رداً على ما يُنشر عن الأمانات والبلديات أقول إنها في سباق مع الزمن لترسية مشاريع سميت بتطوير الشوارع، أي بناء الأرصفة أو أكتاف الشوارع التي تبنى على جانبي الطرق، ويراد منها أرصفة للجزر الوسطية للشوارع. تلك المشاريع لها محاسن ومساوئ في آن واحد. أما محاسنها فهي تنظيم غرس أعمدة الإنارة بأسلوب يجعلها أكثر شمولية في توزيع الإنارة على الطرق، وتكون في مأمن من صدم المركبات العابرة. وتلك الأرصفة روعي فيها منسوب متساوٍ لسهولة عبور المشاة من فوقها، كما أن المشاة يكونون في مأمن من المركبات العابرة للطرق. وتوزيع وقوف المركبات على أطراف تلك المشاريع أعطى أسلوباً نظامياً لوقوف المركبات بأعداد كثيرة، وبشكل منظم، دونما عرقلة بعضها لبعض.
أما مساوئ تلك الأرصفة فهي أنها عُملت على مساحات عريضة جداً على حساب الاستغناء عن بعض مسارات الطرق.
وصاحب المركبة الواقفة مركبته في المواقف المخصصة للمركبات عندما ينوي قيادة مركبته حتماً سيضطر للرجوع إلى الخلف، وعندما يرجع إلى الخلف تكون مركبته عرضة للصدم من السيارات العابرة؛ لأنه يدخل في المسار المحاذي للمواقف. ومن الواضح أن الاستشاري الذي أجاز مساحاتها لم يكن دقيقاً في دراسته؛ لأنه جنى على الطرق، وخصوصاً أن المركبات في تزايد مستمر، وقريباً سيكون لدينا أزمة مواقف في المدن الكبرى مثل الرياض وجدة ومكة والمدينة، ومن غير المناسب مقارنة مدن المملكة بمدن أوروبا أو شرق آسيا؛ لأنهم أكثر في أعداد السكان، ولأن تلك الدول تكون فيها ممرات المشاة مزدحمة على مدار الساعة، وأكتاف المشاة تتلامس. قد يعترض أخونا الاستشاري آنف الذكر على هذا النقد استناداً إلى أن تلك المشاريع بُنيت للمستقبل. ومن وجهة نظري، فإن نظر السواد الأعظم من الناس أنه مبالغ في مساحاتها وارتفاعاتها على مستوى حرم الطرق؛ وتسببت في تضييق مسارات الشوارع، ناهيك عن وجودها بين العمارات في الشريط التجاري؛ فأصبحت وسائل تدمير وليس تطويراً؛ لأن من يذهب بمركبته على سبيل المثال للشريط التجاري الموازي لطريق العليا في مدينة الرياض فإنه سيفاجَأ بعدم توافر موقف له.
إنني بكتابة هذه المقال لن أغير شيئاً مما حصل. وانطلاقاً من حديثي عن أرصفة أجناب الطرق التي تم تشييدها أود أن أستعرض بعض السلبيات التي يرتكبها بعض أصحاب المركبات من مواطنين ووافدين؛ لأن بعضهم - للأسف - يتعمد الوقوف المزدوج، وكذلك الوقوف فوق الأرصفة. ومن ضمن المساوئ التي رأيتها أيضاً أن هناك دراجات نارية تُستخدم لتوصيل الطلبات للمنازل، ولها استخدامات أخرى. أما سائقو تلك الدراجات فيتخذون من طرق المشاة أفضل ممرات لهم، ويتعمدون عكس السير، ويهددون المشاة بالصدم. أما مستخدمو تلك الدراجات فلا يفكرون في شيء اسمه النظام، ولا يحترمون مشاعر المارة. وهناك أخطاء فادحة لا يلاحظها بعضنا؛ لأن بعض الوافدين يوقف مركبته في المواقف التي ذُكرت آنفاً، ويتركها طوال مدة إجازته واقفة مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر؛ فتشكِّل بذلك الوقوف حجر عثرة في طريق أعمال النظافة، وتكون مرتعاً للقطط، ويكون أسفل المركبة المتوقفة مليئاً بالنفايات.
الحل الأمثل للاستفادة من تلك المواقع هو أن تتولى إدارات الاستثمار في الأمانات والبلديات إدارتها وترسيتها على مستثمرين، فتُركَّب ساعات احتساب الوقت أمام كل موقف، ويُعمل أسلوب منظَّم لطريقة دفع إيجار المواقف عن طريق ساعات الوقوف. علماً بأنه إذا تم ذلك الإجراء فسيكون في صالح زيادة إيراد البلديات، وسيضطر أصحاب المركبات إلى إطاعة نصوص الأنظمة. على أن يكون التركيز على المواقع النشطة تجارياً، مثل طريق الأمير محمد بن عبدالعزيز وطريق الأمير سلطان بن عبدالعزيز في العاصمة الرياض. كما أن الأمانات والبلديات مدعوة إلى إنشاء مراكز تُسمى مراكز حماية المواقع المطورة، يعمل بها شباب مدربون لتتبع المركبات المخالفة، ويكون فريق العمل مزوداً بأقفال للإطارات؛ ليتم بها قفل إطار كل مركبة مخالفة. تلك الأقفال ستجعل أصحاب المركبات المخالفة مجبرين على مراجعة الجهة المختصة لدفع غرامة الوقوف الخطأ.
وأقول من خلال هذه المقالة لكل المسؤولين في البلديات: إن ما عُمل من مشاريع الأرصفة يُعتبر الآن مثل (وقوع الفأس في الرأس). آملاً بأن تكون الدراسة المستقبلية لمثل تلك المشاريع أكثر دقة، وأن تتم دراسة السلبيات والإيجابيات في آن واحد، واختيار الأمثل.
وفَّق الله الجميع، وبه التوفيق.