كتب - سلطان الحارثي:
تقف «الجزيرة» اليوم مع قضية شائكة؛ تحتاج إلى معالجة من قِبل المختصين في الرئاسة العامة لرعاية الشباب. تلك القضية هي الجمعيات العمومية لانتخاب رؤساء وأعضاء مجالس الأندية. فكثير من الزملاء والمختصين انتقدوا لوائح وأنظمة الجمعيات العمومية, وكثير منهم قال إن تلك الجمعيات مجرد شكليات وصورية؛ ولا تعبر عن واقع الحال بأي حال.
«الجزيرة» نقلت عدداً من التساؤلات للزملاء صالح الحمادي الكاتب بصحيفة الاقتصادية, وعبدالله فلاتة مدير تحرير الشؤون الرياضية بصحيفة المدينة, ومحمد الشيخ الكاتب بصحيفة الرياض, وناصر الجديع مدير تحرير صحيفة قووول اون لاين.
البداية كانت مع الزميل صالح الحمادي الذي أكد أن الجمعيات العمومية لانتخابات أي رئيس أو أعضاء مجلس إدارة، بوصفها آلية وفكرة، تُعتبر مميزة، ولكن الأهم من ذلك هو آلية التطبيق. وقال: «في أنديتنا، وحينما نأتي للممارسة الفعلية على أرض الواقع، نجد أن هناك الكثير من التزوير والضبابية، سواء في الأرقام المالية أو الناخبين؛ وبالتالي تصبح تلك الجمعيات قليلة الفاعلية. أما لو تم تفعيلها فسنشاهد إدارات أندية على مستوى رفيع، تستطيع تقديم عمل جيد على أرض الميدان. والأهم من ذلك إشعار المشجع أو المنتمي للنادي بقيمته الحقيقية من خلال تدخله في مسألة اختيار الرئيس والنائب والأعضاء؛ فهنا يشعر المشجع بالانتماء الحقيقي، ولاسيما متى كان يدفع رسوم عضوية اشتراك, ويمارس دوره بوصفه أحد الأعضاء».
وأشار الحمادي إلى أن انتخاب رؤساء الأندية لا يعبِّر عن رأي الأغلبية ممن ينتمون للنادي, وقال: «من يقرر ويختار الرئيس والإدارة هم أعضاء الشرف, وربما بعضهم، وليسوا جميعاً, ولهم في هذا وجهة نظر تُحترم حتى وإن اختلفنا معهم فيها, فهم يقولون (نحن من ندعم؛ وبالتالي من حقنا أن نختار)».
وشدَّد على أن بعض الجمعيات العمومية التي يصل من خلالها رئيس النادي ونائبه وأعضاء الإدارة تُعتبر «صورية» أمام مدير مكتب رعاية الشباب وأمام الجمهور والرأي العام, وقال: «الواقع يختلف تماماً, فمن يختار هم أعضاء الشرف؛ ولذلك تُعتبر بعض الجمعيات العمومية التي تقام سلبية أكثر من أنها إيجابية».
وتطرق الحمادي إلى أبرز سلبيات الجمعيات العمومية, و قال: «من سلبياتها عدم تفعيلها كما يجب, وغياب الشفافية, وتغييب الأرقام, وعدم إلزام الإدارات السابقة بتسديد ديونها قبل مغادرتها, وتغييب صوت الجمهور الذي يعتبر الصوت الحقيقي, وهنا نقول إن بعض الجمهور هو من يغيِّب صوته بعدم تسديده رسوم العضوية».
وأوضح الحمادي أن منسوبي رعاية الشباب يدركون حجم الخلل الحاصل في الجمعيات العمومية, وقال: «معاناة نادي الاتحاد أكبر دليل, فالمشاكل والديون أوصلت أحد أكبر الأندية السعودية بل عميدها إلى حافة الإفلاس.. يحصل ذلك بسبب أن المكتب الرئيس لرعاية الشباب والرئاسة العامة لرعاية الشباب يغيّبان الدور الحقيقي والاشتراطات التي من المفترض أن تطبَّق في الجمعيات العمومية على مجالس الإدارات الراهنة لكي لا تتراكم الديون بهذه الصورة، ومن ثم يصعب حلها وعلاجها, ومن ثم تضطر الرئاسة للتدخل مثلما هو حاصل الآن».
من جانب آخر, أوضح الزميل عبدالله فلاتة أن فكرة الجمعيات العمومية بانتخاب رؤساء الأندية تُعتبر أمراً جيداً, مشيراً إلى أن الجمعيات العمومية الحالية تتضمن بعض الإشكالات، مثل انتخاب الرئيس بشكل فردي, والصحيح هو أن تتقدم الإدارات بشكل متكامل (رئيس ونائب وأعضاء), وقال: «متى طُبّقت تلك الفكرة فإن المجلس سيكون متناغماً ومنسجماً. أما الترشيحات الحالية التي تتم بشكل فردي فدائماً ما تُحدث الإشكالات، ويكون المجلس غير منسجم, ويحدث التنافر؛ وبالتالي فإن غالبية الجمعيات العمومية الحالية (فاشلة)؛ بدليل نادي الاتحاد الذي يعتبر النادي الكبير والوحيد الذي يُنتخب رئيسه وأعضاء مجلس إدارته من خلال الجمعية العمومية, وكل سنة يكون هناك جمعية، ويُنتخب رئيس ومجلس إدارة؛ وذلك يعود إلى عدم التناغم».
