سعادة رئيس التحرير حفظه الله
تحية طيبة .. وبعد:
نشرت (الجزيرة) مقالاً للأستاذ محمد رميزان الفوزان بتاريخ 4 صفر 1435هـ قال فيه يشهد تعليم الطلاب الصم تطورات نوعية وكمية بعد أن كان مقتصراً على معاهد الأمل للصم في معزل عن المجتمع فتعددت إستراتيجيات وأساليب تعليم الصم وعلى رأسها إستراتيجية الدمج لتعليم الصم مع أقرانهم العاديين في صفوف خاصة ملحقة بالمدرسة وتتركَّز عملية الدمج في الطابور الصباحي والفسح وحصص التربية الرياضية والفنية والرحلات والزيارات وأن المدرسة هي البيئة الطبيعية للغالبية العظمى من الأطفال المعاقين، ثم تحدث عن خطوات لضمان نجاح عملية الدمج. ومن جانب آخر نشرت (الجزيرة) توضيحاً عن أن مكتب تعليم الشمال للبنات ممثلاً في وحدة التربية الخاصة أقام للبنات برنامجاً عن مفهوم الدمج لذوي الاحتياجات الإعاقات العقلية في مدارس التعليم العام واستعرض تجربة تطبيق الثانوية الـ132 لهذا البرنامج.
حقيقة إن الدمج المقصود لذوي الاحتياجات الخاصة متوفر في البيئة على عدة أشكال فالدمج في وطننا متوفر بين الجيران وفي المساجد وفي الأعياد والأفراح والمناسبات الخاصة وفي الصلوات الخمس إضافة إلى صلاة الجمعة والأعياد والكسوف والخسوف والاستغاثة وفي الأسواق والمنتزهات مما يعني أن الدمج في التعليم تحصيل حاصل وإن من جلب لنا الدمج في التعليم من أمريكا وأكد نجاحه وأن تطبيقه في بلادنا سيفيد الأبناء لم يصب الهدف، إذ إنه نسي أن الدمج في أمريكا مقتصر على المدارس فلا مناسبات تجمع الأصحاء مع المعاقين غيرها كما يوجد لدينا في المسارات التي ذكرتها وحقيقة أن عملية الدمج في تعليمنا والتي عددها الأستاذ الفوزان لا تساوي الدمج الطبيعي بين أبناء الجيران أو في الصلوات المفروضة، بل إن عملية الدمج المطبَّقة في التعليم اليوم أضاع على ذوي الاحتياجات الخاصة الاستفادة الكاملة من أجهزتهم ومعداتهم الخاصة بهم التي كان من الواجب استخدامها في مدارسهم ومعاهدهم الخاصة، وما دمجهم مع الأصحاء إلا تشتيت لتحصيلهم، وبغض النظر عن ذوي الاحتياجات فإن الآخرين بوجودهم مع الأصحاء (من ذوي المشكلات الذهنية) يزيد من المفارقة بين الاثنين.
أما من هم سليمو العقل كالمشلول والأصم والأبكم والأعمى فهؤلاء حقيقة أنه لا ينطبق عليهم مسمى (معاقين وذوي احتياجات خاصة)، فكم برز من الصم والبكم من مخترعين وفنيين، وكم برز من المشلولين والمكفوفين من العلماء الأفذاذ جازماً أننا بعد لم ننس من تخرج من فاقدي البصر من المعاهد العلمية ومن ثم من كليات الشريعة واللغة (أيام وجود رئاسة للكليات والمعاهد العلمية فيما قبل التسعينات) من علماء وقضاة ومدرسين البعض منهم لا يزال في القضاء والتدريس إلى اليوم لذا ما يُقال عن نجاح الدمج غير صحيح، بل هو ذر للرماد على العيون وتغطية للفشل ويشهد على ذلك الكثير من مدرسيهم ومجاوريهم وإن كانوا لا يستطيعون البوح بذلك على رؤوس الأشهاد ولنتذكّر معهد النور بالرياض الذي أنشأه الأستاذ عبدالله الغانم وهو أول معهد للمكفوفين وتولى إدارته سنين يشهد على نجاح تعليمهم بلا دمج، بل هو نجاح منقطع النظير لا أقول ما قلت من فراغ، بل من تجربة وممارسة فعلية؛ فقد عانيت من ذوي الاحتياجات وأنا طالب فكنت وغيري من الطلاب نفر من البعض من هذا الصنف وشهدت وعانيت منه وأنا مدرس فرار الطلاب من أولئك وعانيت وأنا أب من ولاية من كان عندي وبذا أيقنت بفشل الدمج المعمول به حالياً في التعليم، واحذّر منه أمس واليوم وغداً وبعد غد علماً بأنني من أول من عارضه حينما أقرّ عام 1425هـ وأبديت رأيي عبر هذه الصحيفة بتاريخ 10-6-1425هـ وبتاريخ 18-7-1425هـ، وبالله التوفيق.