يا أيها العزيز، مسَّنا وقلوبنا الضر بفراقك، وإنا على فراقك لمحزونون..
يا أيها المسربل عزة، المتشبع أنفة، المتفضل رفعة وشموخاً..
وضاء الوجه، مشرق الجبين.. يا من غص في غياباته القلب، ففي كل يوم وعلى مدى سنوات طويلة، كنا نبدأ الصباح الذي يطل به علينا الفقيد عبر الصحافة ووسائل الإعلام، هذا الحامل لهموم أمته يطل علينا بما يخص أوجاعها.
هذا الإنسان الرقيق كنسمة مساء ربيعي جميل، هادئاً في تعاطيه مع قضايا مجتمعه، كان هادئاً حتى اللحظات التي سبقت عاصفة رحيله عن هذه الدنيا.
كان مربياً قبل أن يصبح وزيراً، كان أستاذاً قبل أن يصبح وزيراً، كان عميداً في جامعته قبل أن يصبح وزيراً، قبل ذلك تتلمذ على يده في فن التربية الكثير، بل تعلمنا منه الأخلاق والتواضع وفن التعامل مع الآخرين، ولقد قلدناه في المظهر وحسن البشاشة في المنظر، قلدناه في الوطنية الخالدة الراسخة المحبة، قلدناه في الابتعاد عن الادعاء والتظاهر.
تكثفت سحابات الحزن بأعيننا وكأنها مفتوحة تماماً لكن يبدو أنها أصيبت بنوع من الخدر مع هذا الفراق الحزين.
إنه فقيد التعليم، رحل رجل كبير بحجم الدكتور محمد الرشيد هذا الذي نذر نفسه وحياته ووقته من أجل خدمة الدين والوطن والمليك، كان مهتماً بالجانب الإنساني، كان يحمل المبدع والمبدعين والمتميز والمتميزين، كان يذلل لهم كل العقبات والصعاب.
إنه الوزير الإنسان الدكتور محمد الرشيد، عندما كان وزيراً قاد التطوير في فترة صعبة ودمج إدارة تعليم البنات والبنين، عندما كان وزيراً كان خير سفير لوطنه في الأوساط والمحافل العالمية المختلفة.
الدكتور محمد الرشيد في ذمة الله.. إنه لوقع جسيم على أبناء التربية في رحيل أحد رموزها.
رحلت في ليلة حزينة غير أنك رحلت وأنت أطهر من الدمية البيضاء في كبد السماء الصافية.
رحل الدكتور محمد الرشيد حيث هو الآن هناك يرقد في رحم الأرض التي أنجبته، وبادلها حباً بحب وعشقاً بعشق ووفاء بوفاء وهي تحتضنه وتغمره بفيض من رحمة الله.
رحل الدكتور محمد الرشيد بنفس راضية مطمئنة، راضية بما كتب الله لها.
إلى جنات الخلد أبا أحمد.