د. موسى أحمد بهكلي

لقد أثلج صدري وارتاحت نفسي وأنا أتابع المذيع قبل أيام وهو يتحدث عن النقل العام الذي يشمل القطارات والحافلات، الذي جارٍ العمل فيه حاليًّا، ها هو المشروع العملاق قريبًا نجني منفعته هواءً نقيًّا وراحةً من مخاطر السيَّارات.

هذا المشروع، مشروعٌ شاملٌ يتخلل المدينة ويغذيها بطريقة تراعي كافة المستويات بدءًا من الطرق الرئيسة وانتهاء بشبكة شريانية تمتد داخل الأحياء.... أليس هذا رائعًا!. كما أن تكلفة التنقل مشجِّعة للناس لاستخدامه عوضًا عن السيَّارات الخاصَّة.

نعم هذا ما نريده.... هو النقل العام فالسيارة متاعبها أكثر من منافعها وقيادة السيارة بحد ذاتها غير مرغوبة عند فئة من الناس - إذا وجدت من ينقلها- لما استخدمت السيارة والبعض يسوق مجبرًا فقط ولو كان له خيارٌ ما ساق أبدًا، كما أن قيادة السيارة لأكثر من أربع ساعات في الأسبوع يشكل نوعًا من الضغط يسميه علماء النَّفْس ضغط المجتمع، أن السيارة حديد والحديد فيه بأس شديد كما قال تعالى في كتابه الكريم فينبغي التعامل معه بحذر وأخذ الفائدة منه فقط واستخدامه بقدر الحاجة، أن السيارة مُجرَّد وسيلة وليست غاية، فالبعض أصبح يتعامل مع السيارة وكأنها أحد أبنائه، إن السيارة وسيلة للوصول إلى نهاية الطريق وليس شيئًا ثمينًا نحرص عليه ونظل نتباهي به ويبلغ التسرع بالبعض أن يطالب بقيادته بعض النساء، لاحظ معي الأشياء التالية التي ستجنيها:

1- قريبًا ستقل الزحمة والضوضاء التي تُؤثِّر على صحة المجتمع، من الآن لن يضيع وقتك أمام الوكالات تبحث عن قطع غيار، قد تجدها أو لا تجدها.

2- قريبًا لن تظل سيارة المرور وراءك تنبهك بأنك في موقف خاطئ ويجب أن تتحرك. قريبًا ستختفي ظاهرة التفحيط وستختفي مطاردات السيَّارات التي أودت بشباب في سنِّ الزهور وستقل حوادث السيَّارات.

3- قريبًا لن يظل مراهق يتخاصم مع والده أو والدته لأنهما لم يشتريا له سيارة ولن يظل قابعًا في غرفته يشكو لخالته عندما تزورهم بأن ولد الجيران عنده سيارة وهو ليس لديه سيارة!

4- من الآن لن تضيع أربع سنوات تقسيط في سيارة ستجعلك بعد هذه الفترة تزور الورش مرارًا.

5- قريبًا لن تظل مهمومًا إذا سافرت أين تضع سيارتك ولن تحتاج إلى أن توصي شخصًا عليها.

6- قريبًا لن تظل تبحث عن عامل يغسل سيَّارتك حتَّى تجده فيقول: إنّه مشغول!

7- قريبًا لن تظل مهمومًا بمتابعة أوراق سيارتك من تجديد أو تبليغ عن سرقة أو تغيير العجلات ولن تنتظر طويلاً في صف طويل حتَّى تفحص سيارتك التي قد تحتاج لفحصها مرة أخرى.

8- قريبًا ستختفي قصة ذلك الشاب الذي لتوه يتذوق فرحة التعيين ويذهب ويدخل في أقساط سيارة تظل تأخذ من راتبه ولأيِّ مشكلة يتعرض لها، تقوم الشركة بسحب السيارة إثر توقفه عن الأقساط وتذهب أمواله سدى.

9- قريبًا لن تظل تتابع شركة التأمين حتَّى تحصل على تعويض من شخص اعتدي على سيارتك وتسبب في غيابك عن عملك,

10- قريبًا لن تنزعج من أبواق السيَّارات ليلة العيد.

إن هذا المشروع للنقل، فيه فوائد جمَّة، سيوفر الطاقة والجهد والوقت وسيجلب الهدوء للمدينة، وينبغي أن يفرح الجميع بهذا المشروع وعندما يبدأ المشروع سنرى الناس يتخلصون من سيَّاراتهم مثلما تخلصوا من نظاراتهم عن طريق عمليات الليزر!