منحت الجهات الرقابية الحكومية المعنية بتطبيق المواصفات القياسية المحدثة لأجهزة التكييف مهلة تمتد للأسبوعين المقبلين، تنتهي في الـ25 من شهر ربيع الأول الجاري، أمام أصحاب المخازن والمستودعات من تجار ومستوردين الموجود فيها كميات من أجهزة التكييف غير المطابقة للمواصفة السعودية المحدثة، بالإفصاح عن هذه الكميات وتحديدها وبالتالي يتاح لهم حق إعادة تصديرها خارج المملكة، وما عدا ذلك فإنها تعد مخالفة يترتب عليها مصادرة وإتلاف الأجهزة بموجب أنظمة الغش التجاري، إلى جانب فرض غرامة مالية مباشرة قد تصل إلى مليون ريال.
ومن المعلوم أن المواصفات القياسية المحدثة لأجهزة التكييف خاصة برفع الحد الأدنى لمعامل كفاءة الطاقة وبطاقة كفاءة الطاقة للمكيفات ذات السعة الأقل من 70 ألف وحدة حرارية، والتي تم الانتهاء من تحديثها واعتمادها من مجلس إدارة الهيئة السعودية للمواصفات والجودة قبل أكثر من عام، وبدأ تطبيقها على أجهزة التكييف المستوردة والمنتجة محلياً في بداية شهر ذي القعدة الماضي، وعلى الأجهزة المتداولة في الأسواق المحلية قبل أسبوعين، في خطوة لمواجهة الهدر في استهلاك الكهرباء التي تشهد المملكة نمواً مضطرداً في الطلب عليها يقترب من 8% سنوياً، لأسباب عدة من أبرزها النمو السكاني والحركة التنموية الكبيرة التي تشهدها المملكة، يضاف إلى ذلك نسب هدر عالية وضعفاً في ترشيد استهلاك الطاقة.
وهنا، أكد لـ«الجزيرة» صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان مساعد وزير البترول والثروة المعدنية رئيس اللجنة الفرعية لإعداد مشروع البرنامج الوطني لكفاءة الطاقة، أن هناك إجراءات وتعليمات حكومية صارمة لتطبيق الجهات الحكومية معايير كفاءة الطاقة في المباني، سواء من حيث التقيد باستخدام العوازل الحرارية والأجهزة الكهربائية المطابقة للمواصفات السعودية بشكل عام. جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي على هامش افتتاحه أمس ورشة عمل حول دور شركات قطاع التكييف في الحملة الوطنية لترشيد استهلاك الطاقة «لتبقى» التي نظمها المركز السعودي لكفاءة الطاقة في الرياض.
وأكد الأمير عبد العزيز بن سلمان أن صدور أوامر سامية للتأكيد على التزام الجهات الحكومية بمعايير كفاءة الطاقة في المباني، لافتة في هذا الصدد إلى أن ملاحظات الباب الرابع من بيان الميزانية العامة للدولة لهذا العام أكدت على مراعاة استخدام العوازل الحرارية عند تصميم المباني والمرافق الخاصة بالدولة، والتقيد بمتطلبات العزل الحراري للجدران والأسقف والشبابيك على أساس الشروط والمواصفات الفنية المطابقة للمواصفات القياسية المعتمدة من الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، ووفقاً للضوابط والتعليمات الصادرة من وزارة الشؤون البلدية والقروية، إضافة إلى التأكيد على كل جهة حكومية بترشيد الاستهلاك الكهربائي باستخدام الأجهزة الكهربائية المرشدة، على أساس الشروط والمواصفات الفنية المطابقة، لتخفيض استهلاك الطاقة، من خلال الرقابة على الشروط والمواصفات عند تنفيذ عقود الشراء الحكومي.
