يقول القاص عبدالرحمن السلطان في مجموعته القصصية: «ودونها رماد يحترق»: هواء بارد يكتسح المكان. هزيز ريح يتسكع في طرقات مقفرة، أشجار تبدو كأشباح من زمن قديم، ذؤاباتها الضخمة تكللني، ها قد انتصف الليل وتوارى القمر ولم يعد له مكان في كبد السماء، ظلام دامس يلفني.. كم هو ثقيل هذا الصمت!
لا أدري لماذا أفقت في تلك الساعة بالذات! ساعة لم أعتد الإفاقة فيها، ولكن يبدو أنه ذلك الحلم الحقير الذي أصبح يكدر مزاجي وينسه نومي.
وقفت أمام ذلك المقهى الذي لا يغلق أبوابه إلا مع بزوغ خيوط الفجر الأولى.. وجدته هناك.. دائماً ما كنت أجده.. كان دائماً متفرداً حزيناً..
لا يرى في النهار أبداً فإذا غشي الليل مشى متسللا بإزاء الجدران، يسرع الخطى لينزوي كحشرة تافهة داخل هذا المقهى الوضيع، يجلس في زاوية، لم يكن يغيرها قط، لا أدري لماذا أرعدت فجأة. أدركت كم هذا الرجل وحيداً!