وأوضح فلاتة أن الانتخابات الحالية التي تحدث من خلال الجمعيات العمومية لا تعبِّر عن رأي الأغلبية من الجمهور التابع للنادي, وقال: «الجماهير ما زالت لا تعي أهمية الجمعية العمومية؛ وبالتالي فإن التصويت يقتصر على مجموعة قليلة جداً, ولعلي أتساءل: هل من المعقول ألا يصوت في الجمعية العمومية لنادي الاتحاد الأخيرة، التي فاز بها محمد فايز، إلا 106 أشخاص؟ هل هذا يعقل؟ هذا ليس منطقاً, ولا بد من تفعيل الجمعيات العمومية بالشكل الصحيح, ولا بد أن يقتنع المشجع بالجمعية العمومية».
واعتبر أن أبرز سلبيات الجمعيات العمومية هي (التوجيه) بطريقة أو بأخرى, وقال: «ليس هناك برامج انتخابية تعرض وتؤثر في الناخب, بل ما يحدث هو مجرد (توجيه)، سواء من داخل النادي أو من خلال رئيس رابطة المشجعين؛ وبالتالي تكون الجمعيات العمومية في الأندية في شكلها الخارجي جمعيات عمومية واقتراعاً, ولكن الواقع يقول إن الأغلبية تكون موجهة, وهذا ما صرَّحت به بعض الجماهير».
وعاد فلاتة إلى ما بدأ به، وقال: «لا بد أن يكون الانتخاب لمجالس إدارات متكاملة، وليس بشكل فردي, ولا بد ألا تكون البرامج الانتخابية مجرد ورق على حبر, ولا بد من تفعيل دور رئيس أعضاء الشرف؛ فهذا المنصب ليس برستيجاً ولا صورياً؛ إذ لا بد من منحه صلاحيات, ولا بد من توعية الجماهير وتفعيل بطاقة العامل, مع أخذ الاعتبار من قِبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب حيال بعض التوجيهات, ومتى ثبت ذلك فلا بد أن تتدخل رعاية الشباب، وتستبعد ذلك المرشح من الانتخابات».
من جانبه, اعتبر الزميل محمد الشيخ أن الجمعيات العمومية التي تُقام في الأندية «جمعيات صورية» حتى وإن تمت وفق الضوابط والقوانين, وقال: «التعاطي مع الجمعيات العمومية يختلف من نادٍ إلى آخر؛ فهناك أندية تتم فيها الجمعيات العمومية بشكل يتطابق مع لائحة الجمعيات العمومية، ولكن المشكلة أنه من السهولة أن يتم اختراق تلك اللائحة بسبب ضعف اللوائح من جهة، وسوء الرقابة من جهة أخرى؛ لذلك في الغالب الإدارات التي تفتح باب الجمعية العمومية هي الأقوى، وبمقدورها تسجيل الناخبين بطريقة لا تخضع لآليات دقيقة ولا لرقابة مشددة؛ وبالتالي هناك حالة فساد واضحة في هذه الأندية. وفي المقابل، هناك أندية تتم فيها الجمعيات العمومية بطريقة لا تتوافق لا مع اللائحة، ولا تخضع للرقابة المفترضة من الرئاسة العامة لرعاية الشباب كما يحدث في أندية «الهلال والشباب والأهلي والنصر», وهذه الأندية يغيب فيها بشكل تام غالبية مكونات النادي, وتكون مقصورة على الشرفيين؛ وبالتالي نلاحظ أن هناك استقواء من قِبل الشخصيات الاعتبارية على قوانين الرئاسة العامة لرعاية الشباب وسط وقوف الرعاية وقوف المتفرج».
وتابع: «حتى في حال رغب أي رئيس نادٍ في أن يجدد ولايته نجد غالباً تجديد الثقة يكون من قِبل رئيس هيئة أعضاء الشرف أو الرئيس الفخري أو الدائرة المتنفذة من الشرفيين, وتتم المسألة في شكلها القانوني في إطار صوري لا أكثر».
وعرج الشيخ على بقية الأندية, وقال: «في الأندية التي لا يوجد فيها (شخصيات اعتبارية) نجد أن الانتخابات تتم فيها بصورة ضعيفة وهزيلة، ولا تعبر عن شعبية النادي, وهذا حدث مؤخراً في الجمعيات العمومية لنادي الاتحاد. وهنا أتساءل: هل يعقل أن نادياً مثل الاتحاد بتاريخه وأنصاره والعاملين فيه لا تتجاوز جمعيته العمومية الثمانين ناخباً؟ وهناك الكثير من الشواهد في أندية أخرى، يظهر فيها قصور فاضح من خلال جمعياتها».
