أشرنا في المقالات السابقه إلى أنه على الرغم من أننا من أكثر الشعوب ارتيادا للمساجد فإن لدينا كثيرا من السلوكيات التي لا تمت للإسلام بأي صلة (تواضع في الأداء ، فساد إداري، عدم احترام للوقت، إخلاف للمواعيد، قيادة السيارة بأسلوب غير حضاري، عدم احترام الأنظمة، الإسراف في المأكل والمشرب والملبس مع عدم الاهتمام بالعمل والإنجاز) نقود السيارة بسرعة ونعمل ببطء، نسرف في الترف ونقتصد في الإنجاز، نتناول الأكل بشراهة ونقتصد بالحركة. وغيرها من السلوكيات التي لا يتسع المقام لذكرها. وإنه على الرغم من أهمية المساجد وأنها بيوت ملك الملوك وإله العالمين إلا أن معظمها لا يصلح بأي حال من الأحوال لأن يكون نموذجا يحتذى به من حيث الشكل والمضمون. فمعظمها متواضعة العمارة والتشييد والشكل والنظافة والإدارة...الخ. وهي لا تسر المصلين ولا تستهوي المسلمين..
وطالما أننا تحدثنا عن دور الإمام، الدور المتواضع في تحقيق الرسالة الاجتماعية للمسجد فاليوم نتحدث عن دور الجهات المعنية خاصة وزارة الشئون الإسلامية. وأود التأكيد هنا أن العبرة ليست بكثرة المساجد ولكن العبرة بجودة البناء وحسن الإدارة والتشغيل.
ولذا فإنني أرى أنه بالاضافة إلى ما تمت المطالبة به في المقال السابق من إنشاء مركز مستقل لتأهيل الأئمة يتم التركيز فيه على تحديد دور الإمام وتمكينه وتعزيز قدراته العلمية والمهارية للمساهمة في تحقيق الرسالة الكبرى للمسجد. فإنه حان الوقت أيضا لإعادة النظر في آلية إنشاء المساجد وإدارتها وتشغيلها.
وكلي أمل في أن تتبنى الوزارة مشكورة إنشاء مركز يعنى بعمارة المساجد ومنهج وأسلوب إدارتها وتشغيلها وما يتعلق بذلك من دراسات وبحوث، سواء تم تنفيذها من قبل الوزارة أو المحسنين. يكون المركز على شكل كيان مستقل من الناحية الإدارية ويرأس مجلس إدارته وزير الشئون الإسلامية ويتم تمويله بواسطة أوقاف تخصص لإنشاء وإدارة وتشغيل المساجد. سواء كان هذا الكيان مركزيا أي على المستوى الوطني أو مراكز لكل منطقة.
وكلما أردت التذكير به هنا هو أن بيوت الله أمانة تتحمل الجهات المعنية مسئولية التقصير فيها وفي أي خلل يصاحب إنشاءها وتشغيلها أو تواضع في تحقيقها لرسالتها وأهدافها. وأيما مسئولية هذه فهي بيوت ملك الملوك الحق سبحانه.
وباختصار فإن المطلوب هو التوقف مع النفس وصياغة استراتيجية علمية عملية لبيوت الله تساعد على تحقيق المساجد لرسالتها التعبدية والاجتماعية والاقتصادية ...الخ
وللحديث بقية في الخميس القادم إن شاء الله.