المدينة المنورة - مروان عمر قصاص:
تتفاوت البلدان والأوطان شرفاً ومكانة وعلواً ومجداً وتاريخاً، وتأتي المدينة النبوية بلد المصطفى (صلى الله عليه وسلم) أرض الهجرة ودار الإيمان وموطن السنة في المكان الأعلى والموطن الأسمى عاصمة الدولة الإسلامية الأولى، ويعد مشروع خادم الحرمين الشريفين لتوسعة المسجد النبوي الشريف وإعادة إعمار المدينة المنورة أكبر مشروع عبر تاريخ المدينة المنورة وبحجمه الضخم وآليات تنفيذه واتساع نطاقه تتجاوز إيجابياته الاجتماعية والاقتصادية القدرة الاستيعابية والتحليلية مما جعله محورا ً لحديث المجالس بالمدينة المنورة وانطلاقا من توجيهات خادم الحرمين الشريفين بأن يكون المواطن شريكا أساسيا في عملية صنع واتخاذ القرار وصياغة المستقبل وباستجابة كريمة من سعادة رئيس التحرير الأستاذ خالد بن حمد المالك نظمت (الجزيرة) هذه الندوة التي جاءت بمبادرة كريمة من الجمعية التعاونية وقد ناقش الحاضرون محاور شملت (أهمية المشروع، أهدافه، وآثاره الاقتصادية والاجتماعية، الأطراف المتأثرة بالمشروع في مراحل تنفيذه، آليات التعويض).
أهمية المشروع
قال المهندس حمود الحربي لقد أولى الملك عبد العزيز رحمه الله وأبنائه من بعده جل رعايتهم واهتمامهم بتوسعه المسجد النبوي الشريف وإعادة إعمار المدينة المنورة وقد جاء مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله لتوسعه المسجد النبوي الشريف ومرافق الخدمات المساندة له وتطوير المناطق العشوائية داخل الدائري المتوسط ويتزامن معه مشاريع توسعة طرق الربط بين المسجد النبوي الشريف وأطراف المدينة (طريق الملك عبد العزيز، طريق السلام، طريق الملك فهد)، وإعادة إحياء درب السنة لربط الحرم النبوي الشريف بمسجد قباء وأعمار المراكز الحضارية بالمواقع التاريخية المرتبطة بالسيرة النبوية في ميدان سيد الشهداء ومسجد قباء وغزوة الخندق والقبلتين وميقات ذي الحليفة ومشروع قطار الحرمين والنقل العام بالمدينة وتطوير مطارها الدولي.
فالمشروع يأتي ترجمة ملموسة لاهتمامات خادم الحرمين بالمدينة المنورة ولاستشراف مستقبل هذه المدينة لتكون محوراً للتنمية الوطنية للعديد من مناطق المملكة ولتشكل معها نظاماً اقتصادياً واجتماعياً فعالاً في مرحلة دور المدن في التنافسية العالمية واستثماراً وطنياً لما يبشر به واقع الأمة الإسلامية من تزايد لأعداد المستهدفين من الحجاج والمعتمرين والزائرين الذين يتوقع أن يصل عددهم إلى قرابة 33 مليون حاج ومعتمر وزائر سنوياً علاوة على الرؤيا المستقبلية لما ستستقطب المدينة من هجرة داخلية وما يصاحبها من نمواً طبيعياً للسكان.
إحصائيات المشروع
أوضح المهندس عبد الحق العقبي ندرة وتضارب المعلومات والإحصائيات بين ما هو متاح وما تتداولها شبكات التواصل الاجتماعي مما يوحي بعدم الشفافية خلافاً لما اتبع في التوسعات السابقة وما ارتبط بها من مشاريع مؤكداً أن عدم الشفافية وغياب المعلومات من مصادر موثوقة أوجد فرصا للشائعات وتسبب بذعر المواطنين من المستقبل ومن المعلومات المغيبة:
1- المساحة المشمولة بالمشروع وما يرتبط به من خدمات.
2- مساحة الحرم النبوي بعد التوسعة.
3- عدد العقارات التي سيتم إزالتها لجملة المشاريع.
4- حجم الإزاحة السكانية فكل ما تتداوله الصحف والمواقع الإلكترونية عن المشروع وإحصائيات اجتهادات لا تستند لمصدر مسؤول مما أوجد تساؤلات كثيرة حول أسباب عدم الشفافية والوضوح.