وشدَّد على أن التكليف والتزكية اللذين تقوم بهما رعاية الشباب في بعض الأحيان تجاه بعض الأندية يدلان على الآليات دون التطلعات.
وعما إذا كان وصول الرئيس لرئاسة أي نادٍ يعبّر عن رأي الأغلبية, قال: «هناك حالتان لوصول الرئيس وإدارته للأندية, والأغلب أن الرئيس وإدارته لا يعبرون عن صورة واقعية عن مكونات النادي للقصور الحاصل في الجمعيات العمومية, إما لوجود حالات اختراق للائحة وتلاعب واضح في الجمعيات العمومية على مستوى تسجيل الناخبين, أو حتى على مستوى سيطرة بعض مَن هم أشبه بالأوصياء على النادي على الجمعية. أيضاً أعداد الناخبين في الجمعيات العمومية لا تعبِّر عن أن هذا الرئيس هو خيار الأغلبية، إنما هو خيار مجموعة ضيقة, وفي الطرف الآخر نجد هناك أندية، وغالباً ما تكون أندية ريفية أو بعيدة عن الأضواء، وتكون فيها جمعيات سلسة وطبيعية».
وحول أبرز سلبيات الجمعيات العمومية, قال: «ضعف لائحة الجمعيات العمومية الصادرة من الرئاسة العامة لرعاية الشباب, فلا الصياغة للوائح قوية, ولا التطبيق لها دقيق, ولا المتابعة والرقابة من اللجان في مستوى المسؤولية؛ ولعل الدليل يكون فيما يحدث حالياً لنادي الاتحاد».
وختم الشيخ بتقديم اقتراح للرئاسة العامة لرعاية الشباب في هذا الجانب, وقال: «لا بد من إعادة صياغة اللائحة؛ لتكون مبنية على رؤية وصياغة قانونية دقيقة جداً, ولا بد من الأخذ برؤى ومقترحات العاملين في الأندية؛ لتكون اللائحة متطابقة مع واقع الحال, ولا بد من الدقة البالغة في المتابعة والمراقبة, ويبقى الأمر الرابع وهو أهمية انعقاد الجمعيات العمومية العادية كل عام بشكل دقيق حتى الوصول للجمعية العمومية غير العادية بعد أربع سنوات لاختيار رئيس النادي وأعضائه».
من جهته شدَّد الزميل ناصر الجديع على أن الجمعيات العمومية للأندية مجرد «طبخات», وقال: «أعتقد أن الجمعيات العمومية الخاصة بالأندية بوضعها الحالي، وخصوصا في الأندية الكبيرة، مجرد جمعيات (مطبوخة)، مهمتها منح الصبغة الرسمية والنظامية لما قرره رجل أو رجلان أو ثلاثة من أعضاء الشرف المؤثرين وأصحاب القرار في النادي».
وأضاف: «الانتخابات تجربة حديثة؛ وتحتاج لسنوات حتى تنضج، بعد أن يستوعب الجمهور (اللعبة)، ويمتلك ثقافة الانتخابات والجمعيات العمومية، ويقرر أن يشارك في صناعة القرار».
وعما إذا كان وصول رؤساء الأندية لكراسي الرئاسة يعبّر عن رأي الأغلبية ممن يحب النادي, قال: «بالطبع لا.. كما قلت.. هي رغبة شخص أو أشخاص مؤثرين عدة في النادي، ويتم قولبتها في قالب رسمي نظامي. أما الجمهور فهو آخر من يعلم. إضافة إلى أن الأندية الكبيرة والجماهيرية لم تشهد حالات انتخابية مثالية، يتقدم فيها عدد كاف من رجالات الكيان، حتى تتضح الصورة للجمهور؛ ويستطيع الاختيار من متعدد. الجمهور ينتظر الحدث ولا يصنعه في الوضع الحالي للجمعيات العمومية، والانتخابات التي حدثت في نادي الاتحاد مثال».
وعرج الجديع على اقتراح قدمه لرعاية الشباب في هذا الجانب, وقال: «إن أرادت رعاية الشباب فعلاً مناخات انتخابية صحية، يصنع فيها الجمهور القرار، ويشارك بفعالية في اختيار رئيس ناديه، يجب أن ترفع درجة الوعي والثقافة الانتخابية لدى هذا الجمهور، كما يجب عليها أن تعمل على رفع الأيدي الوصية والمسيطرة على بعض الأندية الجماهيرية؛ حتى يجد بعض الأكفاء من رجال الأعمال والأكاديميين وحاملي الفكر الحديث الجرأة للتقدم ومزاحمة (هوامير الرياضة)، وحينها ربما نجد انتخابات حقيقية، يكون فيها القرار للجمهور لا لـ(الهامور)».