خلافًا لما كان يقال سابقًا بأن الصيرفة الإسلاميَّة بالسعوديَّة مدعومة ومرغوبة فقط من الأفراد، فإنَّ المراقبين الغربيين يرون أن العائلات الثرية قد لعبت دورًا كبيرًا، خلف الكواليس، كان مُغيبًا في السابق وعادة ما تخصص البنوك الكبرى بالسعوديَّة إدارة المصرفية الاستثمارية وإدارة تمويل الشركات للنظر في أو تقديم النصح بالشؤون الماليَّة للعائلات الثرية. وتعني الترجمه الحرفية لهذه الفئة من العملاء «مكتب عائلة» (family office). وبدلاً أن تشمل الخدمات التي تقدمها البنوك إلى هذه المؤسسات إدارة العقارات ودفع الرواتب وترتيب الأمور القانونية والقيام بالحوكمة العائلية وتنسيق تقديم التبرعات للأنشطة الخيريَّة وترتيب حجوزات الطيران، تغيّر الحال قليلاً ليشمل المساعدة في إصدار الصكوك كما حصل مع مجموعة بن لادن وشركة العليان العقارية وشركة زاهد للمعدات الثقيلة.
وجاءت تلك التفاصيل الجديدة على ساحتنا المصرفية من التقرير الموسع الذي نشرته مجلة «آي اف ان»، التي تصدر من قلب العاصمة الماليزية كوالالمبور.
وتطالب العائلات الثرية بأن تقدم لها البنوك المحليَّة هياكل ومنتجات وقروضًا متطابقة مع الشريعة.
يقول جواد علي، شريك إداري مع شركة المحاماة كينق آند سبلادنق، إن «مكاتب العائلات هي التي تقود قاطرة الماليَّة الإسلامية».
ويتابع في تصريحه لمجلة «آي اف ان»: «فهم الذين يختارون بأن لا يودعوا مع البنوك التقليدية. بل إنهم وبكل بساطة أصبحوا يحددون ما الذي يجب على البنوك أن تفعل ليستقبلوا أموالهم. بعبارة أخرى، فإما أن تصبح هذه البنوك إسلامية أو أنّه يجب عليهم أن يأتوا بهيكلة متوافقه مع الشريعة لمنتجات مصرفية معينة»
الطور الثاني للمكاتب العائلية
ووفقًا للمراقبين بالشأن المصرفي السعودي فإنَّ بعض المكاتب العائلية أخذت على عاتقها نشر الصرافة الإسلاميَّة بدلاً من الاعتماد على بنوك معينة. حيث قامت هذه العائلات الثرية بإقامة بنوك استثمارية إسلاميَّة (بعضها مرخص لها من هيئة سوق المال). وتضم قائمة المساهمين هذه الأصدقاء الأثرياء لتلك العائلات الذين يملكون المليارات ويطالبون باستثمارها بطريقة إسلامية.
مطاردة البنوك
ومع هذا فإنَّ البنوك الكبرى هنا لا تبقى مكتوفة الأيدي وهي ترى قائمة المكاتب العائلية تتكاثر. يقول خبير بالسوق السعوديَّة: «عندما يجد المصرفيون الاستثماريون هذه العائلات ويعرضون عليهم فرصًا استثمارية بأوروبا أو أمريكا أو الشرق الأوسط، فإنَّ أول شيء يسألونه هو إذا ما تَمَّ هيكلة تلك الصفقة بطريقة متطابقة مع الشريعة.
وعليه فمن (البديهي) أنهَّم لن ينظروا في الفرص الاستثمارية التي تأتي من البنوك التقليدية ويتابع المصدر: «وهنا يتم الاستعانة بشركة المحاماة من قبل البنوك الذين يكونون بحاجة لإيجاد مخرج وهيكلة هذه العروض أو الصفقات بطريقة إسلاميَّة. وهذا ما يدعم الاقتصاد كلّّه».
تسليط الأضواء
ومع هذا فعملية النمو هذه ليست مدفوعة فقط بما تقوم به المكاتب العائلية. فهناك الأطراف المعتادة التي يسلّط الإعلام أضواءه عليها. أول تلك الأطراف هي الجهات الحكوميَّة والشركات التابعة للحكومة الذين أصبحوا فيما بعد أحد الأعمدة المؤسسة لسوق الصكوك السعوديَّة في بداياتها. ويتابع جواد بقوله: «قبل 10 سنوات فإنَّ هذه الأطراف كانت ستختار إصدار السندات (غير المتطابقه مع الشريعة) ولكنهم بعد الآن يعرفون أن بإمكانهم طرق أبواب أسواق المال الإسلاميَّة عبر إصدار الصكوك التي سيتم تغطية اكتتابها في 5 دقائق»
«من وجهة نظرنا»، والحديث لجواد، «فإن جميع المعاملات التي ننظر بها في المملكة إما أن تكون متطابقة مع الشريعة بشكل كامل أو هناك شرائح (tranches) إسلامية بها».
ويتابع المحامي الذي يعمل بكينق آند سبلادنق: « قبل ثلاث سنوات كانت هناك العديد من الصفقات غير الإسلامية- فمن بين 12 صفقة كان هناك 3-4 صفقات تَمَّ هيكلتها بطريقة إسلامية.
أما الآن فنصيب التعاملات المتطابقة مع الشريعة يصل إلى 10 من إجمالي 12».