على مدار العشرة أعوام الأخيرة والعالم كله يتنقل بين بحور التفسير والتحليل للوقوف على معنى واضح لمعنى كلمة فساد، فكل نظام اقتصادي أو حتى سياسي يأخذ على عاتقه تفسير معنى كلمة فساد وفقا لرؤيته الخاصة ولما يتوافق مع طموحاته وتطلعاته، ولكل نظام منظومة واجبها محاربة الفساد، لكن ما الذي يميز هيئة مكافحة الفساد لدينا ويعطيها أيضا خصوصيتها وتميزها؟
إن المنبع الرئيس الذي تستمد منه هيئة مكافحة الفساد قوانينها بالمملكة مصدره الشريعة الإسلامية، إذا فنحن في مكافحة الفساد لدينا نعتبر أن المصلحة العامة هي المصلحة التي تتحقق للوطن كله بما لا يتعارض مع شرع الله على مختلف مصادر التشريع في ديننا الحنيف، إذا قانون مكافحة الفساد لدينا هو حقيقة المفهوم الخاص للأخلاق الإنسانية خاصة ونحن نضع مصلحة الوطن وعباد الله فوق أي اعتبار.
إن مكافحة الفساد وفقا للرؤيا المدنية الحضارية ليست فقط حكرا على اكتشاف قضايا فساد وتحويلها للقضاء، نعم فهيئة مكافحة الفساد ليست جهة قضائية وإنما الأصل فيها أنها وقائية، هيئة مكافحة الفساد لدينا أيضا تعمل بروح نظرية درهم وقاية خير من قنطار علاج، ولكي تحقق الهيئة هذه النظرية فإن الأمر لا يقع على عاتقها وحدها بل إن الجزء الأكبر يقع على عاتق الموظف والمسئول والمواطن كل حسب مكانه واختصاصه وأيضا وفق ما صرح له القانون بذلك، نحن في دولة مدنية تحكم بشرع الله ولها دستورها وقوانينها التي تنظم شؤون حياتها وتحمي مصالحها العامة.
من مميزات هيئة مكافحة الفساد هو التوعية والإرشاد، فالفساد بشكل عام قد يختلط على البعض بين فساد وبين مصالح وبين حقوق وبين تجارة وشطارة، وهناك المخالفات الإدارية وسوء استخدام السلطة أو الاجتهاد الخاطئ، هذه الأمور لو تركت دون ضابط وناظم لها لوجدنا أن الفساد قد ينتشر بين أصول المجتمع بأشكال أخرى متنوعة، هذا الدور لهيئة مكافحة الفساد هو دور مهم يحتاج منا جميعا التواصل معهم ومتابعة أخبارهم ونشراتهم لأنهم أولا وأخيرا جنود يخوضون حربا من نوع خاص وخطيرة جدا.
أكثر المطبات التي يقع فيها أي مجتمع يتعامل مع الفساد هو عندما يقنع نفسه بعدم الثقة بالجهات المسؤولة عن محاربة الفساد، وعندما يقوم المجتمع بوضع الهيئات المكافحة للفساد ضمن هيكلية الفساد، والأخطر عندما يقوم كل مواطن بالأخذ على عاتقه بتفسير الفساد كما يراه هو، لتكن ثقتنا قوية وعالية في هيئة الوطن لمكافحة الفساد فهم الأقدر على تحديد الفساد وتجفيف منابعه والحد منه، فهم الأقدر على إغلاق باب فتنة اسمها هوى الناس و صناديق قلوبهم، فنكن معهم وفي صفهم وندعمهم بكل ما نملك فهم باختصار عاهدوا الله لخدمة الوطن تحت توجيهات قائد الوطن.