حذر اقتصاديون من خطورة نمو كفة تمويل العقارات التجارية على حساب العقارات السكنية في ظل الحاجة الملحة الى حل أزمة السكن، وقال الاقتصادي فادي العجاجي بأن القروض المصرفية العقارية بلغت نحو 38 مليار ريال في نهاية الربع الأول من 2013 في حين تجاوز الائتمان المصرفي 1.39.7 تريليون ريال، أي أن القروض المصرفية الموجهة لتمويل العقارات السكنية في المملكة منخفضة جداً مقارنة بالقروض الموجهة لتمويل العقارات التجارية. ويؤكد على ذلك تقرير تمويل المنازل الصادر عن البنك الدولي 2011. حيث احتلت المملكة المرتبة الأخيرة من بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في نسبة القروض المصرفية العقارية إلى إجمالي الائتمان المصرفي وكذلك في نسبة القروض العقارية السكنية إلى القروض العقارية التجارية. وأشار العجاجي الى أن تأثير أنظمة التمويل العقاري سيكون محدوداً على أسعار قطع الأراضي السكنية ومواد البناء في الأجل القصير لأن شريحة عريضة من الطبقة المتوسطة ملتزمة بقروض استهلاكية ومعظم الأفراد يحتاجون إلى فترة زمنية قد تمتد لأكثر من سنتين ليكونوا مؤهلين مالياً للحصول على قروض عقارية طويلة الأجل. فحجم القروض الاستهلاكية وقروض بطاقات الائتمان بلغت 300 مليار ريال بنهاية عام 2012 إضافة إلى أن مشكلة تملك السعوديين لمساكنهم ناشئة من تفاوت تكاليف البناء والمستوى العام لدخل الفرد، لذلك إذا شهدت السوق العقارية تغيرات كبيرة خلال العامين المقبلين فالمحرك الرئيس لها هو نشاط عمليات المضاربة وليست العوامل الاقتصادية الطبيعية.
ويحدث ذلك في ظل ما تشهده المملكة من ارتفاع مستمر في حجم السكان. فقد نما حجمهم من 7 ملايين نسمة في 1974م إلى نحو30 مليون نسمة في 2013، السعوديون منهم 21 مليون نسمة. من جهته قال المشرف على مركز الدراسات السكانية الدكتور رشود الخريف إن التجارب السابقة أثبتت وجود سلبيات كثيرة سواء اجتماعية أو نفسية مرتبطة بمشروعات الإسكان، ولحل هذه المشكلة لابد أن تقوم وزارة الإسكان بشراء بعض الأراضي داخل بعض الأحياء السكنية أو المخططات القائمة لكي يكون هناك اندماج وتعايش بين الفئات السكانية المختلفة من حيث مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية. وللإسهام أيضاً في حل مشكلة الإسكان في وقت قصير ينبغي العمل على شراء بعض العمارات والمباني الجاهزة داخل بعض الأحياء وتمليكها للمستحقين مما سيحقق الأهداف الاجتماعية من خلال دمج الفقراء مع الفئات الأخرى ورفع مستوياتهم المعيشية والاجتماعية والثقافية. كما أن شراء عمائر جاهزة سيدعم صغار المقاولين والمستثمرين بدلا ًعن الاستعانة بمؤسسات التطوير العقاري الكبيرة. ويشير الخريف في ورقته إلى أنه على الرغم من توقعات الكثيرين بأن يسهم إقرار نظام الرهن العقاري في حل مشكلة الإسكان، إلا أن الاستفادة منه لا تزال محدودة، ربما لشروط الإقراض التي تصب في مصلحة البنوك خصوصاً أن طريقة حساب العمولة عند الاقتراض من البنوك تختلف عن طريقة حسابها عند الاقتراض من البنوك العالمية، فطريقة البنوك السعودية التي يطلق عليها الطريقة الإسلامية تحمل المقترض مبالغ كبيرة مقارنة بنظيرتها الربوية.
وأشار الخريف الى أنه وبحسب الإحصاءات فإن نسبة حيازة السعوديين للمساكن لا تتجاوز 60% ومن هذه النسبة 27% هي مساكن شعبية. لذلك موضوع التملك يعد أهمية بالغة على المستويين الحكومي والشعبي. والملاحظ أن أحد العوامل الرئيسة لانخفاض نسبة التملك لمساكن حديثة هو انخفاض حجم التمويل العقاري والذي لم يتجاوز 4% من إجمالي القروض المصرفية في المملكة البالغ 1.4 ترليون في 2012 وهي نسبة منخفضة جداً على المستوى الدولي. وكانت المجلة الاقتصادية السعودية الصادرة عن المعهد المصرفي طرحت أوراق علمية عدة تناولت قضية السكن والتمويل ودعت لعلاج هذه المشكلة والحد من تفاقمها.