«فيروز» رمز جمعِ اللبنانيين والعرب بات اليوم سبباً لانقسامات عربية ولبنانية مجتمعة، هي التي تحتفظ برأيها بتصريحاتها وتكتفي بالغناء، إلا أن تصريح ابنها زياد الرحباني الأخير لموقع العهد غيّر الكثير من المعايير وكانت جملة «فيروز تحبّ حسن كثيراً» كافية لتشعل حرباً إلكترونية وإعلامية، مع أنه أكد على أنها ستعتب عليه كما فعلت في السابق، ولكن هذه المرة الوضع أكثر حساس في ظل الظروف الإقليمية الراهنة، والمواقف والأحداث التي باتت على شفير هاوية.
فزياد اليساري الماركسي المشهور بتعاطيه السياسي العلني وانتمائه إلى الحزب الشيوعي، لم يكن يوماً بعيداً عن أي تصريح مهما كان جريئاً، لكنه هذه المرة غيّر معاييراً كثيرة، خصوصاً أن فيروز لا تطل إعلامياً لتؤكد أو تنفي، إلا أن الجميع بانتظار بيان رسمي من مكتبها الإعلامي الذي تشرف عليه ابنتها ريما.
جملة واحدة من لقاء طويل كانت كافية لتلغي كل ردوده التالية في المقابلة نفسها التي استفاض بالحديث فيها، والاكتفاء بنص الجملة الوحيدة، التي أشعلت فتيلاً جديداً في سياسة الفتنة المتوافرة حالياً، خصوصاً أن الحالة التي يمثلها حسن نصرالله لا تشكل رؤية لشخص بل تنظيماً طرفاً في صراع دولي.
أصاب هذا التصريح صميم العديد من محبيها من كل الأطراف بعد أن أكد لومها، في تأكيد لموقفها، ما قد يترتب عليه الكثير من المتغيرات الفنية والاجتماعية، فالعديد من الناس الذين يسيرون على خط مغاير لتوجهات زياد وحزب الله، سيغيرون سياستهم الفنية في فيروز على اعتبارها مؤيدة مباشرة لحزب الله، ما شكّل حالة من الانقسام تترجمت عبر الصحف اليومية ومواقع التواصل الاجتماعي.
أما فنياً فـ»لا تعليق» ربما لأن العديد منهم يرى في فيروز حالة لا يريدون زج اسمها في الصراعات السياسية، ولا يريدون الدخول في «مهاترات» كلامية، على الرغم من وضوح مواقفهم السياسية، ربما لأنها فيروز أو ربما لأنها ليست هي من صرّحت «علماً أن فيروز لا تصرح» أو لاعتبارات تبقى مجهولة، إلا أن الرابط هو عدم الكلام في الوقت الراهن.
ورسمياً لم يصدر شيء عن نقابة الفنانين أو نقابة الفنانين المحترفين، ولا حتى أي موقف من عائلتها المعروف تقاربها من كافة الاتجاهات السياسية في لبنان، وحتى تقاربها من السياسات الخارجية.. أما إعلامياً فقد حرّك زياد الرحباني بتصريح عن فيروز عجلة الآراء، حيث ملأت الصحف والمواقع آراءً كثيرة متضاربة، إلا أن أكثرها كان رأياً مخالفاً لتصريح زياد، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ذكر موقع المستقبل: «فيروز من محبي نصرالله.. فهل يبادلها الشعور بالمثل؟» أما صحيفة «الأخبار» فقالوا: «فيروز ونصرالله، (جبال الصوّان) تقاوِم».. واعتبرت المواقع أن فيروز لم ترتكب جرماً، فيما رأت أخرى أن الجرم كبير.
لكن فيروز رمز الوطنية التي لم تتخذ طيلة الحرب اللبنانية موقفاً من طرف، اعتبر البعض أن اسمها زج عرضياً أو عن قصد، ولكن البعض الآخر يرى أن الأمر مقصود لتوضيح رأيها الشخصي بطريقة غير مباشرة، فهي التي غنت لبنان والشام وفلسطين والعراق، وتغنت بشعوبها، تحصر نفسها الآن في شخصية سياسية ذات تطرف سياسي واحد، هو حسن نصرالله، ليتحول الرمز إلى نقطة صراع جديدة، تحولها من صوت جامع للبنانيين ومرغوب للعرب إلى صوت متطرف يولد شرخاً لا يندمل.