لقد أضحى مستقبلنا في خطر في ظل تداعيات التغيرات المناخية، فالسيناريو المتوقع لانبعاث الغاز نتيجة لظاهرة الاحتباس الحراري التي شهدت تطوراً من قبل الهيئة الدولية المعنية بغير المناخ ينذر شعوب ودول العالم بتهديد وشيك متمثلاً في نقص الغذاء والماء، وحدوث كوارث بيئية مدمرة، وظهور أمراض مميتة.
يقول جون بوديستا: لا يوجد حل سياسي أو تكنولوجي وشيك نستطيع من خلاله الحيلولة دون التأثيرات المناخية العديدة. أضف إلى ذلك، أن هذا السيناريو يفترض أن تغير المناخ لا يحدث أي حلقات استرجاعية إيجابية مهمة (مثال ذلك: انطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان من ذوبان الثلوج في المحيطات القطبية المتجمدة).
مثل هذه الحلقات الاسترجاعية ستضاف وتعظم آثار تغير المناخ، مما يؤدي إلى خلق بيئة أكثر شراسة من البيئة المشار إليها هنا، لذا لا نكون مبالغين إذا قلنا إن هذا السيناريو من أفضل السيناريوهات المتوقعة خلال الثلاثين عاماً المقبلة، ويجب علينا أن نعد العدة لمواجهته.
هذا ما يخبرنا به العلم ولو جزء من القصة، حيث إن العواقب الجيوسياسية لتغير المناخ تحددها العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية بمقدار حجم التحول المناخي ذاته. والأقطار الغنية عادة، بالإضافة إلى الأثرياء، ستكون لديهم القدرة على التكيف مع الآثار الناتجة عن تغير المناخ.
في حين أن الأقطار الفقيرة والأفراد المعدمين سيعانون من عواقب تغير المناخ، فالزيادة في تساقط الأمطار على سبيل المثال سيكون نعمة للبلد، الذي يمتلك القدرة على محاصرة وتخزين وتوزيع المياه الإضافية في حين أنه سيكون مصدراً مهلكاً لتآكل التربة للبلد، الذي لا يمتلك خططاً كافية لإدارة هذه الأرض أو لا تمتلك بنية تحتية.
وبالتالي، فعلى الرغم من أن توقعات الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ تشير إلى أن الزيادات في درجات الحرارة في خطوط العرض الشمالية ستكون ضعف المعدل العالمي تقريباً، إلا أن الأقطار النامية التي تقع في طوق منخفض من خطوط العرض، فضلاً عن جنوب الصحراء الكبرى في افريقيا، سيتضررون تضرراً بالغاً بفعل التغير المناخي. ففي العالم النامي يتسبب التغير المناخي، حتى لو كان بسيطاً نسبياً، في نقص الغذاء وندرة المياه والطقس المدمر وانتشار الأمراض وهجرة البشر والتصارع على الوارد الطبيعية.
وهكذا تبرز خطورة هذه الأزمات في كونها أزمات متشابكة ولها القدرة على البقاء والاستمرار، فكل عامل يؤثر في العامل الآخر، فنقص المياه يؤدي إلى نقص الغذاء الذي بدوره يؤدي إلى الصراع حول الموارد المتبقية، مما يؤدي إلى نزوح السكان الذي قد يخلق بدوره نقصاً جديداً في الغذاء في المناطق الجديدة التي هاجر إليها الأفراد المتضررون من تغير المناخ.
وبمرور الزمن تزداد هذه السلسلة تعقيداً، ويصعب التحكم فيها، لذا، يجب على صناع القرار بذل المزيد من الجهد لمنع الآثار الناتجة من حدوث التغيرات المناخية سواء كانت هذه الآثار متمثلة في ندرة المياه أو الطعام أو انتشار الأمراض.
إذ ستساهم ندرة المياه، نظراً لتغير المناخ، في وجود حالة من عدم الاستقرار عبر العالم، حيث يهاجر السكان بحثاً عن مصادر جديدة للمياه. كما سيؤثر تغير المناخ تأثيراً سلبياً في الصحة العالمية أثناء العقود الثلاثة المقبلة، لا سيما في الدول النامية.
والأسلوب الذي من خلاله تستجيب إلى هذه المشاكل الصحية سيكون له تأثير ملحوظ على المشهد الجيوسياسي، فالأمراض التي تنتقل عن طريق تلوث المياه والحشرات الضارة مثل الملاريا والحمى الاستوائية، ستكون أكثر انتشاراً في الدول التي تعاني من سقوط الأمطار الإضافية نظراً لتغير المناخ.
ختاماً يمكن القول خلال العقود الثلاثة المقبلة، سيتمكن عامة الناس نتيجة لانتشار وتقدم تكنولوجيا الاتصال والمعلومات من تتبع هذه الأزمات عن قرب، مما يجعل من الصعب تجاهل الهوة الآخذة في الاتساع بين الأغنياء والفقراء من حيث تأثرهم بالتغير المناخي.