كشفت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض عن أهمية مشاركتها في معرض الرياض لتطوير المدن والاستثمار العقاري - سيتي سكيب الرياض من خلال مشروع الملك عبد العزيز للنقل العام باعتباره المشروع الأول على مستوى مدينة الرياض وأول مشروع للنقل العام في المملكة؛ الذي يخدم بالدرجة الأولى سكان مدينة الرياض، وجاءت المشاركة لغرض تعريف المواطنين والزوار بمسار المترو والباصات والمحطات التي تمر بها وتغطيتها لمدينة الرياض.
وأوضح المهندس خالد الهزاني مدير إدارة المشاريع المعمارية بالهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض أن الهيئة سعت من خلال المشاركة لتهيئة مواطني الرياض لمرحلة انطلاق المشروع خلال الأشهر القادمة وما يصاحب العمل في الطرق من آثار على حركة المرور، حيث من المتوقع أن يغيّر المشروع شكل المدينة ويرفع مستواها بدرجة عالية، مستبعداً أي آثار محتملة تعيق حركة التطوير العمراني في المدينة، وخصوصاً أن الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بدأت خطتها للمشروع منذ 11 عاماً كواحد من مخرجات المخطط الإستراتيجي لمدينة الرياض وبما يتسق مع رؤية المدينة بعد 50 عاماً.
وأشار الهزاني إلى أن المخطط الإستراتيجي لمدينة الرياض يعتبر مرجعاً لكل الجهات التي تعمل ضمن منظومة واحدة ومنسجمة كجزء من المخطط الإستراتيجي؛ وهذا ما يميز مدينة الرياض عن باقي المدن السعودية والخليجية والعربية.
وأوضح الهزاني أن مشروع النقل العام اعتمد بالدرجة الأولى على دراسات اقتصادية وسكانية وأمنية لذلك فهو لا يتعارض مع مشاريع البناء والعمران، بل يرتبط ارتباطاً وثيقاً بها؛ فالمشروعان يكملان بعضاً في خدمة سكان المدينة ويمضيان سوياً في إحداث النهضة المنشودة لمدينة في حجم وأهمية الرياض، علماً بأن خط سير المترو يمر بنسبة 40% تحت الأرض و60% على مستوى الأرض وفوق مستوى الأرض.
وجاءت تصريحات الهزاني ضمن فعاليات معرض الرياض لتطوير المدن والاستثمار العقاري (سيتي سكيب الرياض 2013) التي اختتمت يوم أمس الخميس والتي حظيت بدعم الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، ورعاية كل من شركة تداول القابضة، ومدينة المعرفة الاقتصادية، وشركة بروة، وشركة محمد الحبيب، وشركة فلاش للعقارات، وهو يأتي في وقت تعد فيه العاصمة الرياض إحدى أسرع المدن نموًا في العالم، في حين تتطلب المدن ذات المستوى العالمي عادة مئات السنين للنمو.
وشهد المعرض حضوراً كثيفاً للزوار من الخبراء والمتخصصين في القطاع العقاري، والأفراد المتطلعين للتعرّف على أحدث المشاريع العقارية في السوق السعودي الذي يمتلك العديد من الفرص الواعدة المتاحة أمام المستثمرين من المنطقة والعالم.
وبالتزامن مع المعرض، استمرت ورش عمل قمة الرياض العقارية في يومها الثاني والأخير، حيث تناولت المناقشات حقيقة أن التمويل في المملكة غير متوفر بشدة للغالبية العظمى من أصحاب الأعمال المحتملين، وأصحاب العقارات. وأن هناك حاجة لتغيير الكثير من العوامل، وهو ما بدأ بالفعل بفضل التشريعات الجديدة والتفهم الجديد لهذه المشكلة.
وشهدت أولى جلساتها حلقة نقاش حول كيفية تخفيف حدة التحديات التي تواجه المستثمرين الأجانب في المملكة، تحدث فيها فارس منصور، مدير أسواق رأس المال في مبادلة براميريكا للاستثمار العقاري، وطارق رمضان، رئيس مجلس إدارة ثراء القابضة، ومهند بن هذيل، ممثل مجلس إدارة شركة فلاش للعقارات.
وفي الجلسة الثانية التي بحثت أساليب إدارة المخاطر واستعرضت خيارات التمويل العقاري في المملكة، دعا سليمان ناصر القملاس، الرئيس التنفيذي لشركة قاف للاستثمار، إلى توظيف الصكوك كأدوات تمويل، مشيراً إلى أن هذا الاتجاه أثبت فعالية كبيرة في سد الاحتياجات المالية للعديد من المطورين العقاريين بالمنطقة، ومؤكداً أن هناك شهية كبيرة للاستثمار في الصكوك.
وطالب القملاس بإشراك المستثمرين الصغار في المشاريع الكبرى مما يدعم نموهم ومساهمتهم في ازدهار الاقتصاد الوطني. وبيّن القملاس أنه يتوقّع ظهور فئة جديدة من أدوات التمويل بحلول العام 2014م تعتمد مفهوم صناديق الأوقاف في أسواق الخليج كأدة فاعلة لتمويل المشاريع.
وذكر القملاس أن فاعلية أدوات التمويل تعتمد على نوعية الأصول وجودة تدفق السيولة، فعلى سبيل المثال، إذا كانت إيجارات يتم تحصيلها من عملاء أفراد، فهناك مخاطر من استخدامها، مشيراً إلى أنه يمكن للمطورين الاعتماد على منتجات التأمين لضمان تدفق العائدات، خصوصاً إذا كان المطور يرغب في اعتماد مبدأ البيع على المخطط.
