دولاب الحياة يسير ولا يتوقف، وأيضا كل من يسير على هذه الأرض لن يتوقف عن العطاء والنماء، وكثير هم أولئك الذين يعملون بلا كلل أو ملل، سواء كانوا في وظائفهم أو أنهم قد أحيلوا للتقاعد.
إن المتابع لإنجازات معالي الفريق سعد بن عبدالله التويجري مدير عام الدفاع المدني السابق يجد أن الله قد حباه بقدرات قل أن تجدها في آخرين، فالجدية وحب التطوير والتخطيط للمستقبل والمتابعة وحسن التدبير والقيادة الحكيمة، هي أدواته لتحقيق الأهداف التي رسمها.
إن معالي الفريق التويجري عندما ترجّل عن صهوة الوظيفة ترك بصماتٍ مضيئة يشهد لها القاصي قبل الداني، ولا يستطيع أحد أن يتحدث عنها إلا من كان قريبا منه وعمل تحت قيادته، ولقد كان لي شرف العمل تحت إدارته مديرا للعلاقات والإعلام مدة تسع سنوات تعلمت منه الكثير من الإدارة والقيادة والتخطيط وبعد النظر والروية في اتخاذ القرار والأكثر من ذلك الصفح والإحسان لمن تعدى عليه همزا أم لمزا، فمنذ أن كان ضابطا صغيرا في إدارة الدفاع المدني بمدينة الطائف كانت تبدو عليه علامات النجابة والجدية وحب العمل، وتتفتح عنده آفاق المستقبل، فتتهيأ له فرصة أن يتبوأ قيادة إدارة الدفاع المدني بالطائف مديرا لها، ثم تتجدد ثقة ولاة الأمر فيعين مديرا للدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة، فتسند إليه قيادة قوات الدفاع المدني بالحج لمدة ثلاث سنوات متتالية، فيصنع من التخطيط الجيد أسلوبا فريدا لمواجهة مخاطر عدة كانت تهدد أمن وسلامة الحجاج، فبدرايته وخبرته استطاع أن يشكل من زملائه فريقا من ذوي الخبرة والدراية في شئون الحج لتقديم خدمات ناجحة وآمنة لحجاج بيت الله الحرام، هذا علاوة على إنجازاته في منطقة مكة المكرمة وتوسعة في زيادة إدارات ومراكز وفرق الدفاع المدني، والمشاركات الإيجابية مع القطاعات الحكومية والخاصة لمواجهة متطلبات واحتياجات المنطقة.
إن هذه الإنجازات المضيئة رفعت من رصيد معالي الفريق التويجري لدى ولاة الأمر مما حدى بسمو وزير الداخلية في ذلك الوقت الأمير نايف بن عبدالعزيز- رحمه الله - لتعيينه مديرا عاما للدفاع المدني، فكانت المسئولية أكبر والتحدي أعظم، إنه الآن مسئول عن قيادة جهاز هام يخدم كافة أبناء الوطن ومن يقيم على أرضه، فرسم مخططا شاملا للتطوير والتغيير، بدأها من المديرية العامة للدفاع المدني فأصدر تشكيلات وهياكل تنظيمية جديدة، وأحدث إدارات غير مسبوقة، ثم أخذ يدرس الاحتياجات البشرية والفنية، فتعاقد مع شركات عالمية تصنع آليات ومعدات وأجهزة خاصة للدفاع المدني مباشرة وبدون وسيط، وضمّن العقود قيام تلك الشركات بالتدريب والصيانة كإنجاز غير مسبوق يسجل للدفاع المدني، حيث عُمم هذا الإجراء على كافة قطاعات وزارة الداخلية.
لقد اهتم معالي الفريق التويجري برجال الدفاع المدني اهتماما كبيرا، فبدأ بتدريبهم وتأهيلهم على أيدي خبراء ومتخصصين في مجالات الإطفاء والإنقاذ والسلامة والكوارث ومراكز القيادة والسيطرة، فألحق العديد منهم في دورات تدريبية متقدمه ودراسات عليا لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه وذلك لتهيئة منظومة بشرية قادرة على إدارة هذا الجهاز وتقديم خدمات جيدة للمواطنين، كما عقد شراكة قوية مع رجال الإعلام والصحافة والجمهور فترك أوراق وصفحات الدفاع المدني مفتوحة للنقد البنّاء الذي يسهم في تطوير الأداء لا في هدم البِناء، واختص الإعلاميين بجزء كبير من وقته، حتى إنه عقد لهم العديد من الدورات التدريبية على أعمال وأنشطة الدفاع المدني ليروا كم يعاني رجل الدفاع المدني من لهيب النيران ومخاطر المفاجآت، ولا ننسى جهوده وتفانيه في رفع ميزانية الجهاز لتواجه تحقيق الاحتياجات المتزايدة لخدمات الدفاع المدني على مستوى المملكة، فزاد عدد الإدارات والمراكز والفرق، وعقد مذكرات التفاهم الداخلية مع القطاعات الخدمية، والاتفاقيات مع الهيئات والمنظمات الدولية لبناء شراكة معهم تحقق كسب وتبادل الخبرات.
أما الجوانب الإنسانية فقد أخذت حيزا كبيرا من اهتماماته، فكان دائما ما يطلب مني تذكيره عن أي مرض أو زواج أو وفاة لأحد منسوبي الجهاز أو من خارجه، ليقدم واجب التهنئة أو المواساة.
إن إنجازات معالي الفريق التويجري عديدة ليست هذه المساحة كافية لتعدادها ولكن الشيء بالشيء يذكر وذاك إنجاز عليه يشكر، وهذا ما دعى سمو سيدي وزير الداخلية بتعيينه مستشارا له تقديرا لجهوده وخدماته الجليلة.
ولا ننسى من تسلم الراية من بعده سعادة اللواء سليمان بن عبدالله العمرو أحد أبناء هذا الجهاز، حيث عمل فيه منذ تخرجه من كلية الملك فهد الأمنية، فهو العارف به والخبير بمهامه واختصاصاته، وحتما إنه سيكمل ما بدأه القادة من قبله، وهو الذي عمل تحت رئاستهم واستفاد من خبراتهم و قيادتهم لهذا الجهاز الهام. دعواتنا لمعالي الفريق سعد بن عبدالله التويجري ولسعادة اللواء سليمان بن عبدالله العمرو بالتوفيق والسداد في مهمتهما الجديدة.