ما يحدث الآن في لبنان متزامن مع تزايد وتيرة الحرب في سورية، واشتداد الصراع والاستقطاب الذي لا يمكن أبداً فصله عن تبعات التدخل الرسمي الشيعي سواء من قبل إيران وذراعها في لبنان «حزب الله»، وكذلك الميليشيات الشيعية العراقية وعلى رأسها عصائب أهل الحق.
التفجير الأخير الذي وقع في حارة حريك بالضاحية الجنوبية استهدف منطقة محصنة أمنياً وتعج بالقيادات وقريبة من منزل نائب رئيس حزب الله، وفي مكان يفترض أن لا تدب فيه «نملة» دون علم استخبارات الحزب كما يقول حسن نصر الله.
هذا الانفجار الذي تشير المعطيات الأولية أنه لم يعد بحرفية والهدف منه هو إيصال رسالة. دلل أيضاً على ضعف القوة الاستخباراتية لحزب الله وتآكلها في ظل انشغالها بالشأن السوري وفشلها على التوالي في منع حدوث هذه التفجيرات، التي نالت قبلها من السفارة الإيرانية في عمليةٍ نوعيةٍ لأحد أكثر الأماكن البيروتية حمايةً ومراقبة أمنية.
ظن حزب الله أن تدخله هو وإيران والعراق في سورية ودعمهم اللامحدود لبشار الذي حال دون سقوطه حتى اللحظة، سيمر دون رد من جانب الطرف الآخر في الأزمة أو المتعاطف معه وهو مخطئ، فما يحدث الآن هو التبعات المترتبة على حالة الاستقطاب والتحالف الطائفي الذي قسم العديد من الدول العربية وأخص العراق وسورية ولبنان، ونجح نوعا ما في ذلك في ظل فشله للقيام بالمثل في البحرين والسعودية وخلق قلاقل فيهما، كان الهدف منها تدعيم السيطرة الإيرانية على الخليج وجعل يدها الطولى في سياساته.
فشل المعارضة اللبنانية وفريق 14 آذار بالخصوص والتشتت السني في لبنان هو السبب وراء سيطرة حزب الله على الساحة اللبنانية، وليس «خرافة» قوته التي لا تقهر كما ادعى على الدوام، لكن استغلال تفرق الآخر، وضعف موقفه هو ما منحه السيطرة السياسية والأمنية التي ازدادت ثقلاً بعد تغلغل قياداته في الجيش اللبناني، وعمله على استقطابه إلى جانب سياسات الحزب وتدخلاته في الشأن الأمني اللبناني، وإعطاء نفسه حق فرض نقاط التفتيش والاستعراضات العسكرية، التي ما إن بدأت الأزمة السورية في الحسم إلا وتدخل بها تاركاً خلفه كل ما غرر به من شعارات المقاومة والممانعة!
لن يهدأ بال اللبنانيين ولن ينعموا بالسلام إلا إذا تمكنوا من التغلب على المحاصصة والطائفية واستبدالها بالوطنية، وتحكيم مصلحة بلدهم على حساب سياسيين ورجال دين مضللين, ونأوا بأنفسهم عن أن يكونوا سلاحاً طائفيا بيد أطراف خارجيةٍ جعلت من لبنان ساحة ً لتصفية حساباتها مع الآخرين وتصدير ثورتها التي منذ بدئها وهي تجر المنطقة لحروب ونزاعات وقلاقل لها أول بدون آخر حتى اللحظة!