تقول العرب في أمثالها: (الإحسان يقطع اللسان) وهذه حقيقة واقعة محسوسة ملموسة... فالإحسان إلى الناس يكسر حدَة عداوتهم، ويكبح جماح شرورهم كما قال الشاعر العربي:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم
فطالما استعبد الإحسان إنسان
ونحن بحمد الله دولة اقتصادية عظمى, وقد بسط الله لنا خيرات الأرض، وفتح لنا بركات السماء... فضلاً من الله ونعمة، والله ذو الفضل العظيم....
فلما كان ذلك كذلك، ونحن نرى الدول عن أيماننا وعن شمائلنا، تجترها الفتن والقلاقل، والثورات، والنعرات... والحكومات تبقى وتزول، وتقوم وتضمحل.. وتلك الأيام نداولها بين الناس.... {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.... وتدبر قوله (تنزع).. فالنزع لا يكون إلا من ممانعة وتشبث!!
وبما أن دولتنا أعزها الله، لا تألو جهداً في تضميد جراح المنكوبين، ومواساة المصابين في الكوارث والحروب وغيرها... وأنا كغيري أسافر خارج بلادنا (العامرة)... فأرى مشروعات وطرق ومساجد وجامعات أقامتها بلدنا.... لكن لم يوضع لها دعاية تشعر سكان تلك المناطق بأن هذا من مساعدات السعودية، أو أن يعمل لها دعاية تغطية إعلامية إبان افتتاحها فقط، ثم ما تلبث أن تخبو، ومع تجدد الأجيال صارت الشعوب لا تعلم أنها من السعودية.... بعكس مشروعات الدول الأخرى التي تضع مشروعاتها بأسمائهم حتى لا يلتبس الأمر....
فأرى والرأي لمسؤولينا الكرام أن تكون مشروعاتنا في الخارج واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار... أن هذا من مساعدات السعودية، فلا بد أن نكسب تعاطف الشعوب ليوم ما... عسى الله أن يبعد عنا الشرور, ما ظهر منها وما بطن... لكننا مأمورون بأخذ الحيطة والحذر.. ولا يتخيل ناقص نظر، أو ملتبس فكر, أن هذا من باب النفاق والرياء.. لا لا حاشا وكلا... بل نحن مأمورون شرعاً بإبداء الأعمال الخيرية العامة وإظهارها كما قال الحق سبحانه {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} أما ما شرع ستره وإخفاؤه منها فهو ما يؤتى الفقراء، حتى لا تنكسر نفوسهم, وتدخل الخيلاء على المتبرعين.. كما قال تعالى {وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ} ذكر ذلك بن القيم رحمة الله في كتاب (الهجرتين).
هذا من جهة ومن جهة أخرى.. فهذه الأعمال الخيرية تصد هجمات شرسة، وتكبح جماح قنوات معادية.. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يحصل من بعض مواطنينا هداهم الله ما يشوه سمعة بلادنا ويكون هذا معوضاً له.. ومن ناحية أخرى هذه الأعمال تجعل المواطن يسير هناك مرفوع الرأس. وهذا ليس من باب شراء الذمم بل إحقاقاً للحق، وحفظاً للحقوق، {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أشياءهُمْ} هذا ما تقتضيه النظرة الشرعية، والحقوق المرعية، والعلاقات الدولية.. والسلام عليكم.