في الوقت الذي نادى فيه سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مجلس الوزراء الإماراتي، بالخلوة الاستثنائية لوزرائه في جزيرة صير بني ياس، للعصف الذهني من أجل تطوير الصحة والتعليم، كانت «مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر»، تمُارس الخلوة الإعلامية في دبي، حيث التجمع غير المسبوق لرئيس وأعضاء مجلس الإدارة، المدير العام، رئيس وهيئة التحرير وكتَّاب الرأي، إضافة إلى شركاء المؤسسة التجاريين.
«خلوة» إعلامية جمعت المنتمين إلى مؤسسة الجزيرة في موقع يبعث على التفكير والتفكر وتبادل وجهات النظر، وإبداء الآراء الشفافة بتجرد ودون الحاجة إلى وسطاء النقل، أو آليات الاتصال الحديثة.
دينامايكية التطوير تحتاج دائماً إلى الاستماع النقي من عملاء الداخل والخارج، القادرين على تقييم الأداء، وإبداء الملاحظات والإسهام في عمليات التطوير التي يفترض أن تكون موجهة لإرضاء المستفيدين من خدمات المؤسسة، وشركاء النجاح.
طبيعة العمل الصحفي قد لا تسمح بمد جسور العلاقة المباشرة بين الكتّاب والصحيفة، في الوقت الذي تتباعد فيه علاقة المجالس الإدارية، بشكل عام، بالعاملين في منشآتهم التجارية، والمستفيدين من خدماتها، وهذا أمر طبيعي، فمستويات الإدارة تتسبب دائماً في الفصل التنظيمي الذي يقود إلى تباعد العلاقات الشخصية بين أعضاء المنشأة الواحدة، وبما يؤثر سلباً في التغذية المعلوماتية الراجعة.. وأكثر من ذلك التباعد بين الكتّاب أنفسهم، فاجتماعهم في الصحيفة الواحدة لا يعني تواصلهم أو معرفتهم ببعضهم البعض.
أعتقد أن «خلوة» مؤسسة الجزيرة سمحت بإزالة عوائق الاتصال المباشر، ونجحت في مد جسور التعارف بين الإدارة وهيئة التحرير والكتَّاب والمعلنين الذين يمثّلون القطاع التجاري، في جو أسري، مفعم باللقاءات الجانبية، وتبادل وجهات النظر والرؤى والتوقعات المقرونة بالأمنيات.
رئيس مجلس الإدارة الأستاذ مطلق المطلق، خلع عباءة الرئاسة، واستبدلها بعباءة محترفي العلاقات العامة، فأصبح هدفاً للكتّاب الذين وجدوا لديه الفكر، وأريحية التعامل، والرغبة في التطوير والإبداع.
«الجزيرة» قدمت نفسها لشركائها باحترافية مذهلة، وحرصت على عرض برامج التطوير التي أحدثتها مؤخراً. أعضاء مجلس الإدارة اهتموا كثيراً بجمع المعلومات من خلال حواراتهم المتبادلة، رغبة في الاستفادة منها في عمليات التطوير.
كنت حريصاً على مناقشة تحول «مؤسسة الجزيرة» إلى شركة مساهمة تطرح أسهمها في سوق المال، وهو أمر ينطبق على باقي المؤسسات الصحفية.. تحوُّل المؤسسات الصحفية إلى شركات مساهمة عامة بات أمراً مُلحاً، لمواكبة المتغيرات العالمية، وإحداث التطوير الأمثل.. وزارة الإعلام معنية بفتح ملف التحوُّل الهيكلي للمؤسسات الصحفية، ومسؤولة أيضاً عن دعم رؤى المؤسسات الإعلامية التطويرية، التي تصطدم في بعض جوانبها بالهيكل التقليدي المفروض عليها.
نجح لقاء مؤسسة الجزيرة في إبراز براعة الشباب السعودي الذين أبدعوا في إدارته بشكل لافت.. تنظيم دقيق بدأ من تقديم الدعوة للمشاركين، وحتى مغادرة «دبي».
الشباب السعودي، من الجنسين، في حاجة إلى الفرصة التي يقدمون من خلالها إبداعاتهم وإمكاناتهم المذهلة.
«خلوة الجزيرة الإعلامية»، كشفت بجلاء عن رؤية مستقبلية يقودها باقتدار رئيس وأعضاء مجلس الإدارة، رئيس التحرير، والمدير العام، وكشفت أيضاً عن عمق العلاقة، وبساطة التعامل التي سادت اللقاء.. وأكدت على أن العلاقات الإنسانية، يمكن أن تفتح بوابات الإبداع المغلقة، وتزيل الحواجز، وترسخ العلاقة بين المنشأة وكافة المنتمين لها.