خلق الله الناس مختلفي المشارب والمواهب والرغبات والميول، فمن الناس من تجده يحب البيع والشراء، والأخذ والعطاء، ومنهم من يعشق السفر والسياحة في كل الدنيا، ويعد لهما العدة، فهو لا يؤوب من سفرٍ إلا ويستعد لآخر فكأنه (مكلفٌّ بفضاء الله يزرعه) ومن الناس من تكون رغبته وميوله في الزراعة وتربية المواشي والعناية بهما، فهو ينفق الأموال الطائلة في سبيل ذلك.
وبعض الناس يُعنى بالآثار والأطلال وجمع التراث، ومنهم من يميل إلى الاستزادة من طلب العلوم والمعارف والبحث العلمي وكسب الخبرات.
وفيهم من تكون ميوله في الأدب والشعر والإبداع والتأليف، ومن الناس من تكون ميوله في البناء والتعمير في الأرض، فهو همه وشغله الشاغل، أما بعض الناس فإنه يعشق عمل الخير وخدمة الآخرين بالمجان ما أمكن له ذلك. ويتفق الناس جميعاً في حبهم للمال ورغبتهم في الحصول عليه، لكنهم يختلفون في طرقهم (السوية) للحصول عليه.
إن اختلاف الميول والرغبات والهوايات لدى الناس أمر طبيعي جعله الله فيهم، ليخدم بعضهم بعضاً:
الناسُ للناس من بدوٍ وحاضرةٍ
بعضٌ لبعضٍ وإن لم يشعروا خدمُ
إنها سُنة الله في خلقه {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّة اللَّهِ تَحْوِيلًا}