إيماناً من أهالي سدير وحبهم وعشقهم للتراث القديم والآثار والحياة الطبيعية التي يحييها أهل المدينة العريقة، قاموا بدعوة عدد كبير من الصحفيين والمصورين والأثريين وهواة التراث لزيارة هذه المنطقة.
- خطوة بخطوة شخصان يقودهما حب الأماكن الأثرية والتراثية مع طلوع فجر يومٍ جديد اندفعا سويا إلى مدينة المجمعة وكان في استقبالهم الأستاذ حمود عبد العزيز المزيني مع عدد من الأهالي حيث تناولنا سويا إفطارنا وسط حفاوة بالغة وجمع مشرف من أهالي المنطقة والزوار.
ففي تمام الساعة التاسعة والنصف انتقلنا إلى الجبل المطل على مدينة المجمعة من الجهة الغربية وأعلى هذا الجبل قلعة «منيخ» غرب المدينة وارتفاع برجها «المرقب» في حدود أحد عشر مترا وهو دائري مخروطي الشكل يضيق اتساعه إلى الأعلى مكون من برجين أحدهما داخل وبينهما سلم على شكل حلزونى وهو مبني من الأسفل بالحجارة وباقي البناء بعد ذلك باللبن المصنوع من الطين ويحيط بالقلعة سور فوق الجبل يرتبط بالسور المحيط بالبلد ومبني من الطين والحجارة.
بعد ذلك في تمام الساعة العاشرة والنصف انتقلنا إلى متحف المجمعة وكان باستقبالنا الأستاذ خالد المزيني, وكان من أبرز ما شاهدناه مسجد تراثي قديم وملحمة ومصبغة للجلود ومنزل تراثي قديم لأبناء «المزعل» والذي تحول بجهود أبنائه إلى متحف غني بالمقتنيات الكثيرة والمتنوعة، فعندما دخلنا هذا المتحف وبدأنا التجول فيه برفقة الأخ المزعل كانت المفاجأة بأنه بالفعل متحف لا يستحق الزيارة فقط بل يستحق تسليط وتكثيف الأضواء عليه، والشكر والتقدير لأصحابه وعلى رأسهم الأخ محمد وإخوانه وكما يستحق الدعم المادي والمعنوي من الجهات المختصة وفي مقدمتها الهيئة العامة للسياحة والآثار.
وعند الساعة الثانية عشرة ظهراً سرنا إلى مدينة «جلاجل» التي أنشئت عام 700 هـ وجاء هذا الاسم من جلجلة الماء وتحركه بين صخور الأودية، التي تبعد عن المجمعة تقريبا 30 كم في بلدية جلاجل الصحية، حيث استمعنا إلى شرح مبسط وعرض لبعض التغيرات التي حدثت في مدينة جلاجل من تنمية وتطوير في الحقبة الأخيرة.
ثم انتقلنا إلى بلدة جلاجل القديمة حيث كان في استقبالنا أ/ عبد الله بن سعد المزروع الذي قام بشرح مفصل للأماكن التراثية والأحداث التاريخية التي مرت بها هذه المنطقة، حيث قام بجولة بنا إلى بعض الأماكن التي كان من أشهرها المرقب الذي يقع في الجهة الشرقية من المدينة والجامع القديم الذي بناه الإمام فيصل بن تركي ثم أعيد بناؤه حديثا، بعد هذا قمنا بزيارة سبل صاحبة السمو الأميرة حصة السديري زوجة الملك عبد العزيز آل سعود- رحمهما الله- ومما زاد سرورنا مشاهدة بيت الشيخ عثمان البشر المؤرخ المشهور وأيضا عبد الله بن عبد العزيز العنقري قاضي سدير منذ بداية عهد الملك عبد العزيز- رحمه الله- ولكننا اندهشنا من عدم وجود إشارات تدل على صاحبه غير أنه لا يوجد بناء وترميم لمثل هذه الأماكن التراثية، وهنالك أيضا شاهدنا مسجد عيسي الثاني الذي تم إنشاؤه عام 1115هـ.
ثم ننتقل بكم الآن إلى بلدة الداخلة وتعتبرالداخلة من أقدم قري سدير حيث الاستقبال الحافل من أهالي الديرة وعلى رأسهم الشيخ محمد بن إبراهيم العتيق والأستاذ إبراهيم الفارس، كما كان هناك في الاستقبال فرقة كشفية تغرد بأناشيد ترحيبية للضيوف، من بعدها ذهبنا لمشاهدة البيوت التراثية القديمة وجامع الداخلة القديم، ويقع هذا المسجد وسط البلدة ويقدر تاريخ بنائه قبل 700 عام وهو أكبر مسجد في الداخلة وله أروقة جميلة حتى وقتنا الحاضر، وتم بناؤه وترميمه حديثا على أيدي أهالي البلدة.
وفي مسك الختام قمنا بزيارة عودة سدير وكان في استقبالنا معالي الشيخ عبد الرحمن أبو حميد الذي يعود له الفضل الكبير في ترميم بعض الأماكن التراثية في عودة سدير، كما قمنا بزيارة البيت التراثي للشيخ محمد أبو حميد- رحمه الله- وهو يتكون من طابقين يحتوي الدور الأول على متحف صغير والدور الثاني على معرض للصور النادرة والقديمة، وقد تم ترميمه حديثا على نفقة معالي الشيخ عبد الرحمن أبو حميد.
لم أكن أتخيل في يوم من الأيام أن أرى مثل هذه الأماكن التراثية في هذه الرحلة التي ذكرتنا بعبق التاريخ والماضي الجميل وتراثنا المدفون.
أخيراً أشكر كل من قام على تنظيم هذه الرحلة التي أتاحت لنا رؤية مثل هذه الأماكن التي يغفل الكثير عن زيارتها وأيضا أشكر كل من كان في استقبالنا في كل المناطق الأثرية والتراثية التي ذهبنا إليها.