شهدت قمة الرياض العقارية أهم ملتقى للمتخصصين في القطاع العقاري بالمملكة التي عقدت يومي 10 و11 ديسمبر الحالي بالتزامن مع معرض الرياض لتطوير المدن والاستثمار العقاري لعام 2013م وتختتم فعالياتها اليوم الخميس 12 ديسمبر، مشاركة عشرات الخبراء والمختصين بالقطاع العقاري الذين ناقشوا جملة من القضايا الرئيسية التي تهم المجتمع العقاري السعودي.
وتعقد قمة الرياض العقارية بالتزامن مع معرض الرياض لتطوير المدن والاستثمار العقاري - سيتي سكيب الرياض 2013 الذي يحظى بدعم الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، ورعاية كل من شركة تداول القابضة، ومدينة المعرفة الاقتصادية، وشركة بروة، وشركة محمد الحبيب، وشركة فلاش للعقارات، وذلك في مركز الرياض الدولي للمعارض بحي المروج.
المتحدثون في القمة أجمعوا على أن وجه الرياض سيتغير إلى حدٍ كبير بحلول العام 2030م بفضل وسائل المواصلات والمدن التابعة والمرافق المخططة الجديدة، وهو ما سيؤثر بدوره على أسعار العقارات والاستخدامات المناسبة للأراضي في وقت قريب.
وخلال إحدى جلسات القمة، أشاد يوسف بطراوي، رئيس مجلس إدارة شركة لاند ستيرلنغ لأبحاث واستشارات العقار، بمشروع النقل العام الجاري تنفيذه بمدينة الرياض، الذي سيفتح المجال أمام تخفيف الضغط على طرق العاصمة، وتسهيل حركة التنقل بين أحياء العاصمة ومعالمها الهامة، موضحاً أن تأثير نظام النقل بالسكة الحديدية سينعكس بشكل إيجابي على قيمة العقارات التي يمر ويحيط بها بشكل ٍعام.
كما أوضح أن تصميم نظام النقل العابر يُعتبر أمراً حاسماً في تحديد التأثير الإيجابي أو السلبي على قيمة العقارات المجاورة.. وقال بطراوي إن العديد من الدراسات بينت مدى تأثير نظام النقل بالسكة الحديدية على قيمة العقارات وذلك قبل الافتتاح الرسمي للخدمة.. وقد صار من الضروري وضع سياسات تكميلية للحفاظ على قيمة العقارات على المدى الطويل، مشدداً على أن المترو والحافلات والباص السريع تتميز بتأثير أكثر إيجابية من نظام السكك الحديدية الثقيلة.
وحول التأثير الشمولي للبنية التحتية الجديدة، قال بطراوي: «المشاريع التي تمضي الدولة في تنفيذها ستخلق فرصاً جديدة للقطاع التجاري من خلال تحسين الوصول إلى العملاء، وتوفير المزيد من مواقف السيارات، وزيادة العملاء والزبائن، وارتفاع الطلب على السلع، وزيادة الأرباح.. أما القطاع السكني فسيستفيد من قربه من أنظمة النقل، وسهولة التنقل، في حين سترتفع الإيجارات، كما أنه يتوقع أن يرفع أسعار الأراضي، وعلى الصعيد الصناعي، ستعمل البنية التحتية الجديدة على خفض التكاليف اللوجستية، ورفع معدل الإنتاجية، واستحداث أنواع جديدة من النشاطات الصناعية.. وبالنسبة للقطاع الفندقي، فإنها ستعمل على زيادة عدد السياح، ورفع معدلات الإشغال، وزيادة الأرباح».
واستعرض بطراوي مجموعة من الحقائق حول مشاريع النقل في المملكة، موضحاً أن الهيئة العامة للطيران المدني تعهدت بتطوير وإنشاء 34 مطاراً بتكلفة إجمالية تبلغ 665,8 مليون دولار، وقد تم الانتهاء من 23 مطاراً ستضيف 9 ملايين فرد إلى حركة المسافرين في البلاد.. بالإضافة إلى ذلك، هناك 233 مشروعاً للطرق البرية بتكلفة إجمالية قدرها 15 مليار دولار ويتوقع أن تنتهي خلال الفترة من 2013-2016م.
من جانب آخر، ذكر بطراوي أن إجمالي الاستثمارات الحكومية في قطاع السكك الحديد يقدر بحوالي 365 مليار ريال، وفي قطاع النقل البحري، تقوم الحكومة حالياً بتطوير ميناء الملك عبد الله بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية، وقد بلغت الكلفة الإجمالية للمرحلة الأولى 26,6 مليار، بينما تعكف على توسعة ميناء دارين المتوقع انتهاؤه في العام 2014م بتكلفة تقدر بحوالي 35 مليون دولار.
المتحدثون في ورش عمل القمة العقارية الذين تقدمهم طارق رمضان، رئيس مجلس إدارة ثراء القابضة، أجمعوا على ضرورة تقنين التخطيط العام للمشاريع السكنية ووضعه في إطار مجتمعات صغيرة تتوفر فيها كافة الخدمات والمرافق بأنواعها، فقد أشار أحد كبار المتحدثين من شركة ركاز إلى أن المدن المستقلة تتميز بسهولة الإدارة والترابط وبإسهامها الإيجابي في تعزيز الاقتصاد بشكل عام، حيث يمكن تأسيس كل مدينة على قاعدة اقتصادية من الأنشطة وجذب السكان من المناطق المركزية، كما أنها تتيح دعم فئات الدخل المختلفة.
