قرأت في عدد الجزيرة رقم 15054 في 13-2-1435هـ ما كتبه الدكتور جاسر عبدالله الحربش والذي قارن فيه بين عقليتين مختلفتين، وتعليقاً عليه أقول: إن عقلية الإقصاء واللعن والتكفير وعدم التعاطف والتسامح والمعاملة الحسنة مع من يختلف معنا في الدين والعادات والتقاليد حتى ولو كان مسالماً لم يأتنا منه أذى أو ضرر ثقافة توارثها مجتمعنا من قرون مضت واستقرأها من كتب فقهية اجتهادية ألفها وكتبها مجتهدون متشددون وتلقفها بعضنا وصدعوا بها بخطبهم على منابر الجمع وفي كتبهم ومحاضراتهم ومقالاتهم وتواصلهم الاجتماعي وتشبع بها الكثير من مجتمعنا، متناسين قول الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } (8) سورة الممتحنة، وقوله تعالى: {وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}، والاعتداء بالكلام والسب والشتم أعظم على النفس من الاعتداء بالسلاح ويؤدي إلى عواقب وخيمة، قال تعالى: {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} (108) سورة الأنعام، وقال تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، وقال تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (34) سورة فصلت.. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من عمل لكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوه فادعوا له».
وسوف أسوق لكم مثالاً لهذه العقلية وهذه الثقافة ففي أحد الجمع خصص خطيب الجمعة جل خطبته لسب الكفار ولعنهم ومنهم أهل الكتاب وحرم السفر إلى بلادهم إلا للحاجة القصوى والإشادة بمخترعاتهم وصناعاتهم وأعمالهم الخيرية وسلوكياتهم وآدابهم وأخلاقهم وعلومهم الحسنة. وقال إنه لا يجوز للمسلمين الإقامة والعمل في بلاد الكفار ومنهم أهل الكتاب ولا يجوز لهم استعمال التاريخ الميلادي في المعاملات ولا يجوز مواساتهم وتعزيتهم في موتاهم. هذه الثقافة التي يتبناها البعض مغايرة لتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وتوجهات حكومتنا الرشيدة بقيادة إمام المسلمين خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين - حفظهما الله-.