دعا رئيس مجلس الغرف السعودية فرنسا للنظر في شكوى رجال الأعمال السعوديين من تعقيد وتغير قوانين الضرائب الفرنسية مما يؤثر على الإدارة المالية والسيولة لدى تلك الشركات، فيما أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند التزام حكومته بالعمل على استقرار السياسات الضريبة وتسهيل الإجراءات على المستثمرين السعوديين ، لافتاً إلى أنه وخادم الحرمين الشريفين وضعا خارطة طريق للتعاون بين البلدين ، داعياً رجال الأعمال من البلدين لاستثمار هذه الإرادة السياسية والزخم الكبير لتطوير ودفع علاقات التعاون في مختلف المجالات الاقتصادية.
جاء ذلك خلال لقاء استضافه المجلس أمس جمع أكثر من 400 رجل أعمال ومسؤول سعودي وفرنسي رفيعي المستوى بحضور فخامة رئيس جمهورية فرنسا فرانسوا أولوند ، حيث كان في معية فخامته وزيرة التجارة الخارجية نيكول بريك وعدد من كبار المسؤولين في الحكومة الفرنسية.
وأكد الرئيس الفرنسي أولوند على أهمية العلاقات السعودية الفرنسية من منطلقات دور البلدين في الأمن والاستقرار والسلام على الصعيد العالمي ، منوهاً بمكانة المملكة وتاريخها العريق وشعبها وما تلعبه المملكة على صعيد الاقتصاد العالمي باعتبارها البلد العربي الوحيد في مجموعة العشرين التي ترسم السياسات الاقتصادية العالمية ، وكذلك دورها كأكبر منتج للنفط بالعالم وجهودها في الحفاظ على أسعار عادلة له تحقق مصالح الدول المنتجة والمستهلكة. وأشار لزيارة الملك فيصل – رحمه الله – لفرنسا ولقائه الجنرال ديغول ونوه بحجم التبادل التجاري البالغ 8 مليار يورو، موضحاً بأنه رقم كبير ، لكنه أكد على وجود فرص لتوسيع مجال التبادلات التجارية سيما وأن المملكة لديها برنامج كبير لتطوير البنى التحتية يستجيب لاحتياجات المواطنين وللاقتصاد السعودي ، ويمكن للشركات الفرنسية من خلال مجالات الامتياز التي عرفت بها المشاركة في مثل هذه المشروعات في مجالات كالطاقة والبنية التحتية والصناعات الغذائية . وقال بأن الشركات الفرنسية حققت نجاحات باهرة في السوق السعودية.
وقال الرئيس الفرنسي بأنهم يرغبون في أن تأتي شركات صغيرة ومتوسطة فرنسية للعمل في المملكة ، منوها لتوقيعهم اتفاقية هامة في مجال الخدمات الصحية والتدريب على المهنة الصحية . وأشار إلى أن لقاءه مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله تطرق للتعاون في مجال الصناعات الغذائية في ضوء سياسة المملكة نحو توفير الأمن الغذائي . ونوه بضرورة التعاون في مجال الطاقة المتجددة والنظيفة في ظل توجه المملكة نحو مصادر بديلة للطاقة ، وإمكانية مشاركة الخبرات الفرنسية في هذا الجانب ، وتطوير مشروعات كبيرة للطاقة المتجددة ، بالإضافة لاستعداد فرنسا التعاون مع المملكة في مجال مشروعات الطاقة النووية.
من جانبه اعتبر رئيس مجلس الغرف السعودية المهندس عبد الله المبطي الاتفاقيات التي تم توقيعها على هامش الزيارة تأكيداً للإرادة المشتركة بين البلدين لتطوير علاقاتهما في مختلف المجالات ، مذكراً بحجم التبادل التجاري البالغ 44 مليار ريال. وأضاف بأن الجانب السعودي يرغب في تشجيع الشركات السعودية للاستثمار في فرنسا لتعزيز وخلق فرص عمل للسعوديين ولنقل وتوطين الخبرات والتقنيات المختلفة. وقال بأنه سيتم العمل على دراسة الفرص الاستثمارية وزيادة تبادل الوفود التجارية بين البلدين وإزالة كافة المعوقات التي تعيق استثمار الشركات السعودية في فرنسا.
وقال أمين عام مجلس الغرف السعودية المهندس خالد العتيبي: إن زيارة الرئيس الفرنسي تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة صعوبات وتحديات اقتصادية تتطلب تعاون الجانبين ، مؤكداً بأن الجانب السعودي يتابع باهتمام الإصلاحات الاقتصادية التي تجريها الحكومة الفرنسية لتعزيز موقعها على صعيد الاقتصاد العالمي ، معتبراً الزيارة تمهد الطريق لمجالات جديدة للتعاون وشراكة كاملة, لافتاً إلى أن مستقبل الفرص زاخر في شتى المجالات بين البلدين متمنياً نجاح رجال الأعمال السعوديين والفرنسيين في استثمار تلك الفرص.
