أتابع ما يُنشر في الجزيرة من مواضيع عن البلديات، وأقول إن الإنجازات تتكلم عن نفسها، لأن الأمانات والبلديات في سباق محمود لتدوير عجلة التقدم في شتى أرجاء الوطن، إذ قطعت أشواطاً في إنجاز معظم البنى التحتية في مواقع عدة، كما أن خدمة إعمار البيئة قد لاقت نصيبها من الإنجازات وصارت مملكتنا الغالية مضرب مثل في احتواء كل مقومات النهضة العمرانية خصوصاً الطرق السريعة بجسورها وأنفاقها، والعمل يجري على قدم وساق لإنجاز شبكة القطارات داخل المدن وخارجها. وقد اضطلعت الأمانات والبلديات في براعة هندسة التوزيع المكاني لكل المدن والقرى وعمّرت البيئة بإنشاء هندسة المتنزهات والحدائق والساحات البلدية إضافة إلى المسطحات الخضراء التي تغطي التقاطعات والجزر الوسطية للطرق، وبفضل من الله أدى الاستقرار السياسي في بلادنا إلى استمرار التطوير والنماء مما تلاحظ من التوسع المذهل في إعمار المساكن والأبراج السكنية والبنايات وكل الدور. ومن المؤكد أن البلديات تعمل في أكثر من جانب لتحسين مظهر المواقع التي هي مسؤولة عنها بكل تفان وإخلاص. ولكن الشيء الذي يحز في النفس ومن المؤلم جداً أن بعض أبناء الوطن العاقين لوطنهم يعشقون أن يحبط منسوبو البلديات وتتوقف أعمالهم عن التشييد لكي تنحصر أعمالهم على الأعمال المكتبية فقط ويتوقف تطوير الديار. ففي محافظة ضرماء وقبل سنة ونصف السنة تقريباً قامت بلدية ضرماء ببناء سوق الخضار والفواكه، وجعلوا من ذلك المشروع تحفة معمارية بطرازه المعماري الجميل وحسن توزيعه الداخلي، وقبل افتتاحه بيومين ذهب له مجموعة من الشباب أثناء الليل وحطموا كل زجاج النوافذ وأحدثوا تلفيات جسيمة في المبنى.
سؤال يطرح نفسه: لمصلحة مَنْ تلك الأعمال الإجرامية، وما هي أهدافها؟
أما المثل الثاني في الأعمال الشاذة، فقد رأيت قبل 5 سنوات مشروعاً ترفيهياً جميلاً قامت بتشييده بلدية الزلفي فوق أعلى موقع لديهم، إذ أنشؤوا فيه جلسات عائلية ومثلها للعزاب بخصوصية ممتازة، وعملوا به مراجيح للأطفال ودورات مياه للرجال والنساء ومواقع للشواء وبإمكانيات طيبة ومحببة للنفس، ووفقوا في اختيار الألوان الرحبة المناسبة لطبيعة الموقع، وأكملوا بناءه ببعض المسطحات الخضراء. وقبل أن يتمتع به أهل الزلفي هجم عليه مجموعة من أبناء الوطن المتمردين والفاسدين فكرياً وعاثوا فيه فساداً وأتلفوا محتوياته، وما عجزوا عنه بأيديهم أتلفوه بالسيارات حتى أعمدة الإنارة لم تسلم من شرورهم. فهل هؤلاء المجرمون يعتبرون أن ما قاموا به من إتلاف للممتلكات العامة متعة لهم أم أنهم مستأجرون لأداء تلك المهام القذرة؟
إنها فعلاً أفعال غريبة وتعد جحوداً للنعم ونكراناً لجميل ولاة الأمر.
آخر مسرحيات الإجرام هو إقدام مجموعة من هواة التدمير على إتلاف بعض محتويات متنزه الملك عبدالله الذي تم تشييده في مدينة الرياض، وتحديداً في حي الملز، بالرغم من أن ذلك المشروع يعد من أجمل المشاريع الترفيهية التي نفذت على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، ويعاني معظم رؤوساء البلديات من أن إنجازاتهم تتعرض للتدمير بأيد مجهولة. ومن المؤكد أنهم مواطنون، ولكن لا نعرف الأهداف والدوافع التي تشجعهم على فعل تلك الأعمال المزمومة التي ينبذها كل مواطن محب لوطنه ويغار عليه.
الأمل مقرون بالعشم في منسوبي البلديات بأن عليهم أن لا يستسلموا لأفعال أصحاب العقول المريضة، وأن يواصلوا إبداعاتهم ونشاطهم في خدمة وطنهم ومواطنيهم، ويكفيهم فخراً أن صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبدالعزيز وزير الشؤون البلدية والقروية خير سند لهم، لأنه أشد الناس حرصاً على توفير مقومات السياحة، ويحرص دائماً على دعم الأمانات والبلديات لتأدية مهامها بكل يسر وسهولة، لكي تُنجز المشاريع التي تلبي حاجة المواطن وتحسين نواحي المدن والقرى والهجر.
واستكمالاً لما أشرت إليه من التجاوزات، لماذا لا تقوم الأمانات والبلديات بإنشاء وحدات حراسة على غرار ما يعمل في البنوك، وتكون مهام تلك الوحدات حراسة المنشآت على مدار الساعة، وستكون تلك الوحدات وسيلة مساعدة لتوفير بعض الأعمال لشباب الوطن.
ختاماً أود الإشادة بما قامت به وتقوم به وكالة أمانة منطقة الرياض لشؤون بلديات المنطقة، إذ قامت بعمل التصاميم المعمارية بطرازات تتناسب وطبيعة كل محافظة ونفذت على أرض الواقع مقرات البلديات بأشكال وإبداعات تلفت الأنظار مثل مقر بلدية محافظة الدرعية، ذلك المبنى المميز الذي يستحق بأن يكون مزاراً، كما أن مبنى بلدية المجمعة يعد إضافة معمارية فريدة من نوعها، أما مبدع تلك المنشآت ومصممها فهو أحد الشباب السعوديين الذين أثبتوا مهارتهم في ذلك المجال، لأنه فعلاً جعل من إبداعاته رموزاً معمارية في كل محافظة يحكي بعضها عراقة الماضي، مربوطة بإبداعات الحاضر والمستقبل.
أمنيتي وأمنية كل مواطن بأن تكون مقرات البلديات سالفة الذكر وسائل مشجعة لكل العاملين فيها لتجديد نشاطهم وعطاءاتهم لخدمة المصلحة العامة، والله الموفق.