صراعات العرب الحالية تبريراتها مذهبية وأجنداتها السياسية خارجية والثمن النهائي سوف يكون فادحاً وعلى حساب العرب فقط وكل المكاسب للأجانب.
لدينا على ساحات الصراع العربي الإسلامي المذهبي في الطرف الشيعي حزب الله وفيلق القدس وفيلق أبي الفضل العباس وعصائب الحق وجيش المهدي وجيش بدر وحركة الحوثيين اليمنيين ودولة القانون وحزب الدعوة. هؤلاء كلهم تحت إمرة المندوب السامي الإيراني قاسم سليماني، وهذا الرجل إيراني بينما أتباعه كلهم من العرب الشيعة.
لدينا على الطرف السني القاعدة وداعش والنصرة وجند الإسلام وجند الشام والإخوان المسلمين وفصائل كثيرة أخرى، وهؤلاء كلهم لا تجمعهم مرجعية واحدة ولا ولاء لوطن واحد، ولكل فصيل أميره وشيخه ومصادر تمويله السرية وأغلب معاركهم موجهة ضد بعضهم البعض وضد الشعب الذي يدعون الدفاع عنه. الصراع إذا ً يدور بكامله بين عرب وعرب وعلى أراض عربية، والدماء التي تراق عربية والمهجرون إلى العراء عرب والمغتصبات من النساء عربيات ومغتصبوهم عرب. هذا هو الواقع في الجزء العربي من العالم الإسلامي الذي يستحوذ على الحصة الكبرى من الحروب الأهلية والعمليات الإرهابية والتدميرية والتهجير والاغتصاب من بين كل العوالم الأخرى على هذا الكوكب.
في عالم اليوم المتعدد هناك عالم إسلامي وعالم مسيحي وعالم بوذي وعالم علماني ترك التدين للقناعات الفردية واختار التعايش العقلاني مع الحريات في حدود القوانين.
في محاولة الاستجواب التالي لا أطالب بتبرير الإجابات، لكنني أتوسل تحكيم الضمير في الاختيار بعد التفكير العميق. في أي من العوالم الأربعة أعلاه توجد المواصفات التالية:
1 - أغنى الأفراد مقابل أفقر الشعوب؟.
2 - أوسع انتشار للأمية، أمية القراءة والكتابة؟.
3 - أعلى مستويات التخلف العلمي والفكري والإنتاجي؟.
4 - أدنى درجات العدالة الاجتماعية والمشاركة في ثروات الأوطان؟.
5 - أسوأ علاقات التعايش بين أطياف المجتمع المختلفة؟.
6 - أقوى شبكات الفساد المالي والإداري المستعصية على التفكيك والمحاسبة؟.
7 - أهزل المؤسسات الحقوقية المدنية؟.
8 - أقل المجتمعات إنتاجاً لحاجاتها من الغذاء والكساء والدواء؟.
9 - أوسع مساحات الحرية لتطليق الزوجة بكلمة واحدة وطردها إلى الشارع؟.
10 - أفضل بيئة اجتماعية لزواج الكهل بطفلة المدرسة الابتدائية؟.
11 - أضيق المساحات للحريات الشخصية غير المتعدية على حريات الآخرين؟.
12 - الاستعمال الأكثر استهلاكاً لاتهام أعداء الخارج وتحميلهم كل ما تم ذكره أعلاه من مصائب؟. انتهى الاستجواب.
من الواضح على الأقل من خلال الانحراف الغوغائي الشامل في أحداث ما يسمى الربيع العربي، أن العالم الإسلامي والجزء العربي منه بالذات مأزوم أخلاقياً، يسير نحو الهاوية بطريقة الانتحار الذاتي. هل هناك مؤشرات ودلالات على التآكل والانتحار الذاتي أوضح من توفر الحقائق التالية:
1 -وجود أعمق تقسيم للمكونات الدينية إلى نواصب وروافض ونصارى وعلمانيين، وللمكونات العصبية إلى أنساب متكافئة وغير متكافئة؟.
2 - وجود أقبح ممارسات القتل بحز العنق والتقطيع بالسواطير والاغتصاب على الهوية المذهبية والعرقية؟.
3 - وجود تقنين لممارسات الدعارة تحت مسميات المتعة والمسيار وجهاد المناكحة وقران الاغتراب في ديار الكفار.
4 - حدوث أشمل تهجير داخلي وخارجي متبادل للسكان من أبناء الوطن الواحد وطرد المدنيين إلى مخيمات اللاجئين في دول الجوار؟.
5 - وجود أكذب أنواع التعامل والمساومة والمماطلة في البيع والشراء والغش في البضائع؟.
6 - منهجة أهزل أنواع التعليم إنتاجية وأكثرها تمجيداً لرموز الماضي بدون مصداقية تطبيقية على أرض الواقع؟.
7 - إنتاج الأكثر همجية من المنظمات الإرهابية الفتاكة والأبعد أخلاقاً عن حدود الشرائع السماوية والقوانين الوضعية عبر التاريخ البشري بكامله؟.
8 - إطلاق أعلى درجات الصراخ للتبشير بالصحوة الكبرى لهداية العالم بكامله؟.
9 - انتشار أقذع أنواع السب والشتم المتبادلة للرموز المذهبية على كل المنابر الإعلامية والدينية.
عالم بهذه المواصفات لا يحتاج إلى أعداء من الخارج. لديه كل إمكانيات التدمير الذاتي مع فائض يصر على تصديره. تصدير العقليات التدميرية إلى الخارج، مدعومة بالإرهاب ومغلفة بأحلام الدولة الإسلامية الكبرى، هذه الجزئية بالذات تقلق كل مجتمعات العالم. العالم كله بدأ ينساق فعلياً ضد هذا الفكر العدواني ضد النفس وضد الآخرين. التفتيت النهائي للمجتمعات العربية بتوافق وتضامن مشرعن عالمياً مسألة وقت، إلا أن تتحرك المكونات المحصنة بالعقلانية الواقعية في هذه المجتمعات لكبح الطوفان.
كل الحكومات والمرجعيات الشرعية والمجتمعات النخبوية في العالم العربي مطالبة اليوم بإلحاح شديد، أن تقف وقفة شرعية وأخلاقية وتاريخية ضد المجموعات الإجرامية التي ولدت من أرحامها وأصبحت تسوق البشر مثل الأغنام نحو الهلاك. عندما تكون في حافلة مليئة بالرهائن، يقودها سائق مجنون ولم تتصرف سوف تهلك مع الجميع.