هذا عنوان لمقال قيّم كتبه الأستاذ خالد السليمان في زاويته (الجهات الخمس).. والمنشور في جريدة عكاظ بعددها رقم 15579 الصادر يوم الأربعاء 26/4/1430هـ ونصه ما يلي:
وصف رئيس الجمعية الوطنية للمتقاعدين الدكتور عبدالرحمن الأنصاري - نظام التقاعد بالبالي والقديم.. وذلك خلال ندوة عقدتها الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان لمناقشة أحوال المتقاعدين قبل يومين في مدينة الرياض، وهو محق في ذلك.. فهذا النظام الذي أصابه الهرم سريعاً افتقر عند تأليفه لآليات التطوير.. وبدأ وجهه اليوم في ظل أزمتي الغلاء والاقتصاد عاجزاً عن اكتساب الملامح الإنسانية!!
وتقديري هنا ثلاثي الأضلاع يشمل أنظمة تقاعد المدنيين والعسكريين والتأمينات الاجتماعية.. فجميع المتظللين بهذه الأنظمة وإن اختلفت مسمياتها ومسارات عملها.. فإنها تتقاطع عند نقطة واحدة.. هي العجز عن التكيف مع الواقع ومواكبة الزمن ومواجهة المتغيرات ومد الجسور الإنسانية مع المتقاعدين!!
فهل يصدق أحد أن هناك متقاعدين من موظفي المراتب القديمة تقل مرتباتهم التقاعدية عن ألفي ريال؟!!
يتفضل أي خبير مالي أو اقتصادي.. ليخبرني كيف يمكن أن يعيش أي إنسان أو يتحمل مسؤوليات إعالة أسرته بمثل هذا المبلغ الضئيل؟
وأي رسالة ترسلها لهذا المتقاعد الذي أفنى حياته في خدمة مجتمعه.. حتى إذا جاءت سنوات شيخوخته.. ألقينا به في مستودع النسيان.. وكأنه لا ينتمي لهذا المجتمع!!
وإذا كانت أنظمة التقاعد.. بوصفها الحالي عاجزة عن معالجة حاجات المتقاعدين.. فلا أقل من أن تتدخل الدولة لتضع حداً أدنى للراتب التقاعدي يحفظ كرامة الإنسان المتقاعد.. ويؤمن له العيش الكريم حتى لا تصبح كرامة الموت عنده أعز من كرامة الحياة - «انتهى المقال».
حقيقة الأمر.. أن مشكلة المتقاعدين أزلية ولم تجد لها من ينتشلها من ملفات اللجان.. وملفات مجلس الشورى الذي عقد من أجلها أكثر من جلسة.. دون التوصل إلى حلول لهذه المشكلة.. تحتاج إلى يد كريمة قادرة على وضع حد لهذه المعاناة التي يعانيها المتقاعدون بسبب تدني مرتباتهم التقاعدية.. وعجزها عن الوفاء بجزء من احتياجاتهم وإعالة أسرهم..
المتقاعدون مواطنون شرفاء ومخلصون لدولتهم.. خدموا الدولة في أيام عجزها المالي برواتب متدنية.. تقديراً منهم لوضع الدولة المالي.. في ذلك الوقت.. ولم يقصّروا في شيء.. أدوا مهامهم في خدمة الدين ثم المليك والوطن.. دون كلل أو ملل وهم يلهجون بالشكر والثناء لله على ما مكّنهم من خدمة وطنهم وأمتهم.. أفنوا شبابهم وانتهى بهم المطاف إلى الإحالة على التقاعد.. وصفيت حقوقهم وقدرت الرواتب التقاعدية التي يستحقونها بموجب النظام.. آنذاك..
لكن وأقولها بكل مرارة.. الأيام والسنون تتغير.. والأحوال تتغيّر.. والمعيشة تختلف ومتطلبات الحياة تزداد يوماً بعد آخر.. وما كان في الوقت الماضي ترفاً أصبح اليوم من ضروريات الحياة.. فتباعدت أطراف المدن وازدادت الضغوط على المتقاعد.. من مصاريف إعاشة له ولأسرته التي تعلّق عليه الآمال بعد الله سبحانه وتعالى في حسن إعاشتها له ورعايتها والقيام بأمورها الحياتية.. فهو وأولاده يحتاج إلى السكن المريح.. وإلى السيارة التي تقلّهم.. وإلى الإعاشة والماء والكهرباء والهاتف الثابت والجوال.. وإلى العلاج وما أحوجه إليه في هذه السن المتأخرة من عمره.. فهو يشكو أمره إلى الله وحده.. الذي له المشتكى وعليه الاتكال..
