية طبعة أخرى توافق رواية حفص، وثمة ترجمات صوتية تخلو من الإصدارات الورقية، ويتكون المركز من ثلاث وحدات، وهي وحدة الترجمات الأوربية، ووحدة الترجمات الآسيوية، ووحدة الترجمات الإفريقية. ومن إصدارات المركز: (بليوجرافيا ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنكليزية من سنة 1649- 2002م)، وهي دراسة نقدية من إعداد البروفيسور عبدالرحيم القدوائي، كما صدرت ترجمة لها إلى العربية، وقام بترجمتها الدكتور وليد العمري الباحث بالمركز، ويقوم المركز بترجمة بعض الكتب العلمية الصادرة فيه، وقد انتهى من ترجمة «أصول الإيمان» إلى سبع لغات، وكتاب «الذكر والدعاء» إلى ثلاث لغات، وانتهت ترجمة كتاب «رياض الصالحين» إلى السواحلية والمجرية.
وتشرف إدارة الشؤون العلمية بالمجمع على إصدار مجلة علمية محكمة متخصصة بالقرآن الكريم وعلومه بعنوان: «مجلة البحوث والدراسات القرآنية»، تأتي انطلاقاً من رغبة المجمع في خدمة المهتمين بالعلوم الإسلامية عموماً، والدراسات القرآنية خصوصاً، وقد صدر من المجلة حتى الآن (4) أعداد والعدد الخامس قيد الطبع، وسيصدر قريباً بعون الله، وهي توزع مجاناً لجميع المتخصصين داخل المملكة، كما أنها تُنشر إلكترونياً في اسطوانات (CD)، وهناك فريق عمل يعكف حالياً على إنشاء موقع شبكي خاص بها، تتوافر فيه جميع أعدادها السابقة وما سيصدر منها مستقبلاً بعون الله؛ لتكون متاحة للجميع أينما كانوا، كما يمكن استلام المشاركات والتواصل مع هيئة التحرير عن طريق هذا الموقع، وقد نجحت المجلة في استقطاب عدد من الأقلام المميزة من شتى بقاع المعمورة، وأوجدت بفضل الله لها قدماً راسخة في حقل النشر في الدراسات والعلوم القرآنية، ولا سيما أنها تنشر بحوثاً باللغتين العربية والإنكليزية، مما يوفر مجالاً أرحب للمتخصصين لنشر بحوثهم، و اعُتمِدت المجلة من قبل المجالس العلمية لعدد من الجامعات السعودية العريقة لتكون وعاءً علمياً تتم الترقية على النشر فيه، ومن الملاحظ أن جميع الإصدارات التي تصدر عن المجمع، سواء التي قام بإعدادها وتحقيقها باحثو المركزين، أو قام المركزان بمراجعتها، لها صفة الدقة العلمية، والتوثيق، وتراعى فيها أصول البحث، وكتابة البحوث.
الجدير بالذكر أن لدى إدارة الشؤون العلمية مكتبة عامرة متخصصة تحتوى على جُلَّ التراث الذي ألّفه علماء السلف في علوم القرآن الكريم بالإضافة إلى الدراسات الأكاديمية المعاصرة، وقد تَفَضَّل معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بإهداء المكتبة ثلاث مكتبات ثمينة تحتوي على أمّهَات الكتب النادرة والمجلات العريقة.