يرى مراقبون مصرفيون بأن من شأن الضغوط الاقتصادية أن تعزز نمو صناعة المال الإسلامية بالرغم من رحيل الحكومة السابقة. ولم ينل التمويل الإسلامي اهتماما يذكر من السلطات على مدى العقود الثلاثة قبل الثورة التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك في 2011.
من جانب آخر، قال رئيس هيئة الرقابة المالية المصرية إن الهيئة تدرس تقديم توصية للحكومة في مطلع 2014 بإدراج الصكوك ضمن قانون سوق المال للسماح بإصدارها وتداولها في مصر.
وقال شريف سامي رئيس الهيئة لرويترز «ندرس تقديم مقترح للحكومة في بداية يناير بتضمين قواعد تنظيم الصكوك كأداة مالية ضمن قانون السوق».
ولا تسمح المنظومة التشريعية الحالية في مصر بإصدار الصكوك. ورغم أن حكومة الإخوان المسلمين أصدرت قانونا للصكوك في إبريل نيسان 2013 فإن اللائحة التنفيذية للقانون لم تصدر بعد. وواجه القانون رفضا شعبيا لاحتوائه على مواد اعتبرها البعض تتيح رهن أصول حكومية استراتيجية مقابل إصدارات الصكوك.
ويتخوف البعض من أن تضر هذه الصورة السلبية بأي محاولات مستقبلية لطرح صكوك في مصر.
وقال سامي «الهيئة تؤكد على أهمية وجود الصكوك كأداة مالية ضمن منظومة الأدوات المالية في مصر».
وأضاف «نحن نتحدث عن أداة مالية تحظى بطلب في الخليج وآسيا ومناسبة لبعض الفئات في مصر... لا نتحدث من منظور ديني أو سياسي.» ولا تتجاوز حصة المصارف الإسلامية خمسة بالمئة من السوق المصرية بينما تصل هذه النسبة إلى 25 بالمئة في المتوسط في منطقة الخليج. الحكومة الانتقالية التي ستظل في الحكم لحين إجراء انتخابات مطلع العام القادم تبدي درجة أقل من الاهتمام بالتمويل الإسلامي. لكن الطلب على الخدمات المالية الإسلامية في مصر وحاجة البلاد لمصادر تمويل جديدة وتعاظم الدور الخليجي في الاقتصاد يشير إلى أن القطاع سينمو على الأرجح. وقال شريف سامي رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر لرويترز «الصكوك يجب أن تكون متاحة في مصر خاصة لأنها الأداة الوحيدة المناسبة لبعض المستثمرين في دول الخليج وجنوب شرق آسيا.» وشدد على أن الهيئة مسؤولة عن الجانب الفني فقط لكن اتخاذ الإجراءات القانونية لتفعيل الصكوك يبقى قرارا سياسيا. ويبدي فريق الخبراء الذي يدير السياسة الاقتصادية في مصر اهتماما محدودا بالتمويل المتوافق مع الشريعة. وتضررت صورة الإسلام السياسي في أعين المصريين بعد عام حافل بالمتاعب بقيادة مرسي وبسبب ضف إدارة الإخوان المسلمين للاقتصاد. لكن الطلب في المدى الطويل على الخدمات المالية الإسلامية لن يتغير بالضرورة نتيجة ذلك. ويقول محللون إن ما بين عشرة و15 بالمئة فقط من المصريين يستخدمون خدمات مصرفية رسمية. وهو ما يعني وجود أفق كبير أمام نمو قطاعي التمويل التقليدي والإسلامي على السواء. وتستطيع الخدمات المصرفية المتوافقة مع الشريعة إدخال عدد كبير من المصريين للجهاز المصرفي الرسمي كونهم يحجمون عن التعامل معه خشية الربا. ويقول عبد المنعم الكفراوي رئيس المعاملات الإسلامية في بنك التنمية والائتمان الزراعي إنه لم يلاحظ أي أثر سلبي على حركة التعاملات بالفروع الإسلامية للبنك وعددها 18 فرعا منذ يوليو تموز الماضي. وأطلق البنك الحكومي الذي يخدم قطاعات واسعة من الفلاحين خدمات تجزئة متوافقة مع الشريعة مطلع هذا العام وخصص لها محفظة تبلغ 50 مليون جنيه (7.1 مليون دولار) لتمويل احتياجات عملائه من شراء السلع المعمرة والأجهزة الزراعية ونفقات التعليم. وقال الكفراوي «هذه احتياجات لا تتوقف بغض النظر عن السياسة والاقتصاد وبالتالي لم نشعر ولا نتوقع أن نشعر بأثر سلبي.» وخاضت حكومة مرسي معركة على مدار ستة أشهر لسن قانون يتيح إصدار الصكوك السيادية في مصر للمرة الأولى وواجهت معارضة كبيرة بسبب سماح القانون باستعمال أصول الدولة كضمانة لإصدارات الصكوك. وقالت حكومة مرسي إنها ستصدر أول صكوك سيادية دولية خلال 2013 وتوقعت جمع عشرة مليارات دولار سنويا من بيع الصكوك. لكن هذه الآمال بدت تنطوي على تفاؤل مبالغ فيه. والآن يتطلب الأمر مزيدا من الوقت لتمهيد البنية الأساسية واستعادة الاستقرار السياسي ولذا قد لا يكون إصدار صكوك سيادية في مصر ممكنا قبل أواخر 2014. لكنه لا يعني أن الحكومات المقبلة ستتخلى عن الفكرة برمتها. ولكي تستطيع مصر إعادة بناء احتياطي النقد الأجنبي وتغطية عجز الموازنة الضخم ستواجه ضغوطا لاتخاذ نفس المسار ولاسيما بعد أن أصبح الخليج لاعبا مهما في الاقتصاد المصري. ومن المتوقع أن يعتمد أي إنعاش للاستثمار الأجنبي في مصر في الفترة المقبلة على الحلفاء الخليجيين. وأبلغ وزير المالية المصري أحمد جلال الصحفيين أن الحكومة الانتقالية لا مانع لديها من استخدام الصكوك لكن ليس كأداة رئيسية.
ورغم أن حكومات ما بعد مرسي قد تبدي حماسا أقل للتمويل الإسلامي فقد تستطيع تنظيم القطاع بكفاءة أعلى ، ولذا قد تتاح للتمويل الإسلامي فرصة النمو في بيئة مناسبة للمدى الطويل. وتقول شاهيناز رشاد رئيس أكاديمية ميتروبوليتان للتدريب والاستشارات المالية بالقاهرة والتي تقدم دورات تدريبية في التمويل الإسلامي للمؤسسات المالية إن الطلب على خدمات الأكاديمية لم يتغير منذ يوليو تموز.
وقالت «العملاء يسيرون قدما فيما يفضلونه شخصيا سواء المعاملات الإسلامية أو التقليدية بغض النظر عن توجهات الحكومات.»