وأوضح الأمير عبد العزيز، أن هذه الورشة والتي تناقش دور شركات قطاع التكييف في الحملة الوطنية لترشيد استهلاك الطاقة تهدف إلى إعطاء الفرصة لمؤسسات القطاع الخاص من أجل دعم البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة، ومتابعة تطبيق توصياته، مقدماً في هذا الصدد شكره للجهات المعنية بتطبيق المواصفات القياسية المحدثة لأجهزة التكييف، حيث خص بالشكر وزارة التجارة والصناعة، الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، الجمارك السعودية، المصنعين، الموردين، والموزعين، الذين تضافرت جهودهم في تطبيق هذه المواصفات من تفتيش على المنافذ، خطوط الإنتاج، مراقبة الأسواق، ما قام به المصنّعون المحليّون والمورّدون من توفير أجهزة مطابقة للمواصفات القياسية في السوق المحلي. حيث أكد البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة على أن كل هذه الجهات قد شاركت في تحديث المواصفات القياسية، والاتفاق على الجدول الزمني لتطبيقها، وأظهرت مستوى عالياً من الالتزام بتطبيقها.
وقال الأمير عبد العزيز بن سلمان إنه قبل بدء تطبيق برنامج كفاءة الطاقة للمواصفات القياسية المحدثة لأجهزة التكييف كانت المعايير الدنيا لمعامل كفاءة الطاقة لأجهزة التكييف المستخدمة في المملكة تعد ضمن أدنى المعايير المطبقة على مستوى دول العالم، حيث عمل البرنامج، وبالتوافق مع المصنّعين المحليين والموردين، على رفع هذه المعايير تدريجياً، وعلى مرحلتين خلال هذا العام والعام القادم، وذلك بما يتفق مع المعايير المطبقة دولياً، بهدف تحقيق وفر في استهلاك أجهزة التكييف للكهرباء يصل إلى أكثر من 35 بالمائة عن مستوى الاستهلاك الحالي. وتابع: هذه المواصفات القياسية تُعد إحدى مخرجات فريق المباني التابع للبرنامج الذي يعمل على تحسين كفاءة الطاقة في قطاع المباني، ويسعى إلى إكمال تحديث المواصفات القياسية للأجهزة المنزلية الأخرى، واعتمادها من الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، وجدولة إلزامية تطبيقها خلال العام الحالي. كما يعمل الفريق على إكمال تطوير مواصفات قياسية جديدة لأجهزة التكييف وأنظمة الإنارة في المباني في العام الحالي، تمهيداً لجدولة إلزامية تطبيقها في الأعوام القادمة. كذلك عمل الفريق على استكمال مراجعة المواصفات القياسية لمجموعة من مواد العزل الحراري في العام الحالي، والعمل مع الجهات ذات العلاقة لاستحداث آلية لتطبيق العزل الحراري في جميع المباني، تنفيذاً للأوامر السامية التي صدرت بهذا الخصوص. منوهاً في هذا السياق إلى التزام وزارة الإسكان بتبني مخرجات البرنامج الخاصة بمواصفات التكييف، والعزل الحراري في مشاريع الإسكان التي تتولى تنفيذها أو التي تتولى تمويلها عن طريق صندوق التنمية العقارية. كما أشار إلى أنه سيتم التأكد من تطبيق المواصفات القياسية لأجهزة التكييف من قبل المصنعين المحليين والموردين والموزعين من خلال منظومة حكومية متكاملة، مع حفظ اختصاصات وأدوار جميع الجهات ذات العلاقة، حيث بدأ تطبيق هذا الدور الرقابي باعتمادات مالية مناسبة ضمن ميزانية وزارة التجارة، لتنفيذ أداء العمل الرقابي بصورة دقيقة، بدأت بالكشف على الإرساليات، وفحص شهادات المطابقة في المنافذ من قبل الجمارك السعودية، علماً أنه سيتبع هذا العمل سحب عينات من الإرساليات للتحقق من مطابقتها للمواصفات القياسية، بمعنى أن ثمة عملاً منضبطاً لاستكمال إجراءات الفحص من قبل المختبرات الخاصة.
وللتأكد من سلامة تطبيق هذه المواصفات القياسية، قال الأمير عبد العزيز إن الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس وقعت عقداً لإنشاء مختبرها المرجعي لفحص أجهزة التكييف، بمساهمة كل من شركة أرامكو السعودية، والشركة السعودية للكهرباء. كما رصدت الهيئة ضمن ميزانيتها للعام الحالي ما يسهم في إنشاء مجموعة جديدة من مختبرات الفحص الفنية الخاصة بكفاءة الطاقة في مجالات اقتصاد الوقود للمركبات، والأجهزة الكهربائية، والعوازل، وخدماتها المساندة، لتمكين هيئة المواصفات والمقاييس من القيام بدورها في تفعيل البرامج المستقبلية للمركز السعودي لكفاءة الطاقة، علماً أن هناك إجراءات فحص مؤقتة يتم تطبيقها حالياً، لحين اكتمال هذه المختبرات وتشغيلها. ولفت مساعد وزير البترول والثروة المعدنية رئيس اللجنة الفرعية لإعداد مشروع «كفاءة الطاقة» إلى أن مصلحة الجمارك ومنذ سبتمبر 2013 مع بداية المرحلة الأولى من التطبيق الإلزامي للمواصفات القياسية المحدثة لأجهزة التكييف المنتجة محلياً والمستوردة، منعت ما يزيد عن 26 ألف جهاز تكييف غير مطابق للمواصفات القياسية المحدثة، من الدخول إلى الأسواق المحلية. فيما صادرت وزارة التجارة والصناعة، مع بداية المرحلة الثانية من التطبيق الإلزامي للمواصفات القياسية المحدثة لأجهزة التكييف المتداولة في الأسواق في يناير الجاري، صادرت أكثر من 36 ألف جهاز تكييف من الأسواق غير مطابق للمواصفات القياسية المحدثة، كما أظهرت الجولات التفتيشية للوزارة على خطوط الإنتاج المحلي التزام المصانع المحلية بالمواصفات القياسية المحدثة، وهنا أنتهز الفرصة لتقديم الشكر للمصانع المحلية على التزامها.
وقال إن هذه الورشة ما هي إلا بداية نتاج الحملة الوطنية لترشيد استهلاك الطاقة «لتبقى» التي تسعى إلى توعية فئات المجتمع السعودي بأهمية ترشيد استهلاك الطاقة، وجعل كفاءة الطاقة أحد موضوعات الرأي العام المهمة، التي من شأنها تحفيز أفراد المجتمع على اقتناء أجهزة ومواد تستهلك الطاقة بشكل أكثر كفاءة عن تلك المستخدمة الآن، بما يسهم في توفير استهلاك الطاقة، وتعديل ثقافة الاستهلاك، على المدى البعيد، الأمر الذي سيسهم بدوره في تحسين بيئة السوق كنتيجة طبيعية لارتفاع الوعي لدى المستهلك، واقتناء أجهزة ومواد مطابقة للمواصفات القياسية، تسهم في خفض تكلفة استهلاك الكهرباء، وهذا سيؤدي بشكل مباشر إلى زيادة الطلب على الأجهزة المتوافقة مع المواصفات القياسية المحدثة مقابل انخفاض الطلب على الأجهزة غير المطابقة، مما يزيد من أرباح المصنّعين والمورّدين والموزّعين الملتزمين بالمواصفات دون غيرهم.
من جانبه، أعرب وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق الربيعة عن سعادته بإلزام الشركات والمصانع بمشروع تدشين الطاقة الذي سيوفر كمية هائلة على المملكة، خصوصاً أن إنتاج المملكة حاليا 57 ميجا وات من الكهرباء، والتكييف يصل استهلاكه من هذه الكمية قرابة 80%، لافتاً إلى وجود أنظمة جديدة في المرحلة الأولى تصل توفيرها إلى 30%، في حين تأتي المرحلة الثانية من التوفير إلى 50%، وهذا يؤدي إلى توفير هائل بتكاليف الطاقة والبيئة وغيرها، والتي ستساعد على ترشيد استخدام الموارد للأجيال القادمة.