فمؤسسة التقاعد لم تعره أي اهتمام.. ونظام التقاعد قديم قد عفا عليه الزمن.. ولم يشمله أي تحديث أو تجديد يتماشى والمتغيّرات الحياتية.. وأجهزة أو إدارات شؤون المتقاعدين التي تم تشكيلها في العديد من الوزارات والإدارات الحكومية لا تعير المتقاعد أي اهتمام أو تقدم له خدمة أو تحل مشكلته عندما يتعرض لمواقف معينة مالية كانت أو صحية..!!! فالأفضل أن تُغلق هذه الإدارات، ويكتفى بإدارات شؤون الموظفين في كل وزارة وإدارة.. فهي تتولى موضوع حقوقه أثناء وجوده على رأس العمل من إجازات وترقيات وغيرها..
أما بعد الإحالة على التقاعد.. فهو منسي ولا أحد يلتفت إليه أو يعيره أي اهتمام.. وكأنه مذنب أو مرتكب خطيئة لأنه بعد الإحالة على التقاعد لا أحد يهتم به..
شيء مؤلم.. ووضع خطير.. وتأوهات وآلام ومعاناة يعيشها مئات الآلاف من المتقاعدين.. فالغلاء فاتح فاه ليلتهم ما لديه من مرتب هزيل والسكن مرتفع والعلاج كذلك.. وغير ذلك كثير!!
إن المتقاعد في ذمة الدولة فهو مواطن.. وتفقد أحواله وشؤونه وشجونه.. مسؤولة عنه الدولة أمام الله سبحانه وتعالى..
هل يستجدي.. أو يسرق؟!! فراتبه التقاعدي لا يفي بمتطلبات حياته.. أم يعيش في هم ونكد وقروض وديون تقتل ما بقي له من نشاط في باقي حياته وبعد وفاته.. يترك لأسرته الديون والقروض البنكية ليكابدوا ويعانوا باقي معاناة والدهم الذي غادر الحياة.. فقيراً مقهوراً وحزيناً ومديوناً..
أيها المسؤولون.. إن المسؤولية جسيمة والحمل ثقيل والأمانة تبرأت منها السماوات والأرض وحملها الإنسان.. أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال مقولته المشهورة: (والله لو عثرت بغلة في العراق لوجدتني مسؤولاً عنها لماذا لم أعبّد لها الطريق) رضي الله عنك يا عمر فقد بهرت مندوب كسرى فارس عندما جاء يبحث عن أمير المؤمنين عمر فقيل له هناك فذهب إليه.. وإذا هو نائم تحت ظل الشجرة.. فقال قولته المشهورة (عدلت فأمنت فنمت يا عمر).
إن المتقاعدين.. يعلقون آمالاً جسيمة على خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.. بأن ينظر إليهم بعناية ورعاية.. ويصدر أوامره الكريمة كعادته في الكثير من القرارات التي صدرت في الأعوام في ظل قيادته الرشيدة.. بعيداً عن اللجان وعن الروتين ويحدد في أمره الكريم بألا يقل راتب المتقاعد بأي حال من الأحوال عن 6000 ريال.. وتصرف الفروق هذه من وزارة المالية من الأرصدة والخيرات الكثيرة التي أنعم الله بها على هذا الوطن..
فالناس.. ولاسيما المتقاعدين ينظرون إلى خادم الحرمين الشريفين نظرة إعجاب وتقدير.. نظرة ملؤها الأمل بعد الله أن يحسم جلالته أمرهم.. ويحل مشكلتهم.. فقد عودّنا- أطال الله عمره وحفظه-.. عوّدنا إصدار القرارات والأوامر السامية الشجاعة.. بعيداً عن الروتين وتعقيداته..
هذا مجرد مقترح ورسالة.. من مواطن يحب حكومته وأهله ووطنه.. ويرجو من الله أن يتحقق على يدي خادم الحرمين الشريفين.. الخير كل الخير.. فهو مصدر أمن ورخاء وسعادة هذا الوطن ومواطنيه..
حفظ الله وطننا وحكومته الرشيدة من كل سوء.. وأدام علينا الأمن والأمان في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وحكومته الرشيدة.
وصدق الله العظيم القائل: وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ (105) سورة التوبة.