ممّا لا شك فيه أنّه يوجد الكثير من العمالة المقيمة المخالفين، ممّن يعملون أحراراً دون حسيب ولا رقيب، وهذا السبب يعود لنا بالبداية كمواطنين سعوديين، لأنّنا تاجرنا بالتأشيرات من أجل تحقيق بضعة ريالات، وتستّرنا على العمالة المخالفين وعلى من تسلّل منهم، وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله:
نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا
إذ يجب علينا الحفاظ على أمن مملكتنا وثرواته ومقدراته بتطهيره من العمالة المخالفة، الذين أفسدوا أكثر ممّا أصلحوا، وأحدثوا الخلل الكبير، وقد تعلّمنا درساً قاسياً جداً لكوننا سكتنا على هذا الأمر حتى تفاقم، وظهرت هذه العمالة المخالفة بالأعداد الكبيرة، وعلى العموم استبشرنا خيراً عندما أصدر الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله وأطال لنا بعمره- قراراً للعمالة المقيمة بتصحيح أوضاعها لمدّة ثلاثة شهور، ومن منبع شعور ملكنا -حفظه الله- بأنّ هذه المدّة لم تكن كافيةً أصدر قراراً إلحاقياً بتمديد المهلة إلى فترة ثانية تزيد على ثلاثة شهور أخرى، ومع كل الأسف هناك الكثيرون ممّن لم يقوموا بتصحيح أوضاعهم، جهلاً منهم أو عدم مبالاة منهم وخلافه، ووقعوا بالمحظور الآن، حيث انتهت مهلة التصحيح وهذا عزّز دور الجهات المختصّة بأن تقوم برصد المخالفين، والعكس صحيح، حيث قام الكثيرون بتصحيح أوضاعهم واغتنموا هذه الفرصة العظيمة التي أكاد أجزم بأنّها لم ولن تتكرّر أبداً.
ولا ننسى ما قام به المقيمون المخالفون عامةً، وخاصةً من الجالية الإثيوبية بالرياض وغيرها مع الأسف الشديد، فقد خرّبوا وأحدثوا الإصابات والتلفيات المادية، ومع ذلك نالوا أفضل معاملة لتسفيرهم إلى دولتهم.
وصدقوني بأنّ رحلة التصحيح تأخّرت كثيراً ولكنها أتت أخيراً وهي مستمرة ولن تنتهي بهذه السهولة، لأنّ هذا الأمر يحتاج إلى وقت طويل لينتهي وبتضافر الجهود عامةً من المواطنين والحكومة المقيمين وبقوّة وحزم لإزالة هؤلاء المخالفين الذين تسبّبوا بضرر كبير لمجتمعنا، يجب أن يكون هناك متابعة يومية دقيقة ولا ضرر بأن يكون هناك تعاون مع أئمة المساجد ومديري المدارس وأصحاب المؤسسات والشركات لنبذ من هو مخالف ونصحه لكي يقوم بتسليم نفسه وتصحيح وضعه ليخرج بأقل الضرر، وأيضاً يكون هناك تشهير لأصحاب المؤسسات والشركات ممّن تقوم وزارة العمل بالكشف عن مخالفاتهم ليرتدع غيرهم، وأن يكون هناك حد كبير جداً من إيقاف إصدار تأشيرات العمالة، إلاّ بعد التدقيق الحقيقي وأن يتم فرض عقوبات رادعة وشديدة على من يقوم بنقل هؤلاء العمالة المخالفة أو من يتستّر عليهم بإيوائهم أو تشغيلهم، ومن يتم إثبات ذلك عليه سواء مواطناً أو مقيماً بأن يواجه بغرامة وسجن وتشهير وهذا قليل، لأن من يقوم بتقديم العون لهؤلاء العمالة المخالفة سيؤدّي إلى وقوع أضرار جسيمة على الوطن والمواطن والمقيم، وهكذا نضمن أنّه لن يبقى بالمملكة العربية السعودية إلا من هو نظامي، وطبعاً هذا الأمر يحتاج إلى استمرارية بالعمل الجاد والإرادة الحقيقية في التصحيح وتصميم وعدم تمييز، وأن تكون هذه الحملات التفتيشية مستمرّة، لأنّ الموضوع يحتاج إلى يتفهّمه الجميع ويتفهّموا إجراءاته ونتوكّل على المولى -عزّ وجل- ثم نعتمد على أنفسنا لأنّه كما قالوا (الحياة عمل وليست راحة واتكالية).
وقد أكّدت كل من وزارة الداخلية ووزارة العمل أنّ الحملات مستمرّة، وعلى الرغم من هذا ما زال الكثيرون يخاطرون بالبقاء والمجاهرة وأغلب الشوارع التي تسمّى بشوارع العمالة مليئة بالعمالة وجميعهم مع الأسف يعتقدون بأنّ هذه الحملات هي حملات مؤقتة وسيعودون يسرحون ويمرحون كما كانوا يفعلون من قبل، ولكن لإحقاق الحق فهذه الشوارع ليست كما كانت من قبل تعج بهؤلاء المخالفين.
سؤال موجّه إلى وزارة العمل: على الرغم من الجهود الجبارة التي تقوم بها ولكن لم توضّح من أين ستقوم بتوفير عمالة بديلة أو حل جذري لهذا الموضوع، ويجب أن يكون المتابع منصفاً لنا كمواطنين بأنّ أغلبنا لم يمارس أغلب المهن كالمليّس والسبّاك وعامل النظافة وخلافه وهذا ليس إنقاصاً من هذه المهن، فهي كلّها شريفة وليس تكبراً منّا كمواطنين، ولكن صعوبة تقبّل الواقع لنا كمواطنين للعمل بهذه الوظائف يحتاج إلى وقت طويل جداً؟
وفي الختام:
أولاً: رسالة أوجهها لأصحاب المنشآت بالقطاع الخاص بأن يتيحوا الفرصة لشبابنا السعودي للعمل.
ثانياً: رسالة أوجهها لشبابنا السعودي لاغتنام هذه الفرصة الكبيرة بالبحث عن العمل الجاد في ظل تناقص أعداد المخالفين المقيمين وحاجة السوق لمن يعمل.
ثالثاً وأخيراً: أمننا جميعاً أولاً وقبل كل شيء، وكما قال سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله (المواطن رجل الأمن الأول)، وأتمنّى أن تستمر هذه الحملات بكل قوّة وحزم، كما أنّنا مواطنون ومقيمون شركاء في هذه الحملات التصحيحية، ويجب أن نمد يد العون لجميع الجهات المختصّة لكي يعم الخير والصحة والأمن والأمان والبركة بمملكتنا الغالية، ويجب أن يكون ذلك مراعياً ومنصفاً وعادلاً لحقوق المخالفين وفق ما تقضي به الأنظمة والاتفاقيات الدولية مع دولهم لكي نكسب ود واحترام الجميع.
أسأل الله التوفيق للجميع والسعادة والنجاح.