بدا لي أن الناس تفنى نفوسهم
وأموالهم، ولا أرى الدهر فانيا!
في كل صباح ومساء نفاجأ برحيل غاد ورائح من احبتنا الى دار الخلود -رحمهم الله - ولاسيما في الاونة الاخيرة من هذا الزمن متعدد الأسباب من أمراض متنوعة ومختلفة، ومن كوارث وحوادث سير مستمرة، كل ذلك بتقدير العزيز الحميد، المسطر منذ الأزل في اللوح المحفوظ، قال الله سبحانه «فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون» فقد صعدت روح الأستاذ الحبيب حسن بن عبدالعزيز الجريبة الى بارئها بعد ظهر يوم السبت 25-2-1435هـ على إثر مرض لازمه طويلا، وأديت عليه صلاة الميت بعد صلاة عصر يوم الأحد 26-2-1435هـ - تغمده المولى بواسع رحمته - ولقد كان لرحيله بالغ الأثر في نفوس اسرته ومحبيه لما يتمتع به من سماحة خلق وحسن تعامل واستقامة في دينه، وطيب معشر، واعراضه عن مساوىء الناس. ولقد ولد في بلد ملهم الشهيرة بلد آبائه وأجداده في أوائل الستينات من القرن الفارط 1300هـ، وتلقى تعليمه في نفس البلد...، بعد ذلك تعين مدرساً، ثم مديرا لمدرسة صلبوخ الابتدائية، ثم انتقل بعد ذلك الى وزارة العدل مدة من الزمن، ثم انتقل للعمل بشعبة الموظفين بوزارة الدفاع، فاستمر في عمله بكل جد واخلاص حتى تقاعد، وقد بلغت خدمته أكثر من أربعين عاماً تاركاً أثراً طيباً وذكراً حسناً:
وإنما المرء حديثا بعده
فكن حديثا حسنا لمن وعى
ثم تفرغ لتربية أبنائه وللعبادة، ولازم تلاوة القرآن الكريم آناء الليل وأطراف النهار، ويقال إنه يختم القرآن الكريم ما بين خمس مرات الى ست شهرياً، ويكثر زيارات مكة المكرمة حاجا ومعتمرا مع الصيام هناك في بعض السنين، ويعتبر من الصالحين خلقا وأدبا، فهو محبوب لدى أسرته وزملائه وجيرانه، وكانت لنا معه بعض الذكريات الجميلة اثناء عمله مديرا لمدرسة صلبوخ الابتدائية في أوائل الثمانينيات، فكان يجري في تلك الحقبة تعاون بيننا في التزويد ببعض النواقص في المقررات الدراسية، وعدد من اللوازم المكتبية، حيث كنت اذ ذاك مديراً لمعهد المعلمين ومشرفا على المرحلة الابتدائية بحريملاء، فبعضنا مكمل للآخر ومع المدارس المجاورة، فالاستاذ حسن مدير مخلص في أداء عمله حسن التعامل مع المدرسين والطلاب ومع أولياء أمورهم، وكثيرا ما يكون على صلة بهم ليتعاونوا معه على مواظبة أبنائهم وعلى متابعتهم وقيامهم بواجباتهم المنزلية باستذكار دروسهم، ونسخ بعض القطع الادبية لتحسين خطوطهم ولتعلق في أذهانهم بعض المعاني التربوية أثناء النسخ وليستفيدوا منها في قابل أيامهم:
كفى قلم الكتاب مجداً ورفعة
مدى الدهر أن الله أقسم بالقلم!
ولئن غاب شخص (أبو عبدالعزيز) عن محبيه فإن ذكره باق في نفوسهم، رحم الله الفقيد واسكنه فسيح جناته وألهم ذويه واسرته ومحبيه الصبر والسلوان (إنا لله وإنا إليه راجعون).