في خضمِّ التنازع الشديد بين الطوائف والفرق التي تنتسب إلى الإسلام قد يحار المسلم في الانتساب إلى أي من ذينك الفرقاء.
وإن من المسلَّم به لدى علماء الإسلام أن التفرُّق مذموم شرعاً، والواجب على المسلمين الاعتصام بالكتاب والسنة على فَهم السلف الصالح.
وعلى المسلم النأي بنفسه عن كل تلك الفرق، والرجوع إلى ما كان عليه الصحابة - رضي الله عنهم - فالنصوص الشرعية قد أخبرت عن حصول التفرُّق، ففي الحديث: «... وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي».
وقد ذم الله التفرق في كتابه العزيز فقال: {وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}.
وأمر - تعالى - المسلمين بقوله: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّه جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}.
وإن من المسلَّم به أنه لا يلزم العامل لدين الله - تعالى - الانتساب إلى جماعة غير جماعة المسلمين، بل الانتماء إلى الفرق الإسلامية فيه من المفاسد العظيمة والشرور الجسيمة ما لا يحصر، والقاعدة الفقهية «دفع الضرر أولى من جلب المصلحة». فمن الشرور أن المنتمي لهذه الأحزاب راضٍ بما عليه الحزب من أمور، وقد ثبت عند المطلعين من المنصفين وجود أخطاءٍ عقدية ومنهجية وسياسية وفقهية وغيرها، تُعتبر جسيمة جداً في كثير من الأحيان؛ فلا يجوز السكوت عنها ولا الرضا بها. ومن أعظم الشرور في التحزب لأي حزب: انقلاب الولاء إلى ولاء حزبي لا شرعي، بل ترك النهي عن المنكر خاصة إذا كان الواقع في المنكر عضواً في الحزب، بل تغير الاهتمام، واضطراب الأولويات؛ إذ إن كثيراً من الأحزاب تهتم بالصراعات السياسية، أو تبني دعوتها على أفكار بشرية، وبدع غير سوية، والواجب على الداعي المسلم أن تكون دعوته على طريقة الأنبياء والمرسلين؛ إذ كانوا يبدؤون بدعوة الناس إلى التوحيد، وكثير من الأحزاب تعتبر الدعوة إلى التوحيد أمراً يفرق الناس.
إن الباطل العظيم الذي تحتويه الجماعات الإسلامية لا يجوز السكوت عنه، فما بالك بالرضا به.
إن المسلمين اليوم إذا أرادوا الخروج مما هم فيه من المصائب والضعف عليهم أن يرجعوا إلى دينهم.
إننا نقول، وكل منصف يقول:- جماعة واحدة لا جماعات، وصراط واحد لا عشرات.