في مناسبة مع بعض الأصحاب دار نقاش بيننا حول توقعاتنا لمستقبل الهواتف المتنقلة، ومثار السؤال هو بسبب ما نلحظه في الآونة الأخيرة من تعلق معظم الناس بها والبحث دوماً عن أحدثها وأكثرها مزايا وخصائص.. قمت بالبحث عن ما كتب في هذا الخصوص ووجدت تقريراً لرائعاً نشر في مجلة عالم التقنية عن مستقبل الهواتف المتنقلة، وسوف ألخص أبرز ما جاء فيه من توقعات المختصين في هذا المجال.
فقبل عشر سنوات كانت الخصائص المتوفرة في هواتفنا المتنقلة محدودة وكان الغرض من اقتناءنا لها فقط لإجراء اتصالات هاتفية وأحياناً تلقي رسائل نصية قصيرة، أما في وقتنا الحالي فقد تغير الوضع كثيراً وبشكل متسارع، ومن الصعب بمكان شرح مزايا بعض الأجهزة المتقدمة وخصوصاً الذكية منها والتي تتميز بمواصفات عالية جداً ومنها السرعات عالية الجودة ونقل الصور والوثائق بجودة عالية، ودعمها لسرعات الإنترنت العالية وتوفيرها بأسعار مناسبة وتنافسية.
أعود للسؤال المطروح في بداية المقال كيف ستكون الهواتف المتنقلة بعد سنوات، ولعل أبرز التوقعات تنصب في: زيادة سرعة المعالجات، والتنافس الشديد مع أجهزة الألعاب حيث توفر الهواتف المتنقلة الألعاب وبجودة تفوق ما توفره الأجهزة الحالية، توفر جودة عالية الدقة للشاشات والكاميرات، أنظمة التشغيل سوف تكون اللاعب الأقوى، والأسعار سوف تصبح تنافسية للغاية ومناسبة للمشتري.
والمؤكد أنها سوف تغير من طريقة أدائنا للأعمال بطريقة لم نتخيلها بعد، ومن التوقعات الأخرى أن الهاتف سيكون بسماكة الورقة ويمكنه الشحن لاسلكياً، وستتمكن من عرض صور عالية الدقة على الحائط عندما تحتاج لشاشة أكبر، ولكن الابتكار الأكثر مفاجأة لنا سيكون الذكاء الاصطناعي عالي القدرة، حيث سيحول هواتفنا لأدوات أكثر قوة وذكاء من قبل.
ومن المتوقع أن تساعد الهواتف المتنقلة مستقبلاً من تحليل البيئة المحيطة بنا، وسيكون هاتفك أكثر قدرة على الفهم الذاتي، حيث ما أن تصل لغرفتك في الفندق فسيقوم هاتفك بالاتصال مع نظام التكييف والحرارة ويضبط درجتها بحسب تفضيلاتك الخاصة. وسيكون بمقدور الشخص الوصول لأي جهاز إلكتروني في المنزل بلمسة أصبع حتى مصرف المياه في الحمام لتعرف متى كانت آخر مرة تم تنظيفه.. وستعرف معلومات محدثة حول الاتصالات المتاحة، وفواتير الفندق، والأشخاص القريبين منك، وحتى الطقس.
كما أن من أبرز مزايا الهواتف المستقبلية هي معالجة مشكلة ذاكرتنا للأشياء، ففي المستقل لن تكون وظيفة الهواتف فقط تخزين البيانات والاحتفاظ بها لاستدعائها عند الحاجة، بل سيتحول الهاتف إلى مسجل رقمي للأحداث والأماكن والتجارب التي تمر بها.. حيث إنك عندما تدخل إلى قاعة مؤتمرات مثلاً فإن الحساسات في الجهاز ستتصل مباشرة مع هواتف الحضور مهما كانت أنواعها مختلفة، وتسجل أسمائهم لديك بالإضافة إلى مسمياتهم الوظيفية وصفاتهم وحتى آخر الرحلات التي قاموا بها ومن أين جاء كل منهم.. وستتمكن من تسجيل الصوت والفيديو بالطبع لكن سيتم ذلك أوتوماتيكياً، حيث يمكنك الوصول للكاميرات المتاحة بالقاعة.. وسيمكن الذكاء الصناعي أن يعرف لوحده متى يبدأ التسجيل ومتى يتوقف بدون تدخل المستخدم.
كما أن الهواتف المتنقلة المستقبلية ستكون قادرة على تعديل طريقة بث المعلومات بما يناسبك، وهذا أكثر من مجرد التحرير.. حيث سيكون الهاتف بمثابة قناة رئيسية للوصول للمعلومات، لكن هذه القناة ذكية بما يكفي لعزل الأخبار التي لا تهمك والتركيز وإعطاء الأولوية للأخبار التي تهمك. وعندما تدخل لموقع صحيفة في المستقبل عبر هاتفك، فإنه سيخصص المعلومات عند جلبها إليك ويعرض الأخبار التي تتعلق باهتماماتك.
كما ستتمكن من أن تتحدث لهاتفك وسيترجم ما تقوله بنفس الوقت وبدون أي تأخير ومهما كانت اللغة التي تتحدثها وسيعرف هاتفك تفضيلاتك وسيتصل بالخدمات التي تريدها من حولك، مثلاً عندما تمر من جانب البنك الذي تتعامل معه أو المقهى الذي جلست مع صديقك فيه الأسبوع الماضي، فإنه سيكون جاهزاً لأن يخبرك ويقترح عليك ما تفعله كأن تطلب كشف رصيدك أو أن يتصل بنفس صديقك أو صديق آخر يعرف أنه بالقرب منك لأن تجلس معه وذلك إن كان لديك متسع من الوقت من خلال فهم جدول المواعيد.
وختاماً ما سبق مجرد توقعات، ولكن ما يمكن حدوثه في نظري سوف يفوقها وسنكون أسرى لهواتفنا المتنقلة أكثر مما نحن عليه الآن.