رمضان الذي افتتح أعمال اليوم الأول، قال إن ورش عمل اليوم الأول غطت أبرز التحديات التي تواجه السوق العقاري بالرياض، مثل ارتفاع أسعار الأراضي وتأثيرها على القدرة على تطويرها، وكذلك ارتفاع تكلفة العمالة الماهرة، موضحاً أن الازدهار الذي يشهده السوق السعودي والرياض على وجه الخصوص، وخروج الاقتصادات العالمية من الأزمة المالية يرفع الفرص الواعدة في هذا السوق، ويستقطب المزيد من المستثمرين للاستفادة من الإنفاق الحكومي السخي على البنية التحتية، وزيادة الطلب على العقار في جميع القطاعات، وهذا من شأنه أن يخلق تنمية مستدامة تساهم في النهضة العمرانية على المدى القصير والمتوسط والطويل.
وقال رمضان إن مجتمع الأعمال لا يزال بانتظار قانون الرهن العقاري لكونه سيعزز قدرة المستثمر أو مالك العقار على حفظ حقوقه بالسرعة الكافية حتى لا يتكبد الخسائر.. أما باتريك غافني، رئيس إدارة الأبحاث في إتش إس بي سي السعودية، فقد شدد على ضرورة وضع ضمانات للبنوك تجعلها متيقنة من أن بإمكانها استرجاع العقار المرهون.
وحول قضية النقص في العمالة الماهرة، قال روبرت هوفمان، الرئيس التنفيذي لشركة التحالف العقاري، التي نشأت حديثاً كمشروع مشترك بين شركة حمد بن محمد بن سعيدان وأولاده، ودويتشه الخليج للتمويل، وكيه هوفنانيان، إن الطلب القوي على العقار في الرياض يخلق تحديات في توفير العمالة الماهرة، مشيراً إلى أن الحل يجب أن يكون طويل الأمد، وذلك من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وذكر روبرت أنه من الضروري تأسيس نظام فاعل لإنتاج العمالة الماهرة بالمملكة، وذلك من خلال التعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، معرباً عن استعداد شركته لاعتماد خطط تدريب وتوظيف للشباب السعودي مما يساعد في تسريع جهود وزارة العمل في هذا المجال.
على صعيد التطوير العقاري، ذكر روبرت أن تقسيم مراحل الإنتاج إلى مخططات صغيرة يسهم بفعالية في إسراع تنفيذ المشروع وفق الجداول الزمنية المحددة، ويساعد على توفير الجهد والوقت والمال في تطوير المشاريع.. ودعا روبرت إلى شراكات أقوى واعتماد شفافية أكبر بين المالك أو المطور للعقار وبين المقاولين الأمر الذي يكون له أثر كبير في تقديم النتائج المطلوبة في الوقت المطلوب.
على مستوى المشاركين في معرض الرياض لتطوير المدن والاستثمار العقاري - سيتي سكيب الرياض 2013، قال المهندس شادي محمود مدير التطوير في شركة DSC التي تعمل في مجال الاستشارات الهندسية، إنهم يتواجدون في السوق السعودي منذ أكثر من 10 سنوات نفذوا خلالها أكثر من 100 مشروع مع شركات كبيرة مثل بن لادن ودار الأركان وبيوت الأرجان وصندوق التعليم العالي.. وتعمل الشركة حالياً على مشروع الدرعية السكني على مساحة 3,500 مليون متر مربع.
وأضاف المهندس شادي أن الهدف من المشاركة هو توسيع قاعدة العملاء وسط المطورين والمستثمرين السعوديين في القطاعين العام والخاص باعتبار أن السوق السعودي سوق كبير ورائد، لذا كانت مشاركتنا في هذا المعرض امتداداً لمشاركات سابقة ناجحة في جدة ودبي والقاهرة.
وعزز المهندس هيثم الحبشي المدير التنفيذي لشركة (ماونتين جيت ريالتي) قول المتحدثين السابقين في أهمية المشاركة في مثل هذه الفعاليات بهدف المزيد من التواجد في السوق السعودي واستقطاب عملاء جدد في ظل الإقبال المتزايد الذي تحظى به دبي كوجهة سياحية بغرض الاستثمار في مشاريعها الإسكانية المميزة، ولفت الحبشي إلى أنهم يسوّقون من خلال هذا المعرض لمشروع جديد في نخلة الجميرة (أعجوبة الدنيا الثامنة) يتميز بإطلالة ساحرة على الخليج العربي وتديره شركة (أنانترا العالمية) لإدارة المنتجعات، وهو يطرح لأول مرة في السوق السعودي.
ويقول المهندس حسين بوهويد، مدير تطوير الأعمال في شركة دار العمران للاستشارات الهندسية الأردنية التي تعمل في مجال التصميم المعماري والهندسي وتخطيط المدن إنهم يتواجدون في السوق السعودي منذ 30 عاماً، ولديهم مشاريع مع الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض ووزارة الداخلية ووزارة الحج وجامعة الملك فيصل، ويُعتبر مشروع مركز الملك عبد العزيز التاريخي من أكبر المشروعات التي نفذتها الشركة.. وعزا بوهويد مشاركتهم للرغبة في التوسع في مدن المملكة المختلفة، والوصول لأعلى مستوى من التواجد في السوق السعودي، حيث إن المملكة تشهد مشاريع ضخمة في مجالات البنية التحتية ومشاريع الخدمات والاستثمارات المتنوعة في مختلف مدنها ومحافظاتها.
ولا شك أن المعرض والفعاليات المصاحبة له تُعد من الأحداث الرائدة في المجال العقاري في المملكة، بالنسبة للعقاريين المحليين والعالميين على حدٍ سواء، الذين يناقشون خلالها قضايا هامة وحيوية، كما أنها تُعتبر نقطة التقاء رئيسة للمطورين، والمسؤولين الحكوميين، والمستثمرين، وجهات التمويل الذين يساهمون في صياغة المشهد العقاري السعودي.