وفي ذات السياق وبحضور وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة ووزيرة التجارة الخارجية الفرنسية نيكول بريك تم توقيع 9 اتفاقيات تعاون بين جهات حكومية وخاصة سعودية وفرنسية، استهلت بتوقيع الدكتور الربيعة مع الجانب الفرنسي محضر اجتماع اللجنة السعودية الفرنسية المشتركة التي ستنعقد قريباً.
كما تم توقيع اتفاقية تعاون بين شركتي أريفا وإي دي إف الفرنسيتان وعدد من الجامعات السعودية « جامعة الملك سعود – جامعة الأمير محمد بن فهد – كلية دار الحكمة – جامعة عفت « وذلك في مجال تنظيم دورات أكاديمية وتدريبية للطلاب السعوديين في مجال الطاقة النووية ، ومذكرة تفاهم بين الشركتين وعدد من الشركات السعودية « الزامل للحديد – العليان ديسكون – بحرة للكابلات – الرياض للكابلات- مضخات السعودية» وذلك في نطاق التعاون الصناعي في مجال الطاقة النووية (بناء محطات الطاقة النووية).، بالإضافة لشراكة بين شركة راديكون السعودية وأسستم الفرنسية كاتفاق مبدئي على الاستثمار المالي للشركة الفرنسية في رأس مال الشركة السعودية ، كما تم توقيع اتفاقية بين شركة الكهرباء الفرنسية والشركة الدولية للطاقة وذلك للشراكة في مجال الطاقة النووية ، وكذلك توقيع عقد تجاري بين شركة المياه الوطنية وشركة ايترون الفرنسية لتوريد عدادات مياه ذكية ، واتفاقية بين شركة موفيكن الفرنسية وكانو السعودية للنقل لإنشاء وكالة تجارية لدول مجلس التعاون الخليجي في مجال نظم المعلومات لشبكات النقل في المناطق الحضرية ، وتوقيع مذكرة تفاهم للتعاون الصناعي في مجال معالجة المياه والصرف الصحي والطاقة والنفايات بين شركة فيوليا الفرنسية وشركة الاستثمار الدولي القابضة ، واتفاق لإنشاء مصنع بلازما بالمملكة بين شركة LFB الفرنسية و شركة LFB السعودية ، إلى جانب اتفاق للتعاون مع وكالة للتنمية الدولية للشركات الفرنسية و قسم مستشاري التجارة الخارجية الفرنسية بالسفارة الفرنسية.
وخلال ورشة عمل حول الطاقة والمياه حضرها مستثمرون من الجانبين أحاط الجانب السعودي الفرنسيين بالمشاريع التي تعمل عليها المملكة والمؤشرات الاقتصادية كضخامة الميزانية وتزايد النشاط الاقتصادي وتطور مشاريع البنية التحتية ، وتم التنويه بالتحديات التي تواجهها المملكة في هذه القطاعات المتمثلة في تزايد الطلب على الطاقة والكهرباء والمياه بسبب التوسع في المشاريع الصناعية وتزايد معدل نمو السكان والمدن وتمت الإشارة لتوجه المملكة نحو مشاريع الطاقة المتجددة. وقد استعرضت الورشة الفرص الاستثمارية بالمملكة في مجال إنشاء محطات الكهرباء والمياه والطاقة والغاز وغيرها ، فيما أكد الجانب الفرنسي على اهتمامه بالسوق السعودية ورغبته في مشاركة خبراته المختلفة مع الشركات السعودية.
كما تم في ورشة العمل الثانية مناقشة الفرص الاستثمارية المتاحة في مجالات النقل والخدمات الصحية والتعليمية والتنمية الريفية والبيئة والموارد البشرية، وذلك من خلال عرض قدمه مختصون بعدد من الجهات الحكومية والخاصة تناول إستراتيجية النقل في المملكة باستعراض المشاريع التي تم تنفيذها خلال السنوات الماضية وما يجري تنفيذه حاليا ، خاصة في مدن الرياض وجدة والدمام مثل تطوير مشاريع الأنفاق والسكك الحديد، بجانب مترو مكة والرياض. كما تم أيضا استعراض احتياجات المملكة في المجال الصحي والذي يزخر بفرص متنوعة للشراكة، وكذلك الحال بالنسبة لقطاع التعليم الذي بحاجة إلى تطوير في جانب الخدمات التعليمية. فيما ركز الجانب السعودي على وجود تحديات ماثلة في مجال التطوير التكنولوجي والبيئة.
في حين استعرض الجانب الفرنسي أهم الشركات العاملة في المملكة في مجالات النقل كالسكك الحديد والمترو والصحة والمياه والتخلص من النفايات، مبينا ما تتمتع به فرنسا من إمكانيات كبيرة في تلك المجالات، فيما أشار الجانب الفرنسي إلى أنه يسعى إلى بناء مصانع صديقة للبيئة ومستشفى رائد سعودي فرنسي.