طالبَ مختصون في المجال الهندسي والمقاولات بضرورة إيجاد لجنة لحل المنازعات من أجل القضاء على المشاكل بين المقاولين والاستشاريين الهندسيين، وتنظيم قطاع المقاولات الذي يُعتبر ركيزة مهمة في الاقتصاد الوطني، حيث تتجاوز أصوله الرأسمالية الـ150 مليار ريال وتبلغ معدلات نموه 5% سنوياً.
وقال لـ«الجزيرة» المهندس خالد الجمعان: إن وجود مثل هذه اللجان شيء إيجابي نسبي ولا يُعتبر حلاً جذرياً للمشكلة، إنما سيساهم بحل جزء من المشكلة، وهذا لا يعني أن مثل هذه اللجان حل غير مجدٍ، وبشكل أوضح هو حل لجزء من المنظومة لأن المشكلة بالمنظومة والمقصود منظومة البناء ككل بكل تفرعاتها وتخصصاتها ومجال البناء متطور في جوانب عدة منها الفكر في الإدارة الهندسية تغير عن السابق وكذلك أنظمة وتكنولوجيا البناء والعديد من الجوانب لذلك ألخصها بتأسيس منظومة متكاملة يؤكد أهمية وتعجيل اعتماد الكادر الهندسي الذي باعتقادي أنه هو النقطة الأساسية لتنظيم المهنة والمجال ككل.
وتابع: في إدارة المشاريع لا يوجد حل جذري لحل تعثر المشاريع لأنه وارد على أي حال، لكن الحل في تأسيس هيئة أو مؤسسة تُؤسس وتشرّع كل القوانين وأنظمة البناء وكذلك تضع خطة إستراتيجية للاستفادة من العقارات والمشاريع بمختلف أنواعها القديمة واستثمارها، وتسوّق لها بشكل جيد وتجذب المستثمرين لها بما يعود للمواطن بالنفع وتكون دائرة المنفعة للجميع، وهذا ممكن أن يكون بشرط واحد فقط العمل, لن أتحدث عن قوانين وأنظمة ولجان وغيرها لأن القوانين والمعايير والتصاميم موجودة، لكن الذي ينقصنا إنما هو القائد والعمل بروح فريق العمل الواحد بأمانة فقط.
وعن المعوقات التي تواجه قطاع التشييد والبناء قال: المعوقات واضحة وجلية للجميع لغير المتخصص في المجال, المعوقات في تطور والعناية بمن يعمل في هذا القطاع من وجهه نظري وأختصرها بـ «الكادر الهندسي» الاهتمام بمن يعمل بهذا القطاع يعني استثماراً للعقول، وهذا لن يكون إلا بالكادر الهندسي الذي سوف ينظم ويحل جميع المشاكل الحالية تدريجياً، لذلك الخطة لا بد أن تكون إستراتيجية واضحه تحفظ الحق لجميع الأطراف ومرجعتيها واحدة فقط ليس كما هو الحاصل الآن كل قطاع حكومي يوجد فيه إدارة للمشاريع تابعة لكل وزارة أو دائرة حكومية لذلك وجب التنظيم لكي يصبح هناك تنسيق وتضافر جميع الجهود والخبرات وطافات الشباب المهدرة حالياً «للأسف» لكي تنصب كلها في جهة واحدة.
وقال المهندس جعفر محمد الزهراني: عندما نُؤسس لجنة لحل النزاع بين الطرفين، فإننا نفترض جدلاً وبنسبة كبيرة أن النزاع من أولويات العلاقة بين المقاول والاستشاري وهذا بحد ذاته بداية لمشكلة النزاع وستكون اللجنة أحد أسباب تأخير المشاريع، لا سيما وأنها خطوة تأتي بعد حدوث النزاع وتعثر المقاول، وقد درج عند العامة أنك إذا أردت أن تُؤخر أو (تُميت) موضوعاً ما فكوِّن له لجنة والخاسر الأكبر في هذا النزاع، وفي تكوين لجنة هو الجهة صاحبة المشروع أو ما يُعرف فنياً بالمالك سواء جهة حكومية أو خاصة فبدلاً من التفكير في تأسيس لجنة لحل النزاع بين المقاول والاستشاري، فإن الأولى التفكير في الأسباب المحتملة التي ستفضي للنزاع من كلا الطرفين، ولعل من أهمها: الصيغة التي يتم بها ترسية المشاريع الحكومية على المقاولين والتي تعتمد على ترسية المشروع على أقل سعر وقصور من قِبل الجهة المالكة في وصف البنود بشكل واضح ودقيق بالإضافة إلى قصور في تقدير مدة المشروع ( قصور في جداول المواصفات والكميات للمشروع) وعدم وجود مقاولين مؤهلين للمشاريع، وأقصد هنا عدم ملاءمة الإمكانات المادية (الملاءة المالية) والفنية (المعدات والعاملون) والخبرة الكافية وقصور في الإمكانات الفنية للاستشاري، فقد يُوجد لديهم