(1) الحاجة، ما تكفي الراتب
نهاية صيف؛ وحمى إجازات؛ قهقه الرفاق وهم يجلسون أرضاً كيفما اتفق كإنسان الكهف الأول؛ بينما تختلط أصواتهم ينادي أحدهم بلهجةٍ آمرة غبية صنعتها لهم وهم الطفرة على نادل ذلك المقهى المتسخ المغلق والموجود على أطراف مدينة الإسمنت الكبيرة.
كأنما خصص هذا المكان للمجذوبين؛ كلٌ بدأ يجتر حكاياته وغزواته في شوارع المدن البعيدة ومقاهيها وفنادقها و.. و.. أعطى أحدهم إكرامية كبيرة للعامل المتمسكن نظير جلبه بعض الشاي بالنعناع وأربعة رؤوس أرجيلة محشوة وأنفاس البشر المختلفة!
قبل أن يغادروا انبعث أشقاهم وانبرى بطلب المشاركة بالوسم التويتري الجديد.. الراتب ما يكفي قضاء الحاجة!؟
( 2 ) الثائر المتلون
حينما خرج من خبئه الطويل كانت الدنيا لا زالت مبلولة بأمطار الأمس القريب؛ لم تجف الشوارع ولا الحناجر التي تزأر في المنابر المغبرة..حتى تلك الدماء لم تنقلب للون الأسود كعادتها؛ المارة قليلون رغم كونه صباح يوم عمل، لا يستطيع الواحد منهم النظر إلى عيني الآخر، انكسار جمعي كأنهم عراة.. كانوا قلة من يمشون خلفه بعد صلاة الظهيرة، مشوا معه لكنهم لم يستضيفوه على قهوة الظهر القصيرة على غير العادة؛ عادة ذلك المجتمع الحانق القابع خلف كثبان من النقمة والجحود.
استوطن المدينة الكبيرة؛ ضاع في الزحام خلع عباءته الكئيبة؛ شذب من نوتة محياه ..شعر بالانتشاء بفضل ذلك المسحوق الأبيض الموجود في بريق إضاءة أستوديو برنامجه الجماهيري؛ الذي قرر منذ البدء أن يكون منطلقاً لأسئلة ثورته الملونة.