قال الله تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} (204 البقرة).
تعيش بيننا مجموعات مختلفة من البشر متعددة الأنماط والأشكال والأفكار والاعتقاد، منهم من يحمل سماحة صادقة، ومنهم من يحمل سفاهة واضحة، وآخر يحمل سفاهة وحقدا وشرا مبطنا.
فئه منهم تعتمد على محاولة إقناع الآخر بأفكار غريبة جداً، وقد يتخللها حلف يمين كاذب، وأخرى تقوم على مبدأ خذوهم بالصوت تغلبوهم، حتى يسيطر على المكان ويكون هو الأبرز حسب ظنه، وأخرى تستتر خلف إطالة اللحية وتقصير الثوب من باب التدين حتى يظهر صاحبه وكأنه طاهر وعفيف، ولكن تفاجأ من خلال حديثه المفلس والمضلل حيناً آخر.
ومجموعة ظاهرة وواضحة للعيان لا تحتاج إلى فراسة لتعرف محتواها، حيث إنها تكشف نفسها بنفسها من خلال طرح ما بنفسها من بذاءة في الكلام، وتسفيه الآخرين وتقزيمهم، ولا يخلو مجتمعنا من النفس الطيبة التي هي على الفطرة السليمة وهي الأساس والأصل، وهذه الفئة هي التي ليس لها أي نوازع للشر تحب أن تعيش بسلام بين الجميع، تحب للآخرين ما تحب لنفسها.
فالخوف كل الخوف ممن يبطن لك الشر ويظهر العكس، وهذه هي صفة من صفات المنافق، قال -صلى الله عليه وسلم-: (آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان) البخاري.
وفئة من الناس حينما تقترب منهم وتتعامل معهم ترى كم كنت مخطئاً كثيراً في احترامك وتقديرك لهم، حيث إنك أعطيتهم حجما أكبر من حجمهم الذي هم فيه..!
وكم كنت تمني النفس لو كنت بعيداً عنهم لأمد طويل ولم تلتق بهم ولم تجمعك الظروف معهم حتى لا تكتشف سوء النوايا ودناءة الخلق...!
هي صدمة ولا شك..! ولكن الصدمة القوية هي مع من تربطك معهم صلة رحم إما من قريب جداً أو من بعيد..!
وتشهد بنفسك الحدث وقد كنت تحسن الظن فيهم..!
وهؤلاء ينقسمون إلى أقسام، منهم من يحمل صفة البخيل ولا يساعدك وأنت بحاجة لمساعدة مالية، رغم ما يمتلك من مال يدعي أنه لا يملك مالا ليقرضك..!
وآخر يخلق بينك وبين الآخرين مشاكل أسرية لتكون في صفة وجانبه، بخبث ومكر وافتراء أباطيل بيّنة، ولدرجة حتى أخيك لا يسلم منه! وهي بلا شك نفس مريضة حاقدة وناقمة، وعلى هؤلاء ألا ينسوا أن كل عمل مهما كبر أو صغر في كتاب مسجل ومبين وحاضر وسيلاقونه يوم الحساب.
قال الله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8} (الزلزلة).
وقال الله تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} (49 الكهف).
ويقول الإمام الشافعي «الوحدة خير من جليس السوء».
إذا لم أجد خلا تقيا فوحدتي.. ألذ وأشهى من غوي أعاشره
وأجلس وحدي للعبادة آمنا.. أقر لعيني من جليس أحاذره
ويقول أيضا عن السفيه:
إذا نطق السفيه فلا تجبه.. فخير من إجابته السكوت
فإن كلمته فرّجت عنه.. وإن خليته كمدا يموت
فهؤلاء البعد عنهم هو الاختيار الصحيح لتنعم العيش بسلام لك ولمن حولك..!