من جانبه أكد الدكتور صلاح بن سليمان الردادي على أن أمانة منطقة المدينة المنورة قد قدمت للمجلس البلدي عام 1428هـ تقريراً عن حجم المناطق العشوائية واتضح من خلاله أن هذه المناطق تمثل 40% من الكتلة العمرانية ومن أهم خصائصها:
أ- تدني المستوى الاجتماعي والاقتصادي للسكان مما أوجد بيئة سكنية غير ملائمة.
ب- نقص وتدني مستوى الخدمات العامة في هذه المناطق.
ت- تدهور حالة الطرق والشوارع وممرات المشاة وعدم صلاحيتها.
ث- تعد هذه المناطق معوقا للتنمية وبؤر للمشاكل الاجتماعية والصحية والبيئية.
ج- تشكل هذه المناطق مناخاً ملائماً للأنشطة المخالفة وإيواء المخالفين لنظام الإقامة.
ح- تمثل هذه المناطق نموذجا للتلوث البصري والفجوة الاجتماعية والعمرانية.
الأحياء الأكثر احتياجا للتطوير
وأوضح الأستاذ صالح النجار في مداخلته أن غياب المعلومات الصحيحة والحديثة عن حجم المشروع ونطاقه قد أثار العديد من التساؤلات بين سكان حي الحرة الغربية حول تطوير منطقتهم فالمؤشرات الحالية تشير إلى أنها خارج نطاق التطوير علما بأن الحرة الغربية وحي الجبور وحي المغيسلة وحي الشريبات وأرض السديري بالحرة الشرقية تعد من أكثر المناطق احتياجا لإعادة التطوير والتأهيل. وأيده في ذلك المهندس خليل الحجيلي الذي أوضح انه خلال السنوات العشر الأخيرة انفق الكثير من الجهد والمال لتطوير هذه المناطق ومناطق أخرى تحت مسمى تطوير وتهذيب الأحياء العشوائية ألا أنه لم يتحقق من ذلك على أرض الواقع أي اثر ملموس لعملية التطوير مما أدى بسكان هذه الأحياء لهجرتها فتحولت إلى مناطق لإيواء العمالة بما فيها العمالة المخالفة. وأوضح أنه من الأهمية إدراج هذه المناطق ضمن مراحل تطوير المدينة المنورة حيث إن تطويرها بالمشروع الحالي سيعد نقلة حضارية على البيئة الاقتصادية والاجتماعية.
الآثار الاقتصادية
وحول الآثار الاقتصادية لهذا الحدث الكبير قال الدكتور محمد الخطراوي أن قطاع الأعمال بالمملكة يتابع عن كثب المشروع وما سيحدثه على أرض الواقع من فرص اقتصادية خاصة في مجال الإنشاءات ودعا رجال الأعمال بالمدينة المنورة لضرورة تطوير أعمالهم وقدراتهم والعمل على الاندماج في تكتلات لتكوين كيانات قوية قادرة على استيعاب متطلبات ومعطيات هذا المشروع الكبير الذي سيزيد من فرص الاستثمار العقاري ويحقق نقلة نوعية في حجم الطلب على الخدمات العامة والإيواء والخدمات الصحية والأسواق كما سيرتبط بهذا المشروع العديد من الفرص الاستثمارية الصناعية في كافة المجالات لاسيما مجالات البناء والأثاث والمواد الغذائية وسيوفر المشروع العديد من فرص العمل.فالمشروع يأتي تعزيزا للجهود المبذولة لتنمية اقتصاديات المدينة خصوصاً والوطني عموما وسيكون له أثراً واضحاً في تحسين مستويات المعيشة وزيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي فهذه التوسعة مكرمة ملكية سخية ومهمة وضرورية للتوسع في خدمة زوار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة أسأل الله أن يتقبلها في موازين حسنات خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة على انه من المتوقع أن يترتب على تنفيذ هذه التوسعة آثار جانبية طبيعية مباشرة أو غير مباشرة مما يتطلب مجموعة من العوامل لعل أهمها:
1- تحديد الجدول الزمني لمراحل تنفيذ المشروع وتأثيراتها.
2- تقدير الفجوة الزمنية المتوقعة بين الإزالات الفعلية وبرنامج الاستبدال.
3- مزيد من التكاتف والتعاون بين أجهزة القطاع الحكومي والقطاع الخاص.
4- الشفافية ووضوح الرؤية الإستراتيجية والصورة البانورامية لمستقبل المدينة المنورة بعد إتمام التوسعة.
