قلمي بيدي.. وأنى للمشاعر أن تفي.. وأنى للسطور أن تحوي ما تكن الصدور..
ألملم دمعاً ما فتئت أداريه بعد وفاة والدتي قبل أيام - رحمها الله -، وقد كان لزيارة معالي وزير التربية والتعليم السابق معالي الدكتور محمد بن أحمد الرشيد - رحمه الله - الأثر البالغ في انجلاء سحابات حزن أثقلت الكاهل وأنهكت الخاطر، فقد جاء مواسياً ومعزياً ومسلياً، وقد سبقت برقيته للعزاء مجيئه حيث ختمها بدعوات حانية ولقَّب نفسه بـ(مُحبكم).. وها أنا بعدها بأيام أقول: (عزيتنا بوالدتنا فمن يعزينا بالمروءة والكرم والشهامة والمواقف المشهودة بعدك يا أبا أحمد)..!!
لقد غرست في قيعان المكارم نخل الكرم، وأنبت في رياض المروءة الكلأ.. أحببت دينك فعملت به وله.. وأحببت ولاة أمرك فعملت معهم ولهم، وقدت وزارة التربية تجر عرباتها المثقلة بالمسؤولية قُدُماً نحو التطوير، فبصمت بصمة كبرى يفيء ظلالها كل معلم ومتعلم بجد واجتهاد ومثابرة يدركها من عمل معك.. وواجهت سفينة التربية أمواجاً متلاطمة، فما فتئت سواعد بنائك لها وقيادة دفتها.
لقد أحببت وطنك فعملت له وأوجفت بخيل وركاب الوطنية في مناهج التعليم حتى أناخت في عقول أبناء الوطن وبناته.
وأحببت عشيرتك وناسك ففتحت باب قلبك قبل تواصلك، وعملت بإنسانية شملت وذاقها كل من لممت شمله بأهله وكرَع غديرها كل والد ووالدة أضناهما العوزَ لعائلهم.. وفي الأرض شهود على الخلق للخالق.
كيف لي أن أُعزي المروءة والكرم والخُلق النبيل بفقد من ضرب أروع الأمثلة فيها.. رحمة الله تغشى تلك الروح وجنة الله تضم ذلك الجسد.
لقد كانت اتصالاته على والدي - رحمه الله - في آخر حياته لا تنقطع وكانت بلسماً ودواءً، وكان لقبوله طلب والدي في الاستشفاع للنفع أثرٌ بالغ ولا يفعل ذلك إلا من فتح الله على يديه النفع للبلاد والعباد.. رحمهم الله جميعاً.
فقد رحلوا وبقي نفعهم.. غابوا وبقي ظلهم.. غادروا وما زال أثرهم.. اللهم يا حي يا قيوم ارحم عبدك محمد الأحمد الرشيد وأحسن وفادته وأجزه عما قدَّم خيراً، واجعل البركة في ذريته، وأحسن عزاءهم وعزاء ذويه وأقاربه ومحبيه، واجبر مصابنا ومصابهم..
إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ .