لا شك أنّ قطرات من الجهد والعرق في وقت السِّلم تمنع نزيف قطرات الدماء أثناء المعارك، وهذه أهم ركائز التدريب العسكري في وقت السِّلم، إذ إنّ التدريب الجيد المتقن يمنع حدوث كوارث أثناء تنفيذ العمليات الحربية الحقيقية، وهو ما تسعى له الجيوش الحديثة وإنْ كانت التقنية العسكرية الحديثة قد قلّلت من الجهود الميدانية التعبوية في الآونة الأخيرة، إلاّ أنه لا غنى لأي جيش في العالم مهما كانت قدراته واستعداداته عن التدريب التعبوي الميداني، والحرس الوطني السعودي سعى إلى هذا الهدف بكل اقتدار منذ بداية اتفاقية تطوير وحداته التي وقعت قبل سنوات، إلاّ أنّ المناورات التعبوية السنوية قلّت في السنوات الماضية، ثم عادت وبشكل متجدد منذ عام 1433هـ بشكل مدروس ومخطط له بعناية، فالحرس الوطني أحدث نقلة نوعية في تشكيلاته ووحداته، وتحقق للحرس الوطني في عهد الملك الصالح عبد الله بن عبد العزيز، ازدهار على كافة الأصعدة سواء العسكرية أو المدنية، فوجود الأسلحة الحديثة والمدرعات والناقلات ودخول الطائرات العمودية واعتماد كلية القيادة والأركان والدفاع الجوي، وإضافة العديد من التشكيلات الجديدة، قد جعل الحرس الوطني يبدو في أوج استعداده المهاري والعسكري، إذا أضفنا إلى ذلك القوة البشرية المدرّبة في مدارس الحرس الوطني المختلفة ومراكز التدريب، وكذلك كلية الملك خالد العسكرية التي تمد الحرس الوطني بدفعات سنوية من الضباط المؤهلين, وكذلك مدارس اللغة الإنجليزية والفرنسية التي تقوم بتأهيل الضباط والكوادر العسكرية لتلقي معلومات تتعلق بحالة التدريب ونوعية الأسلحة والمعدات وكيفية التعامل معها.. كذلك البعثات العسكرية المستمرة إلى مراكز التدريب الكبرى وكليات القيادة والأركان وكليات الحرب العليا في أمريكا وبريطانيا وفرنسا، كل ذلك يصب في مجرى التدريب العسكري الذي بدونه لا يمكن أن يكون هنالك نجاح لأيّ قوة أو لأي جيش.
والحرس الوطني السعودي بقيادة العسكري الذي ترجّل عن صهوة العسكرية، وامتطى زمام الإدارة الشاملة في الحرس الوطني صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز، يتمتع الحرس الوطني اليوم بمستوى راقٍ من التجهيزات والتشكيلات الميدانية التي بلا شك ستكون درعًا من دروع هذا الوطن الحصينة، إلى جانب قواتنا المسلحة وقوات الأمن وحرس الحدود، إذ إنّ الحرس الوطني رافدٌ مهمٌ لكل هذه القوات، وهو لكل الوطن يذود عن أمنه ويحمي ترابه.. ولا شك أنّ مناورة أو تمرين (ولاء وفداء) الذي شاهدناه جميعًا سواءً من الميدان أو من خلال النقل التلفزيوني، كان أكبر برهان على ما وصل إليه الحرس الوطني من تأهيل شامل لكافة صنوف الأسلحة والوحدات ووحداته المتنوعة، واعتماده التعبئة الحديثة ونشرها في تشكيلاته الميدانية، بما يدعو للفخر والاعتزاز بهذا المستوى المشرف الذي شاهدناه في تمرين (ولاء وفداء), ولا شك أنّ لدى الحرس الوطني كوكبة من الضباط أبناء هذا الوطن، الذين يملكون فكرًا عسكريًا تعبويًا فريداً، ولديهم مواهب كبيرة جداً في مجال الخطط والعمليات, ضباط مهرة يتمتعون بذكاء فطري عالي المستوى أعرفهم جيداً كما أعرف أولادي .. هؤلاء الضباط أثبتوا قدراتهم سواءً على الصعيد المحلي أو على مستوى التدريب الخارجي والابتعاث، فقد حققوا نتائج مبهرة وملفته في كليات القيادة والأركان وكليات الحرب العليا.. كذلك جندي الحرس الوطني لا تنقصه الشجاعة ولا الإقدام، ولديه الحس والذكاء الفطري الذي جعله يتقبّل كل جديد في مجال التدريب والتقنيات الحديثة بكل سهولة، بعد أن توفرت لهم جميع وسائل التدريب الحديث وكذلك أساليبه وطرقه.. لاشك أنّ الحرس الوطني من خلال مناورة (ولاء وفداء)، أظهر الصورة المشرفة للمقاتل السعودي ابن الوطن، وظهرت بصمات التطوير والتحديث التي طرأت على أجهزته فزادته هيبة، وكان في المستوى المأمول وهذا ما نتمناه، فالحرس الوطني سندٌ ودرعٌ لكافة أفرع القوات المسلحة في كل وقت وتحت كل ظروف, وحق لنا جميعًا أن نفخر بما وصل إليه ونطالب بالمزيد من التطوير والتحديث وبناء الإنسان، بطرق معرفية تتجاوب مع ما نراه من تقنيات حديثة، حتى نواكب الأمم المتقدمة في المجال العسكري وحتى نكون في الموعد في أي وقت وزمان، وكلنا ولاء وفداء لله ثم للمليك والوطن...