وخلال الجلسة، ذكر فارس منصور أن معدل التنافسية مرتفعٌ جداً في الرياض وإمكانات النمو هائلة، لكن أصحاب الأراضي لا يرغبون في استثمارها لغايات التطوير العقاري سواء الصناعي أو التجاري أو السكني، مشيراً إلى أن المستثمر الأجنبي غير قادرٍ حتى الآن على الاستفادة بشكلٍ كامل من الفرص الاستثمارية التي توفرها السوق، لكن هذا التحدي يمكن تجاوزه من خلال إيجاد شريك محلي يدعم المستثمر الأجنبي ويوفر له وصولاً أسهل وأوسع لتلك الفرص.
وأعرب فارس عن ثقته بأداء سوق العقار السعودي، خصوصاً مع الكثافة السكانية العالية، لكنه عاد وأكّد ضرورة توجيه المزيد من التركيز للمشاريع التي تستهدف ذوي الدخل المحدود والمتوسط من المواطنين. وأوضح فارس منصور أن السوق السعودي تزخر بالعديد من المشاريع السكنية عالية الجودة، لكن الارتفاع الكبير في الأسعار يجعل المواطن يحجم عن التملك. وشدد فارس على أهمية توفير الخدمات اللوجستية بشكلٍ أكبر وخاصة في النقل والتخزين والتوزيع، مما يسهل عمليات التطوير العقاري.
وأكد المتحدثون أن السوق المحلي بات يستقطب أعداداً كبيرة من المستثمرين الراغبين بالاستفادة من النمو الذي يشهده والفرص الفريدة التي يوفرها، وناقشوا الوسائل التي تؤدي إلى زيادة الشفافية في السوق وبالتالي تقليص مخاطر الاستثمار فيها، كما بحثوا الأهداف التي يسعى إليها المستثمر الأجنبي في السوق السعودي، وكيف يمكن تسهيل إنجازها.
وأجمع المتحدثون على وجود أربعة تحديات رئيسية تقف أمام صناعة التطوير العقاري في الرياض خاصة، وفي المملكة بشكل عام، وهي نقص العمالة الماهرة، والبيروقراطية، والرهن العقاري. وأكَّد فارس منصور أن تحدي نقص العمالة مؤقت، وسيكون تأثيره مقصوراً على المدى القصير فحسب أيضاً، وأجمع المتحدثون على ضرورة المسارعة في تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وفي الجلسة الختامية لقمة الرياض العقارية، قدَّم الأستاذ رياض الثقفي، الرئيس التنفيذي لشركة إيوان المتخصصة في تطوير المجتمعات السكنية عالية الجودة على مستوى المملكة، ورقة بعنوان الاستثمار في المجمعات السكنية بدل المباني، تطرق خلالها لمزايا العمل في تطوير أحياء سكنية متكاملة من حيث توفير المرافق بشكل متكامل وتوفير نمط حياة عصري وسط بيئة اجتماعية متجانسة بتكلفة أقل من تكلفة البناء داخل المدن، فضلاً عن أن الاستثمار في الأحياء السكنية يوفر خيارات استثمارية متعددة (سكني، تجاري، ترفيهي) عكس الاستثمار في المباني.
وعن تحديات قطاع التطوير في المملكة، قال الثقفي إن بيئة الاستثمار العقاري في المملكة تلعب حالياً دوراً منفراً لرؤوس الأموال الراغبة في مجال تطوير الأحياء السكنية، وهذا يؤدي لتجنب أصحاب هذه الأموال الاستثمار في الأحياء السكنية والاتجاه نحو الاستثمار في تطوير مخططات الأراضي لما يوفره من بدائل أعلى ومخاطر أقل. وطالب الثقفي باتخاذ الإجراءات اللازمة وإحداث نقلة نوعية في التشريعات بما يساهم في تلبية الطلب المتنامي على تطوير الأحياء السكنية ويكفل إعادة التوازن للسوق السعودي بما يشابه الأسواق العالمية. واقترح محفزات تدعو لتسريع إجراءات التصاريح والتراخيص وإجراءات البنية التحتية والخدمات وإيجاد حلول تمويلية مبتكرة.
وأشار الأستاذ الثقفي إلى التحديات التي تجابه أصحاب العلاقة من الأسر من حيث الأسعار المتناولة وعدم فعالية نظام الرهن العقاري وسوء الخدمات؛ ويواجه أصحاب العلاقة من المطورين تحديات ضعف التمويل وعدم القدرة على الوصول للمستثمرين وإجراءات البلدية وعدم ضمان المشترين، بينما يعاني المستثمرون من تغير التوجهات نحو قطاعات أخرى وضعف العائد الاستثماري للمشاريع السكنية.
وطالب الثقفي بتضافر الجهود لتقليل تكلفة المسكن بالنسبة للمواطنين، وخصوصاً أن الإجراءات التي اتخذتها الدولة برفع رأس مال صندوق التنمية العقاري وقانون الرهن العقاري وتخصيص 250 بليون دولار لوزارة الإسكان لبناء 500 ألف وحدة سكنية فضلاً عن الخطة الخمسية، إنها جميعها غير كافية، حيث ما زال العرض أقل من الطلب. وشدَّد الثقفي على ضرورة تكامل الأدوار بين القطاع العام والقطاع الخاص.
ولا شك أن المعرض والفعاليات المصاحبة له تعد من الأحداث الرائدة في المجال العقاري في المملكة، بالنسبة للعقاريين المحليين والعالميين على حدٍ سواء، الذين يناقشون خلالها قضايا مهمة وحيوية، كما أنها تعتبر نقطة التقاء رئيسية للمطورين، والمسؤولين الحكوميين، والمستثمرين، وجهات التمويل الذين يساهمون في صياغة المشهد العقاري السعودي.