وصف فضيلة الدكتور صالح بن عبد العزيز التويجري أستاذ العقيدة في جامعة القصيم التشبه بأنه انحراف سلوكي وظاهرة مرضية واضطراب في النفسية والشخصية، وفقد للهوية الحقيقية التي فطر الله تعالى عليها كلا من الجنسين قال تعالى: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}.
وقال فضيلته في حديث لـ»الجزيرة» عن التشبه الذي يعد انحرافا سلوكيا وظاهرة مرضية تتنفس من خلال التقليد والتقمص والتشبه وهو اضطراب في النفسية والشخصية وفقد للهوية الحقيقية التي فطر الله تعالى عليها كلا من الجنسين، وتبدأ من الخيال ثم تنتقل إلى الأفعال والمحاكاة وهو خلل عقلي نفسي فهو فساد في التصور وفساد في الذوق، لأنه خالف الفطرة والفطرة السوية هي كما خلق تعالى فأحسن، فمن تنكر لفطرة الله فقد فسد عقله وذوقه، ومن ثم فسد سلوكه واضطرب اختياره وانعكس عنده ميزان القيم فرأى الحسن قبيحا والقبيح حسنا( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا) وهو انشطار في الشخصية وثقب في الرؤية للأشياء ينتج عنه ارتخاء رجولي وترجل أنثوي فهم هجين مرذول في نظر الأسوياء.
وأبان أن التشبه أصله قديم ذلك أن تحذير النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه دليل وجوده لكن بنسب واليوم سرت العدوى بعنف جراء الانفتاح العالمي وتسويق كل ما هو غربي على أنه الأنموذج المنشود وسطوة الثقافة الغربية وإعلام ينافس الأسرة بطرح نماذج مستوردة وفراغ يتيح المجال للإبحار خلف البحار وتغريد خارج السرب الاجتماعي يعزله عن الرابطة ويخلق عنده عزلة شعورية وإن كان بين ظهرانيهم.
وواصل قائلاً: والانحراف العقدي، والانحراف في حقيقة الإيمان كظهور ظاهرة الإرجاء الذي كقولهم: لا يضر مع الإيمان ذنب، ولا ينفع مع الكفر طاعة، فصار الإيمان عند كثير من الناس مجرد لفظة تُقال باللسان، فحاكوا المشركين، وفعلوا ما لا يليق من صور التشبه ومورست محاولات لطمس معالم الإسلام، ومن ذلك انهزام روحي وفراغ نفسي وجهل بمكامن العظمة والقوة في الإسلام عند طائفة من أبناء المسلمين, ودخول المجتمع مرحلة العزلة عن دوره الرقابي على سلوك أفراده إيثارا للسلامة وتتويجا لتسويق دعاة التغريب لحرية تعزل الفرد عن نسيج مجتمعه بدعوى الخصوصية الفردية. إضافة إلى صور الاختلاط المبكر الذي يكسر مع الزمن فارق الذكر عن الأنثى، وتبدأ حالات المحاكاة والتقليد والتشبه، يرافق ذلك جفاف عاطفي من الأسرة وضعف في الوازع الديني بضعف الخوف من لعن الله وشناعة العقوبة، إضافة إلى تشويه الأمر والنهي والتواصي بالحق والنصيحة بحسبانها عند السدائيين تطفلا وفضولا، لذا ألقت هذه الأوصاف الشائنة بظلالها على توصيف الإسلام أهله بأنهم كالجسد فصاروا أعضاء مبتورة عن بعضها فلا جسد ولا عاطفة كما يريدها لهم دعاة تمزيق المجتمع من هواة حرية الانفلات وانفلات الحرية، وتولد عن ذلك عنف في التصرف وممارسة نشاطات تتنافى مع الخلق السوي وعزوف عن الزواج وصور من التعلق والتعلق المضاد، وتحول المجتمع في بعض صوره إلى ممثل يكذب على نفسه ويغالط نفسه، ونتج انعكاس المخرجات وخلل الأدوار فهي أثر محتم لمن انتحل شخصية وهمية مع تعذر التغيير الجوهري لأي من المتشبهين وأيا كان العبث سواء في الشكل أو المضمون، هنا تفسد المخرجات لأنه من المفترض أن تكون المرأة نصف المجتمع، وتربي نصفه الآخر، فكيف سيكون حال المجتمع الذي تربي أجياله إنسانة بلا هوية ولا أخلاق ولا دين، وكذلك ماذا نتصور عن قوامة رجل تخلى عن رسالته وعكس فطرته وتنصل من مسؤوليته ورضي أن يكون مخنثا لا كرامة ولا أنفة.
وشدد التويجري -في ختام حديثه- على أن التشبه كبيرة من كبائر الذنوب لأنه ثبت فيه اللعن وهذا اللعن هو تشريع من خير الخلق، يستوجب وضع العقوبات الرادعة لهذه الظاهرة، لذا فإن تنمية الرضى بقدر الله وحكمته وقدرته والكشف عن تنوع الأدوار بين الجنسين وتكاملهما وبيان مخاطر الإغراق في الانحراف وإنها سلخ للذات، وتهديد للمجتمع بانقراض صفاته الحقيقية , وليس كثيراً أن تسن أنظمة واقية ورادعة تسبقها توعية شاملة في معرفة الأسرة للأسباب المؤثرة والبدائل المناسبة ثم العقوبات الرادعة، قال -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث ابن عباس: لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال. رواه البخاري.