واقترح الدكتور الخطراوي أن تستضيف الغرفة التجارية الصناعية بالمدينة المنورة لقاء مع أمين عام هيئة تطوير المدينة المنورة المهندس طلال الردادي لإيضاح الكثير من المعلومات التي تغيب عن الجميع مشيراً إلى أنه قدم شرح تفصيلي لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة عن الفكرة وقد أيدها كما أكد سموه على أهمية توفير البدائل قبل الإزالة.
ارتفاع مؤشر العقارات بنسبة 252% في المدينة المنورة
وتناول الأستاذ ماجد غوث هذا المحور مؤكدا ارتفاع مؤشر العقارات بنسبة 252% قبل البدء في تنفيذ المشروع وأشار لضرورة وجود آليات تكبح جماح الارتفاعات غير المبررة في أسعار العقارات بالمدينة المنورة من كيانات تعبث في سوق العقار وذلك من خلال قيام أمانة منطقة المدينة المنورة بتعديل نظام الارتفاعات في المباني التي تطل على الطرق الرئيسية (طريق الهجرة، طريق الجامعات، امتداد شارع السلام، طريق الملك عبد العزيز، والطرق التي تزيد عن 40 متر في المخططات الجديدة) وتسهيل وتسريع إصدار تراخيص المخططات الجديدة لموازنة العرض والطلب خصوصاً مع توفر السيولة الكاملة أثناء مرحلة التعويضات وأوضح أن هذا الأمر من شأنه الحد من فزع ارتفاع الإيجارات لحوالي 120 ألف أسرة تسكن مباني مستأجرة وفق إحصاء 1431 سيضاف لهم 54 ألف أسرة سيتم إزالة أملاكهم خلال المشروع.
وطرح الكاتب عبد الله الجميلي عدة استفهامات منها:
- هل لجان التّعْويض قد قَدرت (القَيمة الفعلية لِسعْر المتر بناءاً على الواقع ومكانة جوار سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام، وارتفاع الأسعار المتوقع للأراضي في ظل زيادة الطلب على الأراضي وقلة المعروض وارتفاع تكلفة البناء؟!
ثمّ لماذا لا يكون صوت المواطن صاحب الشّأن حاضراً في لجنة التعويضات؟! ولماذا لا يكون شريكاً فاعلاً في مشاريع التّطوير؟!
وقال إنّ الأحياءُ السكنية التي سوف تزال لصالح التوسعة حسب التقديرات أكثر من (14800 عقار)، وكلّ مبنى أو عقار يحتضن العديد من الأسر، ومع الغلاء المؤكد للأراضي والبناء؛ فإن أولئك سيجدون صعوبة في توفير البديل وسأل هل هناك خطة للسيطرة على الوضع وحماية أولئك المواطنين.
وتسأل الجميلي عن خطة ودور وزارة الشئون الاجتماعية لتخفيف معاناة أهم الأطراف المتأثرة في المشروع قبل التنفيذ من المستأجرين الحاليين في المباني المزالة حيث أغلبهم من الفقراء والضمانيين وسكان الأربطة وذوى الدخل المنخفض حيث تتحمل وزارة الشئون الاجتماعية عبئاً ومسئولية في إيجاد الحلول من خلال الضمان الاجتماعي والصندوق الخيري (كاستئجار مباني لهم - أو دعمهم بإيجار منازل إلى حين وجود الحلول الكفيلة بإيوائهم وتعزيز مقدرتهم.
إجماع المشاركين على أهمية الشفافية:
وأجمع المشاركون بالندوة على إن ندرة المعلومات والدراسات الاجتماعية المرتبطة بالمشروع تطرح أسئلة عن دور الوزارات في مجال اختصاصها ومدى تكاملها ودعمها لأهداف المشروع والحد من تداعياته السلبية لكي لا تكون عائقاً مستتراً أمام تنفيذه أو مصدراً للأثار السلبية وان المجتمع يتطلع لمبادرات الوزارات وإعلان خططها واليات عملها التي تدعم تنفيذ المشروع وبشكل خاص:
- وزارة الإسكان وأهمية دورها في زيادة حصص الوحدات السكنية المخصصة لذوى الدخول المنخفضة بمنطقة المدينة المنورة وتسريع وتيرة الإنجاز بما يتلاءم مع المدة الزمنية لمشروع التطوير.
* صندوق التنمية العقاري ومدى مساهمته بزيادة حصة المدينة المنورة من القروض خلال الفترة المقبلة واستثناءه طلبات الإقراض بالمدينة كحالة خاصة ليتم إدراجهم في برامج الإقراض للعام 1435هـ حيث إن التأخير من شأنه زيادة المعاناة وهو ما يتعارض مع رؤية وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين.
* وزارة البلديات والعمل على تطوير المدن التابعة لتواكب متطلبات التنمية وتمتص أو تحد من الهجرة الداخلية إلى المدينة وأن تسارع بنقل مراكز التفتيش للمواقع المعتمدة لها بالمخطط الشامل لأشعار المواطن بارتباط هذه المدن هيكليا واجتماعيا بالمدينة المنورة.
* وزارة التربية والتعليم ومواكبتها لهذا المشروع الطموح من خلال البدء في إنشاء المجمعات التعليمية لاستيعاب الطلاب من (107) مدرسة مزالة وإيجاد آليات عاجلة لاستفادة الطلاب والطالبات بالمدينة المنورة من مشروع النقل المدرسي.
* وزارة الصحة من المؤكد أن تزايد إعداد الزائرين والنمو السكاني يتطلب خطة وآليات تنفيذية لإنشاء المستشفيات والمراكز والخدمات الصحية التي تواكب الرؤيا المستقبلية للمدينة المنورة.
* أمانة المدينة المنورة يمثل انخفاض الإيجار في المناطق المزالة سكنا لعدد كبير من عمال الشركات والمؤسسات التجارية مما يستوجب تحرك عاجل من أمانة المدينة المنورة لتخصيص مواقع لمدن عمالية في أنحاء مختلفة من اتجاهات المدينة وطرحها للمستثمرين بما يحقق إسكان صحي ومناسب للعمالة الحالية والمستقبلية والحد من انتشار سكن العمالة داخل الأحياء السكنية للعائلات.
* مؤسسة الملك عبد الله بن عبد العزيز لوالديه للإسكان التنموي ومساهمتها في إنشاء مدن للإسكان الخيري الراقي بضواحي المدينة المنورة (أبار الماشي، المندسة، القريش، الجفر) على غرار ما نفذته المؤسسة بباقي مناطق المملكة.
* وزارة النقل لا شك في أن الأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي الذي تشهده المدينة المنورة سيجتذب المهاجرين للمدينة من الداخل ويضاعف إعداد الزائرين مما يستدعي ضرورة توضيح مبررات وزارة النقل لجعل محطة قطار الحرمين بالمدينة من أقل المحطات استيعابا للركاب واعتمادها محطة فرعية لا تواكب الرؤيا المستقبلية وكل ما يخشاه مجتمع المدينة أن تنسحب هذه الرؤيا على خطط وبرامج الوزارة للنقل العام بالمدينة المنورة.
آلية التعويض للمباني المزالة
وحول هذا المحور تحدث الأستاذ صالح النجار مشيراً إلى أن المشروع مرتبط بمصالح وأرزاق المواطنين وان مبررات المشروع قوية وملحة لمستقبل المدينة المنورة ويأتي في وقت مناسب وتتفاوت وتتعدد مبررات الإزالة بتعدد أهدافها لكل جزء من أجزاء المشروع وأهم الملامح انه على أربعة أقسام:
الثلاثة الأولى: تندرج جميعها تحت الإزالة للمنفعة العامة ويحكمها نظام الإزالة للمنفعة العامة:
1- توسعة الحرم النبوي والساحات والخدمات المرتبطة به.
2- توسعة الطرق الرابطة بين مراكز المدينة وأطرافها ودرب السنة.
3- مشاريع تطوير المناطق التاريخية.
4- مشاريع تندرج تحت الإزالة للملكية العامة والاستثمار.
أما فيما يتعلق بالإزالة للملكية العامة والاستثمار فانه محكوم بقرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد بجدة لعام 1408هـ المتضمن الضوابط والشروط الشرعية لنزع الملكية وفقا لما يلي:
1- أن يكون نزع العقار مقابل تعويض فوري عادل يقدره أهل الخبرة بما لا يقل عن ثمن المثل.
2- أن يكون نازعه ولي الأمر أو نائبه في ذلك المجال.
3- أن يكون النزع للمصلحة العامة التي تدعو إليها ضرورة عامة أو حاجة عامة تنزل منزلتها كالمساجد والطرق والجسور.
4- أن لا يؤول العقار المنتزع من مالكه إلى توظيفه في الاستثمار العام أو الخاص، وألا يعجل نزع ملكيته قبل الأوان على أنه إذا صرف النظر عن استخدام العقار المنزوعة ملكيته في المصلحة المشار إليها تكون أولوية استرداده لمالكه الأصلي، أو لورثته بالتعويض العادل.
