عدَّت دراسة حديثة الالتزام بالحوار وقواعده وفنونه، أحد أهم عوامل معالجة موضوع التعصب الرياضي، وله الأثر الإيجابي في قبول وجهات النظر والتنافس بين الجميع، مشيرة إلى أن العناية بالمادة الإعلامية قبل الخروج عبر وسائل الإعلام من أهم العناصر التي تسهم في نبذ التعصب.
وأكدت الدراسة التي أعدّها عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور محمد بن علي العتيق، وأصدرها مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، ضمن سلسلة رسائل في الحوار، أهمية الإعداد الجيد للبرامج الرياضية، وأهمية توعية المهتمين بالمجال الرياضي بالأنظمة والقوانين واللوائح التي تحدد النتائج المترتبة على كل سلوك إيجابي أو سلبي مما يسهم في زيادة الوعي بالأنظمة ومحاربة التعصب الرياضي المبني على الجهل بالأنظمة والقوانين.
وتضمنت الدراسة التي تعد السلسلة الخامسة عشرة من سلسلة إصدارات المركز، وجاءت في كتاب بعنوان
«التعصب الرياضي.. أسبابه وآثاره وسبل معالجته بالحوار»، مدى أهمية الرياضة ودورها في الحياة الاجتماعية وحقيقة الرياضة والتعصب الرياضي، وأسباب التعصب الرياضي وآثاره وعلاج هذه الظاهرة.
وأوضح الدكتور العتيق أن الرياضة تشكّل جزءاً مهماً في الحياة الاجتماعية المعاصرة وأصبحت ظاهرة اجتماعية تشغل حيزاً كبيراً من الإعلام المقروء والمسموع والمرئي والوسائل الإلكترونية، حتى أصبحت الرياضة إحدى الظواهر البارزة في المجتمع، مبرزاً أهمية غرس أسلوب الحوار بين الرياضيين والإعلاميين والجماهير والمتخصصين، حيث يُعد الحوار معهم أحد مصادر نبذ التعصب.
وقال: «متى التزم المتحاورون بقواعد الحوار وفنونه فإن ذلك سيكون له الأثر الإيجابي الواضح والبعد والتعصب وقبول وجهات النظر لدى الآخرين مما يؤدي إلى مجتمع رياضي صحي وسليم».. لافتاً النظر إلى أن ما يتم زرعه في الناشئة من خلال ما يقدم في وسائل الإعلام أو تصرفات المنتسبين إلى الحقل الرياضي أو حتى الوالدين أو البيئة المحيطة به، له الأثر الكبير على سلوك الفرد وشخصيته مستقبلاً.
وطالبَ الباحث بتضافر الجهود لمراقبة وتوجيه كل السلوكيات والأقوال المقدمة إلى الناشئة لحمايتهم من الآثار السلبية للتعصب الرياضي، معتبراً أن عملية التنشئة الاجتماعية تنبع من الدور الذي تقوم به الأسرة والمدرسة والأصدقاء والإعلام، فجميع العناصر المجتمعة لها الدور الأكبر في التأثير على الناشئة.
ورأى أن السلوك الرياضي مرتبط بالقيم والمبادئ والاتجاهات التي يؤمن بها المجتمع الرياضي، وأنه يجب نشر الوعي بأهمية التمسك بالقيم والثوابت التي يقوم عليها المجتمع السعودي التي منبعها الدين الحنيف، مشيراً إلى أن القدوة في المجتمع الرياضي له الأثر الكبير في التوجيه والإرشاد مما يحدث أثراً إيجابياً واضحاً في الفئات المستهدفة.
وأفاد الباحث أن التعاون والتكامل بين الجهات المعنية من أجل نبذ التعصب له نتائج إيجابية على الفرد والمجتمع، مؤكداً أهمية شعور كل جهة أن لها دوراً فاعلاً في المجتمع بشكل عام والمجتمع الرياضي بشكل خاص، حيث يتولد هذا الشعور عندما تقوم الجهات المسؤولة عن رعاية الشباب والرياضة بدعم هذا الشعور من خلال البرامج الثقافية والاجتماعية مثل المحاضرات والدورات والنشرات التوعوية وغيرها من الوسائل المتاحة والممكنة.
وشدّد الباحث على أهمية غرس الحوافز الإيجابية للرياضة لما لها دور كبير في التأثير على سلوك الأفراد والتركيز على الحوافز الإيجابية التي تدعم الاتجاه نحو السلوك الرياضي المثالي والاهتمام بالإحسان إلى المحسنين وتعظيم سلوكهم وتصرفاتهم الإيجابية وإبرازها بصورة جيدة، مما يؤثر إيجاباً على اكتساب تلك السلوكيات الإيجابية، ومن ثم إظهار التعصب الرياضي بأنه خروج عن حدود الآداب والأخلاق العامة في المجتمع، والبعد عن التحيز وأثره السلبي على الرأي العام والمشجع الرياضي مما يتطلب ثقافة عالية ووعياً بالأمور التي تؤدي إلى إثارة الآخرين. يُذكر أن مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني يهدف من إطلاق مثل هذه الإصدارات إلى نشر ثقافة الحوار بين أفراد المجتمع، وتسهيل موضوعات الحوار لدى الجمهور، ونقل أفكار ورؤى النخب الفكرية والأكاديميين والمهتمين بقضايا الحوار إلى أكبر شريحة ممكنة من أفراد المجتمع.