بعد أن غادرتْ رحلة سدير الاستطلاعية مدينة المجمعة بإشراف رئيس مجموعة ورّاق الأستاذ يوسف العتيق توجهتْ إلى مدينة جلاجل، وكانت المفاجأة للوفد هو استقبالها رسمياً متبوعاً بحفل خطابي من لدن رئيس المركز المهندس عبدالله السويد، ورئيس البلدية المهندس عبدالمحسن الحمادي، ومرشد الرحلة المخلص لمدينته عبدالله المزروع والمشهور بأبي علي، وذلك في صالات البلدية المنشأة بدعم من رجل الأعمال عبدالعزيز الشويعر والذي أنشأ أيضاً المركز الصحي للرعاية الأولية بتكلفة تزيد عن ثمانية ملايين ريال، وكذلك المساهمة ببناء المقر الإداري لنادي سدير الرياضي بجلاجل وتأثيثه كاملاً استشعاراً منه بمسؤوليته الاجتماعية تجاه مدينته.
وكان لحديث أبي علي عن المواقع التاريخية نكهة خاصة، إذ انتقل بأعضاء الرحلة للجامع القديم وبيت المؤرخ عثمان بن بشر الذي كان قِبلة لمن يرغب في معرفة التاريخ، وكذلك بيت الشيخ العنقري ومسجد عيسى التاريخي المؤسس عام 1150هـ، وكان سور البلدة القديمة والمرقب شاهدين على تاريخ مخضل بالأصالة والعراقة.
ولعل حادثة سقوط سقف مدرسة البنات بجلاجل عام 1397هـ ووفاة سبع عشرة طالبة كانت إحدى المآسي التي مرت بالمدينة وشاركها الحزن كل سكان المملكة، وكانت بنت أبي علي عبدالله المزروع إحداهن، وما كنت حاضراً وهو يشير بيده لآثار المدرسة المنكوبة وقد اختنق بعبرته فأبكى أفراد الرحلة!
الجميل في تلك المدينة هو الحضور والتآزر الاجتماعي للنهوض بها، ممثلاً برجال الأعمال ودعم الأهالي للتنمية الشاملة بمشاركة المجلس البلدي الذي يساهم مع البلدية بدفع عجلة التطور بترسية واعتماد عدة مشاريع ضخمة مثل صالة للألعاب الرياضية بنادي سدير ومقر روضة الأطفال ودار تحفيظ القرآن النسائية وقاعة للاحتفالات العامة وحديقة الملك عبدالله.
وتتميز جلاجل بجريان وديان عديدة فيها مما يؤهلها لتكون مدينة سياحية بجدارة، فضلاً عن وفرة النخيل وكثرة المزارع والبساتين نظراً لتوفر المياه وخصوبة التربة.
وبرغم أن جلاجل تعد قلباً نابضاً في منطقة سدير وحلقة وصل بين مناطق ومدن وقرى المملكة؛ حيث تتصل بشبكة طرق رئيسة تربطها بالمدن المجاورة، كطريق الرياض القصيم القديم الذي يربطها بمدن سدير، والطريق السريع الذي يربطها بالرياض والقصيم وطريق الداهنة/ شقراء؛ إلا أنها تفتقد لمركز للهلال الأحمر برغم أهميته القصوى نظراً لمرور المسافرين والحجاج مما يتطلب وجود هذه الخدمة المهمة لإسعاف المصابين، فضلاً عن الاستفادة منه لبقية مدن سدير.
ومَن يزر مدينة جلاجل؛ يشعر بالدعة والسكينة بما تمنحه من هدوء وراحة نفسية، وما يعكسه كرم أهلها ودماثة خلقهم ورقي تعاملهم لزوارها وتقديرهم للمرأة على وجه الخصوص، رفع الله قدرهم.
شكراً جلاجل، المدينة الصحية الوادعة التي لن تبقى (ذكرى) لزوارها، بل تظل (حنيناً) دائماً للعودة لها للسياحة والاستجمام والاسترخاء!