معالي الدكتور محمد الرشيد (أبو أحمد)، كما كان يحب أن يناديه المقربون - واحد من الذين يفجع لفقده من عرفه، ويوجع لفراقه من عاشره، ويعرف فراغ مكانه ومكانته من خبره وزامله.
فالفقيد- طيب الله ثراه - جمع الحسنيات، وبدءاً بصفاته الأخلاقية ودماثته ووده وروحه الإنسانية الاجتماعية الراقية مروراً بالأفق الفكري الواسع والعميق والرؤى الإصلاحية التربوية الرائدة وتفاعله الصادق والإيجابي مع هموم وطنه، وصولاً إلى أنه كان رقماً مؤثراً في مسيرة التربية والتعليم في بلادنا، معلماً وعميداً ومديراً ووزيراً.
الدكتور محمد الرشيد أعطى ذوب عمره لهذه الرسالة التربوية وعرف ذلك كل من اقترب منه - وقد سمعت مراراً من الوالد عثمان الصالح رحمه الله - أن أكثر ما يريح الدكتور الرشيد هو الحديث عن الشأن التربوي، وأنه عمل على إضافة الكثير لمنظومة التعليم والتربية عندما كان وزيراً ونجح في الكثير، وتعرض لعراقيل جمة أعاقت بعض طموحاته وتطلعاته، وأنه جعل لرسالته التربوية شعاراً متفرداً (وراء كل أمة عظيمة تربية عظيمة).
وما لا يعرفه الكثير من أبناء الجيل الحالي أن الدكتور محمد الرشيد يرحمه الله - هو من تبنى فكرة إنشاء جامعة الخليج ومقرها البحرين وخلال عضويته لعامين فقط في مجلس الشورى (1414- 1416هـ) تبنى مشروع إصلاح التعليم واقترح إجراء تقويم شامل للتعليم في المملكة. وعندما أصبح وزيراً عام 1416هـ واصل جهوده، ونجح في تطبيق برامج رائدة ومبتكرة منها التقويم الشامل للمدرسة، وادخال منهج التربية الوطنية، وادخال اللغة الإنجليزية في التعليم الابتدائي ودمج طلاب التربية الخاصة مع طلاب التعليم بثنائية جميلة مع الأمير سلطان بن سلمان - حامل قضية الإعاقة في الوطن، وتوحيد المناهج العامة بين تعليم البنات وتعليم البنين، وتحديث مناهج العلوم الطبيعية وتحسين مقررات التربية الإسلامية من أجل تقريب فهمها واستيعابها للطلاب والطالبات، وتوج ذلك ببرنامج تنمية مهارات التفكير الذي أراد به تدريب المعلمين على التعليم بأسلوب يستحث التفكير والبحث لدى الطلاب.
أبا أحمد.. كم كان والدي عثمان الصالح يحدثني عنك وعن رؤاك وتطلعاتك.. عندما كان ضيف إثنينية عثمان الصالح، تكلم بكل جرأة وشفافية عن أزمة التعليم والمناهج والمعلمين والمعلمات وهو على رأس الوزارة، وكم كانت تلك الأمسية فيها من المداخلات الجريئة التي كان يجيب عليها أبا أحمد بكل أريحية، وساعده في ذلك مدير الحوار في تلك الليلة الأستاذ زياد بن عبدالله الإدريس.
رحم الله الدكتور محمد الرشيد، وكل من حسن خلقه، وتفانى في عمله وقدم لوطنه ما يمكن أن يخلد اسمه حياً وميتاً.. عزائي لزوجته وبناته وأبنائه البررة.