مهندسون وفنيون حديثو التخرج ويفتقدون للخبرة في الإشراف والمتابعة على المقاول وضعف الاعتماد المالي لعقد الاستشاري قد يكون سبباً في ضعف إمكانياته بالإضافة إلى ضعف الاعتماد المالي للمشروع من الأسباب التي تجعل المقاول يحاول تنفيذ المشروع بأقل الخسائر وأكبر عائد ربحي وعدم وجود إدارات مشاريع هندسية لبعض القطاعات الحكومية، وقد تكون موجودة في البعض الآخر ولكن غير مؤهلة بالشكل الذي يتم الاستغناء فيه عن الاستشاري، ولعل قطاع البلديات والطرق والصحة والتعليم من أهم تلك القطاعات لا سيما وأن مشاريعها تهم المواطن بشكل مباشر وتأخير صرف المستخلصات المالية للمقاول والاستشاري قد يتسبب أيضاً في عدم قدرتها على مواصلة العمل، وبالتالي حدوث النزاع وعدم وجود تواصل مثمر وفعّال قبل وأثناء المشروع بين الجهات ذات العلاقة (الجهة المالكة والمقاول والاستشاري والإدراة المالية المعنية بصرف المستخلصات ولجوء كثير من المقاولين إلى الاستعانة بمقاولي الباطن والذين ما يكونون غالباً» ذوي إمكانات محدودة لرغبة هؤلاء المقاولين الرئيسيين في تحقيق أرباح عالية وبأقلجهد ممكن وعدم الحزم مع المقاولين وأيضاً الاستشاريين من قِبل الجهة المالكة فيما يتعلق في فسخ العقد وسحب المشروع وتكليف مقاول آخر وبطء الإجراءات فيما يتعلق بهذا الجانب.
وأضاف الزهراني: نرى أن يتم معالجة الملاحظات بغية الوصول إلى تأسيس لجنة لحل النزاع والتي ينتج عنها تأخير وتعثر كثير من المشاريع الحكومية كالتالي: إعادة صياغة عقد الاشغال الحكومي وعدم الاعتماد على الترسية على أقل سعر وإنما يتم الترسية على العرض المالي والفني والخبرة كلها مجتمعة وتأهيل مهندسي وفنيي إدارات المشاريع في القطاعات الحكومية تأهيلاً عالياً يمكِّنهم من إعداد جداول المواصفات والكميات بشكل دقيق مع تقدير الوقت الكافي للتنفيذ، وأن لا تكون هناك فجوه يستطيع المقاول أو الاستشاري استغلالها بشكل سيئ، وأيضاً تأهيلهم ليصبحوا قادرين على الإشراف والمتابعة وإعداد المستخلصات دون الحاجة لعقد استشاري، وعلى كل جهة حكومية اعتماد عدد من المقاولين المؤهلين وأصحاب الخبرة لديها واستبعاد المقاولين غير المؤهلين والذين لديهم ملاحظات فيما يتعلق بالتأخير وضعف الإمكانات المادية والبشرية والآلية، وعلى الجهات المالية في القطاعات الحكومية تقدير الاعتماد المالي الكافي لأي مشروع وأن يتم التقدير وفقاً للأسعار التقديرية المقدمة من الجهة المختصة في القطاع بحيث تكون حسب الأسعار السائدة، وتكون نسبة الأرباح مشجعة للمقاولين المؤهلين بالإضافة إلى عدم التأخير في صرف المستحقات المالية للمقاول أو الاستشاري دون أسباب وضرورة عقد اجتماعات قبل وأثناء تنفيذ المشروع بين الجهات ذات العلاقة (المقاول والاستشاري والجهة المالكة والإدراة المالية) لحل المشكلات أولاً بأول وعدم تركها لتصل مرحلة يصعب حلها، وبالتالي توقف أو تعثر للمشروع ومحاولة الاستغناء عن مقاولي الباطن قدر المستطاع وعدم تمكين المقاول الرئيسي من التعاقد مع مقاول من الباطن إلا بعد أن يتم التأكد من الجهة المالكة أو الاستشاري بقدرته على التنفيذ ثم يتم اعتماده، والتأكد من أن المقاول الرئيسي قام بهذا التعاقد لأسباب فنية هندسية «وليس طمعاً» في زيادة الأرباح والحزم في تطبيق الإجراءات المتعلقة بسحب المشروع من المقاول المتعثر أو المتلاعب، وأيضاً الحزم في تطبيق الغرامات المتعلقة بالتأخير في تسليم المشروع، وأيضاً الغرامات المتعلقة بسوء التنفيذ على أن تكون الإجراءات سريعة مهما كان حجم المشروع وأهميته، الاستعانة بالشركات العالمية واستقطابها لتنفيذ بعض المشاريع على أن يترافق مع وجود خبرات وطنية مؤهلة، لتكون ضمن فريق العمل مع تلك الشركات.