وعن آلية المواصفات الجديدة التي تم تطبيقها، بين الربيعة أنه تم الإعلان عن المواصفات الجديدة منذ أكثر من سنة من تطبيقها، إضافة إلى وجود فترة كافية للانتهاء منها، مبيناً أنه متاح لأصحاب الأسواق والمخازن ونحوها إعادة تصدير مكيفاته لمن يرغب بذلك، على أن يتم ذلك بعد الإعلان عنها لدى الوزارة. وقال «هذه فرصة أن نعلن عن وجود حملة بدأت خلال الفترة الماضية محال بيع المكيفات في الأسواق»، وحتى هذه اللحظة تم ضبط 40 ألف مكيف غير مطابق للمواصفات، لافتا الى أن الحملة الثانية ستنطلق في 1435/3/25، ستكون على المستودعات والمخازن، وبمشاركة وتعاون من جميع الجهات للتأكد من عدم وجود مكيفات غير متطابقة. ومشددا أن وزارته بعد هذا التاريخ ستبدأ في حملة تفتيشية للمخازن والمستودعات لمصادرة وإتلاف هذه الكميات. وأضاف الربيعة أنه بإمكان لأي شركة قبل بداية الحملة الثانية أن تخبر الوزارة عن الكمية الموجودة لديها وتحديدها، وسيتاح لهم إعادة تصديرها، إضافة إلى الاسترداد الجمركي لهم ممن استورد خلال سنة من إعادة التصدير، ولكن بعد تطبيق الحملة أو بعد التاريخ المحدد لن نسمح بوجود مكيفات لا نعلم عنها في المخازن والمحلات، وسيتم حينها في حال ضبطها تصديرها أو إتلافها.
من جهته، أوضح ممثل مصلحة الجمارك السعودية عبدالمحسن الشنيفي أن المصلحة تطبق قرار منع دخول أجهزة التكييف غير المطابقة للمواصفة السعودية المحدثة من خلال جانبين، الأول يتعلق بمن يصرح من التجار بشكل طوعي خلال مهلة الأسبوعين المقبلة بأنه سيعيد إرسالية أجهزة المكيفات غير المطابقة للمواصفات السعودية، وهذا سيعامل معاملة تفضيلية ليس في مجال المكيفات فقط وإنما في التسهيلات الجمركية في مجال الاستيراد والتصدير بشكل كامل، كما يرد له 12% من قيمة تلك الإرسالية عند إعادة تصديرها، إلى جانب توفير خط خاص في المنافذ الجمركية للتعامل بيسر وسهولة مع مثل هذه الإرساليات حيث سندعم المستوردين من خلال التنسيق مع وكلاء الشحن والجهات المعنية الأخرى كشركات التفريغ في الموانئ حتى لا تكون هناك صعوبة في سرعة إعادة تصديرها والاستفادة منها. من جانبه، بين محافظ الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة الدكتور سعد القصبي أن الهيئة عملت على محاور عدة إستراتيجية في إطار ترشيد كفاءت الطاقة بمجملها العام، لافتا في هذا الصدد إلى الانتهاء من مواصفات المنتجات الكهربائية البيضاء وهي الثلاجات والغسالات واعتمدت من قبل مجلس الإدارة، متوقعا أن يتم تطبيقها بنهاية هذا العام، حيث يتم حاليا إعداد الخطة الكاملة لتنفيذ هذا المحور. كما تدرس ثلاثة فرق حاليا المواصفات الخاصة بالعوازل الحرارية بأنواعها كافة وتصنيفها، ومن المرجح أن يتم الانتهاء من هذه الدراسات خلال الثلاثة أشهر المقبلة، ليتم بعد ذلك البدأ في إجراءات الاعتماد والتطبيق، وبشأن كفاءة استهلاك الوقود، أكد القصبي أن الهيئة انتهت من إعداد المواصفة الخاصة ببطاقة كفاءة استهلاك الوقود التي ستوضع على السيارات، فيما يتم حاليا إعداد المواصفات الفنية للبطاقة.