فإن اختلت هذه الشروط أو بعضها كان نزع ملكية العقار من الظلم في الأرض، ومن المغصوب التي نهى الله تعالى عنها ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وهذا ما يؤكده نظام الحكم في المملكة في المادة (الثامنة عشرة):
تكفِل الدولة حرية الملكية الخاصة وحرمتها، ولا ينزع من أحد ملكه إلا للمصلحة العامة على أن يُعوض المالك تعويضاً عادلاً ونظام نزع الملكية في مادته (التاسعة عشر) ونصها (إذا استغنت الجهة صاحبة المشروع عن كامل عقار سبق نزع ملكيته أو جزء منة ولا يمكن تخصيصه لمشروع آخر ذي نفع عام فيحق لمن نزعت الملكية منة أو ورثته استرداده خلال ستة أشهر من تاريخ التبليغ بذلك لقاء إعادة التعويض المدفوع). وهذا يستدعي أن تحدد في كل استمارة لنزع الملكية غاية النزع وأيلولة العقار المنزوع فإن كان سيئول للاستثمار فلابد من إشعار صاحبة فهو أولى به وبأعماره وفقاً للنصوص الشرعية والنظامية.
كما أكد المهندس حمود الحربي أن حفظ حقوق الدولة صنوان لحفظ حقوق المواطن:
وإن ملك وحكم رشيد لن يسمح لكائن من كان بالخروج عن الشرع والتطفيف في حقوق الناس مقابل الملكية العامة أو الاستثمار وهذا ما أكد عليه خادم الحرمين الشريفين أثناء اعتماد المشروع ومن المؤكد أن جميع من له علاقة بالتقدير للتعويض يدرك المسؤولية والأمانة الموكل له من ولي الأمر والموقف الحق أمام الله عز وجل القائل في محكم التنزيل: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ، الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ، وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}.
لجان التعويض
أوضح الأستاذ ماجد غوث أن تشكيل لجان التعويض يستند لضوابط في نظام نزع الملكية خمسة أعضاء يمثلون الحكومة (النازعة للعقار) واثنان من أهل الخبرة ويتخذ القرار بالتصويت وفي هذا مؤشر على سيطرة ممثلي الجهات على مقدار التعويض ولا يمثل المواطنين المنزوع عقاراتهم في هذه اللجان ووفقاً للتجارب السابقة لتوسعة الحرم المكي والحرم المدني فإن مستوى اللجان وقدراتها كان سبباً في تزايد إعداد القضايا أمام ديوان المظالم فهذه اللجان محدودة القدرة والخبرة والمعرفة فان كانت مناسبة للازالات البسيطة والمحدودة لمشاريع الطرق والخدمات إلا أنها لا تتناسب مع مشاريع كبرى كمشروع خادم الحرمين بالمدينة المنورة فقد أصبح التثمين العقاري علماً له أسس وقواعد ومعايير تجهلها كثير من اللجان وأن من العدالة التي وجه بها خادم الحرمين أن يكون ممثلي الجهات وأهل الخبرة مؤهلين علمياً ومكتسبين خبرات إضافية تضمن أن يكون التقدير عادلاً ومنصفاً. كما أن التجربة السابقة في مكة المكرمة قد أوجدت حلاً تمثل في ثلاث لجان لتقييم العقار ثم يؤخذ متوسط قرارات اللجان سعيا نحو العدالة.
إجراءات التعويض
أشار المهندس عبد الحق انه بالرغم من أن النظام قد نص على أن تتم إجراءات الصرف قبل التاريخ المحدد للإخلاء وفي كل الحالات إذا أخرجت الجهة صاحبة المشروع مالك العقار من عقاره أو منعته من الانتفاع به قبل تسلم التعويض سواء كان بصورة استثنائية أو غيرها فيعطى أجرة المثل عن المدة بين الإخلاء وتسلم التعويض إلا أن تجربة الماضي تؤكد أن هناك تأخر في صرف التعويضات مع عدم التزام الجهات بدفع أجرة المثل وغالباً ما يحمل صاحب العقار الأسباب وأن نظرة فاحصة للتجارب السابقة تؤكد معاناة المواطنين في صرف مستحقاتهم خاصة مطالبتهم بتطبيق المادة (82) التي يصعب تطبيقها على أملاك لها مئات السنين مما يستوجب إعفاء أصحاب العقارات من استيفاء هذه المادة في صكوك عقاراتهم المنزوعة.
