أعلم جيداً أن الشخصية ومقوماتها السلوكية هي من اهتمامات علم النفس التي أولاها اهتماماً علمياً ورسخ لها تأسيساً جيداً متى ما تفاعل المجتمع ومؤسساته التربوية والأكاديمية معها ولكن هذا لا يمنع من أن يقول الكاتب رؤيته وتصوراته من خلال خبرته ومعايشته فلهذا أستطيع أن أقول إن الشخصية في مجتمعاتنا العربية في معظمها مهزوزة ومزدوجة وأستطيع أن أقول إنها تصل إلى أن يلقب الشخص عند البعض منا (أبو وجهين) فعندما تجمعه الصدف بمسئول كبير يكيل إليه المدح والثناء وقبل كان عكس ذلك فتجده يقلل منه ومن أعماله وإنجازاته أيضاً عندما يلتقي بأحد المفكرين يأخذه بالأحضان ويشيد بكتاباته وإبداعاته وهو ليس مقتنعاً بها أيضاً عندما يلتقي برجل ذي وجاهه يعلي من مقامه ويصفه بأحسن الألقاب ويتناسى أنه لم يسلم هذا الرجل من لسانه وبذاءته هذه الممارسات في الشخصية المزدوجة تعيشها مجتمعاتنا العربية في حياتها كلها في المدرسة والدائرة الحكومية وفي المصنع وفي كل مكان يتواجد فيه الإنسان والتي يفترض أن تكون شخصيته هي الشخصية الرائدة لأنها مرتبطة بموروث يحمل الكثير من القيم الحضارية التي يزخر بها موروثنا الإسلامي الذي من ركائزه الشخصية المتسلحة بسلاح العلم والإيمان والتي ظاهرها مثل باطنها لا مداهنة ولا نفاق ولكن أعتقد الخلل في تربيتنا وتعليمنا التي تفتقد إلى التربية المثلى القائمة على الثقة والاحترام المتبادل وحرية الرأي فيما يطرحه المعلم مع تلاميذه وأذكر بهذه المناسبة عندما كنت طالباً في المرحلة المتوسطة والمرحلة الثانوية الحديث في السياسة خطوط حمراء وإن تحدث بها المعلم يحاول أن يموه وينقل الحديث إلى موضوع آخر توقعاً منه أن يمس الدولة ويعرضه للإحراج بالرغم أن أحاديثنا نحن الطلبة عادية جداً بل تصب في الولاء للوطن أيضاً عندما يتم مناقشة موضوع مع المعلم ويخالف توجهه تجده يغضب ويقلل من رأي الطالب الذي يخالف رؤيته كذلك عندما طالب ما يبدع في حل مسألة رياضية ولكنها تخالف الطريقة التي اعتادها المعلم في حلها يصدم الطالب من خلال طرح بعض الأسئلة المحبطة من قبل المعلم ومنها من قام بحل هذه المسألة لك؟ أخوانك، المدرس الخصوصي، مما يجعل الطالب في حيرة من أمره التي بلا شك سوف تؤثر على ملكات الإبداع عنده وربما تجعل شخصيته مضطربة فاقدة للثقة ومهيأة لتقبل الشخصية المزدوجة المتلونة فلهذا لابد إذا أردنا أن نقضي على هذه الشخصية المزدوجةن نجعل من التعليم المناخ المناسب لاحتوائها في ظل منظومة تتمثل في التربية السياسية والتربية الاجتماعية وثقافة الحوار وتكافؤ الفرص واحترام الإنسان بعيداً عن التهميش والمناطقية والقبلية بهذه الطريقة سوف تختفي ظاهرة الازدواج في الشخصية.