في إعلان فاجأ التونسيين أعلن هنا اتحاد الشغل الذي يقود الرباعي الراعي للحوار أنّه تقرَّر تأجيل انعقاد الجلسة الجديدة للحوار المقرَّرة ليوم أمس الأربعاء إلى يوم غدٍ الجمعة وذلك استجابة لمطلب أحزاب المعارضة المنسحبة من آخر جلسة تَمَّ خلالها التصويت لفائدة المهدي جمعة ليتولى منصب رئاسة حكومة الكفاءات المستقلة.
وتنكب هذه الأحزاب اليوم على إجراء مشاورات مع مكاتبها التنفيذية قبل إعلان موقفها النهائي الداعم لجمعة أو وتقديم مقترحاتها البديلة في حال رفض ترشيحه، فيما لا تزال أصوات تتعالى داخل هذه التيارات مطالبة بتواصل مقاطعة جلسات الحوار التي حادت عن مسارها الصحيح وفق تصريحات قياديي المعارضة.
في خضم ذلك، يعمل المهدي جمعة على دراسة ملفات بعض المترشحين لتشكيل حكومته من الكفاءات غير المتحزبة خلال أسبوعين على أقصى تقدير حسب ما تنص عليه بنود خريطة الطريق التي اقترحها الرباعي الراعي للحوار وصادقت عليها كل الأحزاب المشاركة في الجلسات الأولى للحوار.
وكانت البلاد شهدت الثلاثاء احتفالات جد محتشمة بالذكرى الثالثة لاندلاع الثورة التونسية، حيث اصطبغت احتفالات محافظة سيدي بوزيد التي شهدت الشرارة الأولى للثورة، بالكثير من المطلبية والاحتجاجات الشعبية لتأخر تحقيق الأهداف التي استشهد من أجلها مئات الشبب التونسي.
في العاصمة وبالرغم من تحذيرات وزارة الداخليَّة من مغبة تنظيم مسيرات وتظاهرات من دون إعلام مسبق ودون الحصول على ترخيص رسمي من مصالحها المعنية، خرج الآلاف إلى الشوارع وتحديدًا إلى ساحة القصبة بالعاصمة حيث توجد مقرات وزارات السيادة ورئاسة الحكومة رافعين شعارات ضد حكومة الترويكا، فيما دعا أنصار الشريعة إلى الإطاحة بالحكم المدني وتنصيب حكم الخلافة الإسلاميَّة جنبًا إلى جنب مع بقية المحتجين.
الا أن ما يمكن ملاحظته، هو غياب الرؤساء الثلاثة، رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس المجلس التأسيسي، عن حضور احتفالات محافظة سيدي بوزيد الجنوبيَّة بقيام الثورة، بعد أن كانوا هوجموا في الذكرى الثانية بنفس المحافظة برفض شعبي ترجمته الحجارة التي ألقاها عليهم المواطنون الغاضبون عن أدائهم وعن تجاهلهم المطالب العاجلة للجهة المتمثلة في التنمية والتشغيل.
ويعزى المراقبون غياب مظاهر الاحتفال بهذه الذكرى إلى عدَّة أسباب اهمها اعتبار المسؤولين الرسميين أن يوم 14 يناير من كل عام هو موعد الاحتفال بذكرى سقوط النظام السابق ونجاح الثورة التونسية، إضافة إلى الخوف الذي ملأ قلوب التونسيين وجعلهم يعزفون عن الخروج إلى الشارع جراء تأكيد وزارة الداخليَّة لجدية التهديدات الإرهابيَّة التي كانت مصادر استخباراتية محليَّة وأجنبية نبهت إليها على خلفية استعداد الجماعات المسلحة لتنفيذ أعمال تفجيرية واسعة خلال هذه الفترة.
وتعيش شوارع العاصمة وكبريات المدن على وقع انتشار غير مسبوق لوحدات الشرطة والحرس والجيش تحسبًا لوقوع أعمال اجرامية فيما تكثفت دوريات المراقبة الأمنيَّة في مداخل المدن والفضاءات التجاريَّة والعمومية الكبرى لمنع حدوث هذه الجرائم التي في حال وقوعها ستكون ضربة قاصمة لما تبقى من استقرار وأمن بالبلاد.
ويسود البلاد اليوم جو مشحون بالكثير من الخوف والتوتر لم ينجح تعيين الحوار الوطني لخليفة لعلي العريض على رأس الحكومة الجديدة في نزع فتيلها بل لعله وعلى خلفية رفض المعارضة لجمعة، قد زاد الأمور تعقيدًا والأوضاع احتقانًا.