التجارب والصدمات الاجتماعية
وقد أوضح المهندس حمود الحربي انه يتأثر بالمشروع حالياً ويعيش مرحلة الصدمة الاجتماعية المباشرة التي تسبق التغيرات الاقتصادية والاجتماعية 260,000 نسمة نسبة السعوديين فيهم 40% ويشاطرهم الأحاسيس باقي السكان الذين يسترجعون شريط إحداث التوسعة السابقة عندما نزعت الدولة وعوضت الملاك الأصليين بعد سنوات من التظلم (لأسعار لم يروها عادلة) واستردت الدولة ما دفعت مضاعفا واستحوذ المستثمرون على جل المنطقة وشيدوا أبراجهم العالية التي طوقت الحرم وامتصت موارد الحج والعمرة دون أن تساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمدينة بل أن متوسط دخل الفرد ومستوى الأجور بقي الأدنى ونسبة البطالة والهجرة تتزايد والآن بعد الشروع بالتوسعة الجديدة، سوف تنزع الدولة كل هذه الأبراج المشيدة وتدفع التعويض المضاعف للمباني زائداً الأرض ليشيدوا مثلها وأكبر منها في التوسعة المقترحة الجديدة مما يدفع إلى تزايد الإحساس بالقهر الاجتماعي من أن النخبة الاجتماعية التي تقبض على الثروة هي وحدها المؤهلة والمستفيدة وأن جميع العراقيل التي من شأنها أن تعوق مسيرة هؤلاء تزال على حساب حق المواطن العادي. وان الضرورة تستدعي دراسة ما صاحب المشروع السابق والمشاريع المماثل بمكة من سلبيات سواء في مراحل التقدير أو التعويض والصرف أو التنفيذ والأعمار والعمل على تلافيها.
الأمر السامي مرجعية للحل الكلي للإزالة
يرى الدكتور صلاح الردادي أنه استناداً وقياساً على ما وجه به خادم الحرمين الشريفين (عام 2007) بحصر الأراضي داخل نطاق الحرمين لتكون وقفاً للمسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف فقد اتخذ المجلس البلدي توصية عام 1428 تعالج موضوع انتقال الملكية واستمرار ريعها لصالح المدينة بأسلوب الوقف الإسلامي والمتبع بالمدن الكبرى عالمياً ونص التوصية:
(نزع الملكية للمنطقة العشوائية بين طريق الملك فيصل وطريق الأمير عبدالمجيد وطرحها للاستثمار على أن تعود الملكية وريع الأرض للمدينة المنورة واعتبارها مصدراً أساسياً للموارد الذاتية في الميزانية العامة لمنطقة المدينة المنورة تنفق في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية بالمدينة المنورة لتكون المدينة المنورة أول المدن التي تعتمد على مواردها الذاتية لتحقيق التنمية الشاملة).
وتداخل المهندس خليل الحجيلي مؤكداً أنه ليس بغريب أن تعود المدينة المنورة في عهد الملك الرشيد إلى وقف وهو الأصل في حفظ مال المسلمين ورعايتهم في هذا المدينة التي كان سمتها أن اغلب أرضها وقفا على حرمها أو على قاطنيها، وأيد هذا التوجيه أغلب الحاضرين مؤكدين أن هذا التوجه ينسجم مع مخرجات وتوصيات مؤتمرات الوقف الإسلامي التي ترعاها لدوله وتحقق نقلة نوعية في تنمية المدن من خلال إيراداتها وتقلل من اعتمادها على موارد خزينة الدولة.
** ** **
المشاركون في الندوة
* المهندس حمود بن عليثة الحربي رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية (أمين عام المجلس البلدي سابقاً).
* الأستاذ الدكتور محمد بن فرج خطراوي رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالمدينة المنورة.
* الدكتور صلاح بن سليمان الردادي عضو المجلس البلدي بمنطقة المدينة المنورة (ورئيس المجلس في دوراته السابقة).
* المهندس عبد الحق بن بشير العقبي عضو مجلس المنطقة المشرف على وقف خادم الحرمين الشريفين.
* المهندس خليل الحجيلي المهتم والمتخصص بقضايا التنمية والبيئة.
* الأستاذ صالح بن سليمان النجار رئيس مجلس إدارة جمعية التدريب والدراسات الاستشارية وعمدة الحرة الغربية السابق.
* الأستاذ ماجد بن خالد غوث عضو مجلس المنطقة.
* الكاتب الأستاذ عبدالله الجميلي.