رحل شاعر القوافي وفارس الكلمة، والأديب والمربي الفاضل الأستاذ إبراهيم بن محمد الدامغ صباح الاثنين الموافق 20-2-1435هـ، بعد معاناة مع المرض لأكثر من (7) أعوام، عن عمر يناهز (78) عاماً. ولد – رحمه الله - في عنيزة عام 1357هـ ودرس في كتاتيبها القرآن الكريم، والقراءة والكتابة، والتحق بالمدرسة العزيزية، ثم الفيصلية، ثم المعهد العلمي، ومنه إلى كلية اللغة العربية، حيث حصل على بكالوريوس اللغة العربية، عام 1380 هـ. قام بالتدريس في الأحساء، وعنيزة، وحصل على التقاعد المبكر عام 1409هـ، شارك في العديد من الأمسيات الشعرية والندوات الأدبية. وله العديد من الأعمال الأدبية منها:
• ديوان شرارة الثأر، عام 1395 هـ.
• ديوان ظلال البيادر، عام 1407 هـ.
• كتاب الميسر في فن الإملاء وعلامات الترقيم، أصدره مركز صالح بن صالح الاجتماعي في عنيزة، عام 1995م.
• ديوان أسرار وأسوار، أصدره مركز صالح بن صالح الاجتماعي في أربعة أجزاء، عام 1426هـ.
وقد كرمه مركز صالح بن صالح الاجتماعي في طور إصدار ديوانه الأخير (أسرار وأسوار)، بإقامة ندوة حول شعره ومسيرته يوم الثلاثاء الموافق 21-2-1427هـ، وذلك في حفل مهيب اجتمع فيه حراس اللغة العربية وشعراؤها، برعاية محافظ عنيزة آنذاك ، نيابة عن صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز - أمير منطقة القصيم. شارك في هذه الندوة الأستاذ سعد بن عبد الرحمن البواردي، والدكتور إبراهيم بن عبد الرحمن المطوع، وأدارها الدكتور عبد الرحمن السماعيل. بدأت بكلمة الأستاذ محمد الخريدلي عضو الجمعية، الذي أثنى فيها على جهود الأستاذ إبراهيم الدامغ في خدمة المجتمع، واللغة العربية، بعدها ألقى الدكتور عبد الرحمن الواصل قصيدة بعنوان (إنما الدامغ أدرى) جاء فيها:
يا زعيم الشعر إني شاعرٌ
أنت من عَلَّمَه الشعر فأروى
يومنا هذا بكم في شعركم
خالدٌ يكتبه التاريخ سِفراً
أنت من أسس يوماً نادياً
فيه لاقى الشعر في ناديك نصرا
وألقى الشاعر أحمد الصالح قصيدة تحت عنوان (شاعر الفيحاء) جاء فيها:
يا رائد النشء تعليماً وتربية
وشاعرا تطرب الأسماع ذكراكا
أبا محمد ..لا فضت ولا سكتت
فم ترى الشعر شكواك ونجواكا
أسرار شعرك أغرتني جواهرها
فكنت بين عيون الشعر ألقاكا
أما الدكتور إبراهيم المطوع الذي عنون مشاركته بـ(إبحار نحو جزائر (جمع جزيرة) المحيط النقدي. فأبحر إلى العديد من النقاد وأساتذة الأدب العربي، يستلهم منهم الحديث عن فارس الندوة وتجربته الشعرية، فتجوّل بين العديد منهم نقتطف منهم ما قاله: الأستاذ عبد الله بن إدريس حيث وصف الأستاذ إبراهيم الدامغ الذي كان عمره حينئذ (23) عاماً في كتابه شعراء نجد المعاصرون قال عنه: رغم أنه ولد «وفي فمه ملعقة من (حنضل) فإنه لم يجنح كثيراً إلى الشعر الأسود المظلم. وقال عنه الدكتور حسن الهويمل في كتابه (اتجاهات الشعر المعاصر في نجد: إنه معدود ضمن شعراء الاتجاه الوطني ومناصرة القضايا العربية والإسلامية، بل إنه فاق شعراء نجد في شبوب العاطفة. وقال عنه الدكتور محمود ردواي: إن الشاعر إبراهيم الدامغ من الشعراء الذين يلامسون القلب مع أول كلمة يطلقها ديوانه. وقال عنه الدكتور دريد يحيى الخواجة: إن تجربة الدامغ جديرة بالاهتمام والرعاية، وعلامة عميقة ومتجددة في الاتجاه الشعري الكلاسيكي في المملكة. وقال عنه الدكتور بدوي طبانه: برزت في شعره حماسة الشاعر المتوقد، وحمية العربي الأصيل. وغير ذلك من أحاديث النقاد عنه. ثم تحدث الأستاذ سعد البواردي عن إعجابه الشديد بالشاعر إبراهيم الدامغ ومما قاله: تكفينا من شاعرنا عناوين صادقة، ومضامين دافقة رسمت لنا صورة شاعر وإطار شعر وجدول مشاعر غير ملوثة، لامس الجرح في دنياه سعياً إلى إيقاف نزيفه وعانق الفرح بأمل جميل كي لا يفترسه شيطان اليأس ويستبد به سرطان القنوط القاتل.
وقال عنه مبارك بن دليم في قصيدة تحت عنوان من الخرج إلى عنيزة أهليها وشاعرها:
عشقت شعرك تلميذا أردده
وما اجترمت هوى الأشعار لولاكا
هذي جنايتك لو أنها وئدت
كنتُ الخلي ولم أشق بما أشقاكا
وقال عنه الأستاذ عبد الرحمن البطحي – رحمه الله - في مطلع كلمته: فارس القوافي ومالك أعنتها الذي من خلال ما آتاه الله من طاقة فكرية فذة، وموهبة شعرية متوقدة أصبحت طوع إرادته واختياره يوجهها حيث يشاء فتارة يلامس بها النجوم مفعمة بالتفاؤل والفرح، وتارة يواريها في التراب أملاً أنها ستمتزج بالخصب والنماء.
وقال عنه الأستاذ عبد العزيز الرشيد: عاش الوطن إحساساً وعايش أبناءه هاجساً، وتربية وبناء رسم بكلماته لوحات شعرية، لونت مساحات الوجدان، ومسافات الزمن، بمشاعر وأحاسيس بأفراح وأحزان، تلونت حروفها بألوان والوفاء والمعاناة والوجد والآمال والآلام. وتحدث عنه الكثيرون ممن شاركوا في هذه الندوة.
ونحن اليوم ننعيه نيابة عن الجمعية الخيرية الصالحية ومنسوبيها بالتضرع إلى الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يجعل ما قدمه لخدمة أبناء الوطن، ونصرة الإسلام، في ميزان حسناته، وأن يسكنه الفردوس الأعلى، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.